الكاتب الصحفى طه خليفة يكتب:ماذا وراء زيارة وزير الدفاع السعودى إلى ايران

وزير الدفاع السعودي قام يوم الخميس 17 أبريل 2025 بزيارة إلى إيران، فمن هو هذا الوزير أولاً؟.
هو الطيار خالد بن سلمان، 37 عاماً، أحد أبناء الملك سلمان، وشقيق ولي العهد محمد بن سلمان، وكان سفيراً لبلاده في أمريكا.
دعك من موضوع السن الصغيرعلى هذه المناصب الكبيرة، فهذا هو المعهود في الملكيات الوراثية الخليجية.
وأبناء وأشقاء الحاكم سواء كان ملكاً، أو أميراً، أو سلطاناً، يتولون المناصب الرفيعة والحساسة والمهمة بغض النظر عن موضوع السن، وربما الكفاءة، علماً أنهم يتلقون تعليماً خاصاً في مدارس راقية، وفي كليات أرقى.
وكل أبناء الحكام في الخليج، أو معظمهم، يحصلون على تعليم عسكري في كليات معروفة في بريطانيا وأمريكا وفرنسا، وأشهرها كلية ساندهيرست العسكرية البريطانية التي يتخرج فيها عدد كبير من أبناء تلك الأسر.
وزير الدفاع في السعودية منصب مهم، وهو عموماً منصب حساس في كل بلدان العالم، خاصة بلدان الجنوب التي تغيب فيها الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة، لهذا لابد أن يكون وزير الدفاع شخصاً موثوقاً جداً فيه، ففي يديه أدوات القوة العسكرية.
هذه أول زيارة لوزير دفاع سعودي إلى إيران منذ الثورة الإيرانية عام 1979.
ومعروف أن علاقات بلدان الخليج توترت مع إيران عقب نجاح ثورتها وسقوط الشاه، وهذه الدول خشيت تصدير إيران لثورتها ذات اللون الطائفي الشيعي إليها.
ودول الخليج فيها كتل سكانية شيعية مهمشة بدرجة أو أخرى، وفي السعودية تحسنت أوضاع الشيعة كثيراً خلال السنوات الأخيرة، وقد اندفع الرئيس العراقي صدام حسن لبدء حرب مع إيران استمرت 8 سنوات، ودعمته دول الخليج كثيراً في هذه الحرب التي انتهت دون شيئ إلا خسائر بشرية كبيرة، ودمار البلدين، وتعطل التنمية فيهما، والعداء الشديد بين إيران من جهة وبين العراق وبلدان الخليج من جهة أخرى.
هناك توترت وأزمات قديمة متواصلة بين إيران والسعودية، ويحدث أن تتحسن العلاقات ثم تتدهور، لكن في 10 مارس 2023 تم توقيع اتفاق في بكين بين البلدين لاستئناف العلاقات الدبلوماسية، ومنذ هذا الوقت والعلاقات هادئة، فلا حروب إعلامية، ولا تصعيد، وزيارة وزير الدفاع اليوم لـ إيران ولقاءه مع المرشد الأعلى خامنئي والرئيس بزشكيان ورئيس هيئة الأركان ورئيس مجلس الأمن القومي تصب في اتجاه تطوير العلاقات.
هناك وجهان للزيارة:
الأول: أنها تقتصر على العلاقات الثنائية بين البلدين، وأن السعودية تبلغ إيران أنه فيما لو حدث تطور معاكس وفشلت مفاوضات النووي مع أمريكا فلن يكون لها علاقة بأي ضربة عسكرية لها، وأنها لن توافق على استخدام أراضيها لهذا الغرض وذلك تجنباً لرد انتقامي إيراني على القواعد والمصالح الأمريكية في السعودية ودول الخليج الأخرى.
الثاني: أن السعودية تحمل رسالة أمريكية خاصة وخطيرة لإيران بضرورة التوصل لاتفاق نووي مقابل حوافز أمريكية ورفع العقوبات وإعادة دمج إيران في المجتمع الدولي، وأن الفشل في هذا المسار سينتج عنه رد أمريكي عسكري عنيف.
في كل الأحوال اتصور أن الرياض تريد تثبيت رسالة أساسية موجهة من ملك السعودية إلى المرشد الإيراني بأنها ستكون بعيدة عن أي استهداف عسكري أمريكي فيما لو تم ذلك لا قدر الله.
يذهب الوزير السعودي إلى طهران بمعنويات مرتفعة نابعة من معنويات بلاده المرتفعة كذلك، بعد الذي أنجزه أحمد الشرع ومسلحيه في سوريا بإسقاطهم الأسد ونظامه، وبالتالي وضع نهاية للتواجد الإيراني في سوريا، وكان هذا التواجد يؤرق السعودية وبلدان الخليج لأنه يجعلها في قلب المنطقة العربية ويحولها إلى فاعل أساسي في واقع المنطقة، وهو فاعل سلبي غالباً.
الشرع قدم أعظم خدمة للسعودية بأن خلص بلاده من الإيرانيين، مثلما قدمت إسرائيل خدمة كبيرة لأطراف لبنانية وعربية ودولية بكسر حزب الله ودفعه للتقوقع داخل لبنان.
السبت 19 أبريل 2025 يلتئم اللقاء الثاني الإيراني الأمريكي في روما بشأن مفاوضات النووي بوساطة عمانية بعد اللقاء الأول الذي احتضنته مسقط، وترامب يتعجل إنجاز اتفاق كبير في وقت سريع لتسويقه داخل أمريكا وعالمياً والتأكيد أن تهديداته وضغوطاته تحقق نجاحات مذهلة مثلما يروج حالياً لمسألة التعريفات الجمركية حيث يقول إن البلدان كلها تأتي للتفاوض معه.
هذه هي طبيعة ترامب، وضمن هذه الطبيعة أيضاً اتخاذه قرارات عنيفة، ففي لحظة قد يبدأ قصف إيران بكل شراسة إذا ما فشلت مفاوضات النووي، وهنا تبرز أهمية زيارة وزير الدفاع السعودي فهي ليست بعيدة عن هذا الموضوع، بل هي صلب الموضوع.