الشيخ محمدالسيدمتولى يكتب: مكانة سيناء الحبيبة بين الحرمين الشريفين والأقصى

من حكمة الله تعالى أنه فضّل بعض الأزمنة على بعضها وفضل بعض الأمكنة على بعضها وفضل بعض الرسل على بعض قال تعالى ( تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ ۘ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللَّهُ ۖ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ ۚ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ ۗ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِن بَعْدِهِم مِّن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَٰكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُم مَّنْ آمَنَ وَمِنْهُم مَّن كَفَرَ ۚ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ (٢٥٣))سورة البقرة ( ٢٥٣ )
ومن الأماكن التى فضلها الله تبارك وتعالى ١ - مكة المكرمة : حيث أن فيها أول بيت وضع للناس وهو بيت الله الحرام ( الكعبة المشرفة ) وفيها ولد المصطفى صلى الله عليه وسلم وفيها نشأ وتربى ، وهى مهبط الوحى على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم .
٢ - المدينة المنورة : التى هاجر إليها النبي صلى الله عليه وسلم بأمر من الله تعالى وهاجر المسلمون كذلك وهى التي آوت رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام وفيها انطلقت شرارة الدعوة الإسلامية على وسعها وبها مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم الذى جاء في فضله أن الصلاة فيه تعدل ألف صلاة فى ما سواه من مساجد الأرض دون الكعبة والمسجد الأقصى ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال ( صلاةٌ في مسجدِي هذا خيرٌ من ألفِ صلاةٍ في ما سواه إلا المسجدَ الحرامَ، وصلاةٌ في المسجدِ الحرامِ أفضلُ من مائةِ صلاةٍ في مسجدِي هذا ) رواه البخاري ومسلم .
وكذلك المدينة المنورة بها قبر النبي صلى الله عليه وسلم أطهر بقعة على وجه الأرض .
٣ - فلسطين : الأرض المقدسة بها المسجد الأقصى الذى فيه من الفضل ما لا يوجد فى غيره من المساجد إلا المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف .
قال الله تعالى فى حق المسجد الأقصى ( سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) سورة الإسراء ( ١ )
قال باركنا حوله فكيف بالمسجد ذاته ؟!
ومن الأماكن التي فضلها الله تعالى وشرفها هى أرض سيناء الحبيبة حيث أن لها مكانة ومنزلة لا تقل أهمية عن بلاد الحرمين الشريفين والمسجد الأقصى ، وصفها الله تعالى بالأرض المباركة قال تعالى حكاية عن قصة سيدنا موسى الكليم عندما رجع من مدين إلى مصر ( ۞ فَلَمَّا قَضَىٰ مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِن جَانِبِ الطُّورِ نَارًا قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِّنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ (٢٩) فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِن شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَن يَا مُوسَىٰ إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (٣٠) سورة القصص .
فسماها الله بالأرض المباركة ، وهى المكان الذى تجلى الله سبحانه وتعالى فيه على سيدنا موسى عندما طلب من الله عز وجل رؤيته ، قال تعالى ( وَلَمَّا جَاءَ مُوسَىٰ لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ ۚ قَالَ لَن تَرَانِي وَلَٰكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي ۚ فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَىٰ صَعِقًا ۚ فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ (١٤٣) سورة الأعراف .
فيها وادى ( طوى ) سماه الله تعالى بالوادِ المقدس ، قال تعالى ( وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَىٰ (٩) إِذْ رَأَىٰ نَارًا فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى (١٠) فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ يَا مُوسَىٰ (١١) إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ ۖ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى (١٢) سورة طه .
أقسم الله تعالى بها وبجبل الطور الذى موقعه فيها قال تعالى ( وَالطُّورِ (١) وَكِتَابٍ مَّسْطُورٍ (٢) فِي رَقٍّ مَّنشُورٍ (٣) وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ (٤) وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ (٥) وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ (٦) إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ (٧) ) سورة الطور .
وقال تعالى ( وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (١) وَطُورِ سِينِينَ (٢) وَهَٰذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ (٣) لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (٤) ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ (٥) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (٦) فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ (٧) أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ (٨) سورة التين .
سيناء تتميز بموقع جغرافي عظيم مما أدى ذلك إلى الطمع فيها .
شبه جزيرة سيناء أو سيناء تُلقّب بأرض الفيروز، هي شبه جزيرة صحراوية مثلثة الشكل تقع غرب آسيا، في الجزء الشمال الشرقي من جمهورية مصر العربية، وهي الجزء الوحيد من مصر الذي يتبع قارة آسيا جغرافيًّا، تبلغ مساحتها حوالي 60088 كيلومتر مربع، تمثل نسبة 6% من مساحة مصر الإجماليّة، يحدها شمالًا البحر الأبيض المتوسط وغربًا خليج السويس وقناة السويس، وشرقًا فلسطين التاريخية (قطاع غزة وإسرائيل)، وخليج العقبة، وجنوبًا البحر الأحمر، وهي تُعتبر حلقة الوصل بين قارتيّ أفريقيا وآسيا، يبلغ عدد سكان شبه جزيرة سيناء ما يقارب مليون وأربعمائة ألف نسمة حسب إحصائيات عام 2013.
بها أهم المزارات الدينية والسياحية على مستوى العالم أبرزها شرم الشيخ، دهب، رأس سدر، طابا، نويبع، محمية رأس محمد، محمية نبق، محمية طابا، دير سانت كاترين، حمام موسى، حمام فرعون، وجبل موسى وهو الجبل الذي كلّم عليه النبي موسى ربه وتلقّى الوصايا العشر وذلك وفقًا للديانات الإبراهيمية.
تُعد شبه جزيرة سيناء المورد الأول للثروة المعدنية في مصر يتدفق من أطرافها الغربية البترول ومن شرقها النحاس والفوسفات والحديد والفحم والمنجنيز واليورانيوم والفلسبار .
وفوق كل ذلك هى المأوى الأخير الذى يأوى إليه سيدنا عيسى عليه السلام وكل من آمن بالله عز وجل في آخر الزمان بعد ظهور علامات الساعة الكبرى تحديداً عند خروج يأجوج ومأجوج .
عن النواس بن سمعان رضي الله عنه أنه ذكر لنا قول النبى صلى الله عليه وسلم عن الساعة وفيه ( ثمَّ يأتي نبيُّ اللَّهِ عيسى، قومًا قد عصمَهُمُ اللَّهُ، فيَمسحُ وجوهَهُم، ويحدِّثُهُم بدرجاتِهِم في الجنَّةِ، فبينَما هم كذلِكَ إذ أوحى اللَّهُ إليهِ: يا عيسى إنِّي قد أخرَجتُ عبادًا لي، لا يَدانِ لأحَدٍ بقتالِهِم، وأحرِزْ عبادي إلى الطُّورِ، ويبعَثُ اللَّهُ يأجوجَ، ومَأجوجَ، وَهُم كما قالَ اللَّهُ: مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ، فيمرُّ أوائلُهُم على بُحَيْرةِ الطَّبريَّةِ، فيَشربونَ ما فيها، ثمَّ يمرُّ آخرُهُم فيَقولونَ: لقد كانَ في هذا ماءٌ مرَّةً، ويحضر نبيُّ اللَّهِ وأصحابُهُ حتَّى يَكونَ رأسُ الثَّورِ لأحدِهِم خيرًا مِن مائةِ دينارٍ لأحدِكُمُ اليومَ، فيرغَبُ نبيُّ اللَّهِ عيسى وأصحابُهُ إلى اللَّهِ، فيُرسِلُ اللَّهُ عليهمُ النَّغفَ في رقابِهِم، فيُصبحونَ فَرسَى كمَوتِ نَفسٍ واحِدةٍ، ويَهْبطُ نبيُّ اللَّهِ عيسى وأصحابُهُ فلا يجِدونَ موضعَ شبرٍ إلَّا قد ملأَهُ زَهَمُهُم، ونَتنُهُم، ودماؤُهُم، فيرغَبونَ إلى اللَّهِ، فيرسلُ عليهم طيرًا كأعناقِ البُختِ، فتحمِلُهُم فتطرحُهُم حيثُ شاءَ اللَّهُ، ثمَّ يرسِلُ اللَّهُ علَيهِم مطرًا لا يُكِنُّ منهُ بيتُ مَدَرٍ ولا وبَرٍ، فيغسِلُهُ حتَّى يترُكَهُ كالزَّلقةِ، ثمَّ يقالُ للأرضِ: أنبِتي ثمرتَكِ، وردِّي برَكَتَكِ، فيومئذٍ تأكلُ العصابةُ منَ الرِّمَّانةِ، فتُشبعُهُم، ويستظلُّونَ بقِحفِها، ويبارِكُ اللَّهُ في الرِّسْلِ حتَّى إنَّ اللِّقحةَ منَ الإبلِ تَكْفي الفِئامَ منَ النَّاسِ، واللِّقحةَ منَ البقرِ تَكْفي القبيلةَ، واللِّقحةَ منَ الغنمِ تَكْفي الفخِذَ، فبينما هم كذلِكَ، إذ بعثَ اللَّهُ عليهم ريحًا طيِّبةً، فتأخذُ تَحتَ آباطِهِم، فتقبِضُ روحَ كلَّ مسلمٍ، ويبقى سائرُ النَّاسِ يتَهارجونَ، كما تتَهارجُ الحُمُرُ، فعلَيهِم تقومُ السَّاعةُ ) رواه مسلم .
** فهى المأوى لكل المؤمنين فى الدنيا مما جعل الطمع فيها كبير لذلك أعداء هذه الأرض أكثر من سكانها,.
الكاتب
إمام وخطيب ومدرس بوزارة الأوقاف
وعضو لجنة الدعوة الإسلامية بمحافظة الشرقية