وكالة «فارس»: استهداف اجتماع يضم «بزشكيان» يكشف دقة المعلومات التي امتلكتها تل أبيب

كشفت وكالة أنباء «فارس» الإيرانية، عن تفاصيل جديدة بشأن محاولة إسرائيل اغتيال القادة السياسيين في إيران، بينهم الرئيس مسعود بزشكيان، خلال الحرب التي شنتها تل أبيب على إيران في 13 يونيو الماضى، واستمرت لمدة 12 يومًا.
وفى الأيام الأولى من الحرب الإسرائيلية- الإيرانية، استهدف هجوم إسرائيلى اجتماعًا للمجلس الأعلى للأمن القومى في إيران، والذى كان يضم رؤساء السلطات الثلاث.
ووفقًا لوكالة «فارس» وقع الهجوم قبل ظهر يوم 15 يونيو الماضى، واستهدف اجتماعًا للمجلس الأعلى للأمن القومى في إيران بحضور رؤساء السلطات الثلاث ومسؤولين كبار آخرين، وعقد في الطوابق السفلى لمبنى في غرب طهران، وتم ترتيب هذا الهجوم على غرار عملية اغتيال الأمين العام لحزب الله اللبنانى، حسن نصر الله، واستخدم خلاله 6 قنابل أو صواريخ، استهدفت منافذ الدخول والخروج للمبنى لقطع طرق الخروج وإيقاف تدفق الهواء. وبعد حدوث الانفجارات، انقطع التيار الكهربائى في الطابق المذكور لكن المسؤولين المجتمعين تمكنوا من الخروج من المبنى باستخدام فتحة طوارئ كانت قد أعدت مسبقًا، وأصيب بعض المسؤولين بجروح طفيفة في أقدامهم أثناء الخروج، بينهم الرئيس الإيرانى، مسعود بزشكيان.
وذكرت الوكالة الإيرانية أنه نظرًا لدقة المعلومات الاستخباراتية التي امتلكها العدو (إسرائيل) في هذا الهجوم، يجرى التحقيق في احتمال وجود عناصر عميلة متغلغلة، وهذا الحادث يظهر أن العدو يستخدم كل الوسائل الممكنة، بما في ذلك اغتيال كبار المسؤولين، لضرب الأمن القومى الإيرانى.
وأكد الدكتور علاء السعيد، الخبير في الشؤون الإيرانية، أن الأحداث الأخيرة التي شهدت إصابة الرئيس الإيرانى أثناء محاولته الفرار من موقع استُهدف فيه اجتماع للقيادة العليا، تشكل تحولًا جذريًا في المشهد الإقليمى، وتكشف عن قدرات استخباراتية إسرائيلية متقدمة.
وصرح «السعيد» : «فى ظل التطورات المتسارعة على المسرح الإقليمى وما تم الإعلان عنه من إصابة الرئيس الإيرانى أثناء محاولته الفرار من موقع استهدف فيه اجتماع للقيادة العليا، يتبلور أمامنا مشهد صادم يعيد ترتيب سلم أولويات التقدير الاستراتيجى فيما يتعلق بقدرات أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية وحدود التماس الفعلى مع العمق الإيرانى». وأضاف أن استهداف اجتماع على هذا المستوى القيادى وفى توقيت دقيق يكشف معرفة مسبقة بالمكان والزمان والتفاصيل التشغيلية، ويؤشر بما لا يدع مجالًا للشك إلى أن جهاز الموساد الإسرائيلى نجح في اختراق مستويات حساسة في الدولة الإيرانية ليس فقط في الأطراف بل في قلب مركز القرار.
وأشار إلى أن هذه الحادثة ليست معزولة عن السياق العام بل هي امتداد طبيعى لمسار طويل من الاختراقات التي بدأت باغتيال علماء نوويين ثم قادة فيلق القدس ثم استهداف منشآت عسكرية في العمق، وانتهت مؤقتًا إلى استهداف رئيس الدولة ذاته، فالصورة التي خرجت للعلن- رئيس دولة يصاب أثناء محاولة الهروب وقيادات عليا تُستهدف في اجتماع مغلق- تعنى ببساطة أن جدران السرية الإيرانية قد تهاوت، وأن أطرافًا داخلية على الأرجح سهلت المهمة، سواء عن علم أو عبر اختراق غير مباشر، ومن ثم فإن التحول النوعى في أسلوب المواجهة الإسرائيلى مع إيران من الحرب بالوكالة إلى الاغتيال السياسى المباشر ينذر بمرحلة جديدة عنوانها الأبرز تفكيك رأس النظام لا أطرافه وضرب الرأس قبل الجسد..
على صعيد متصل، قال الدكتور على الأعور، الخبير في الشؤون الإسرائيلية، أستاذ حل النزاعات الدولية، إن جهاز الموساد الإسرائيلى نفّذ عمليات تجسس واغتيالات داخل إيران لسنوات عبر شبكة عملاء معارضين وتقنيات متطورة، مشيرًا إلى أن الهدف كان «استعادة هيبة إسرائيل» بعد ضربات 7 أكتوبر 2023. وقال الأعور إن الموساد عمل بحرية داخل إيران عبر شركات وهمية ومصانع سرية لإنتاج الطائرات المسيرة، وتجنيد عملاء إيرانيين وأجانب، خاصة من المعارضة التي اعتقدت أن التعاون مع الموساد سيُسقط النظام، وتنفيذ اغتيالات مبرمجة، منها قتل عالم الذرة «زاد» في طهران من المسافة صفر، وضباط كبار في الحرس الثورى، واستغلال التكنولوجيا المتقدمة التي تتيح تتبع تحركات القيادات الإيرانية، بمن في ذلك المرشد الإيرانى، على خامنئى، والرئيس الإيرانى، بل وحتى مواقع اجتماعاتهم السرية. وأوضح أن الضربة الإسرائيلية الأخيرة التي استهدفت الرئيس الإيرانى وقادة كبار جاءت لتعويض فشل المخابرات الإسرائيلية الذي ظهر بعد هجوم «طوفان الأقصى»، وإرسال رسالة بأن إيران «ستدفع الثمن» لدعمها حماس، وفق الرواية الإسرائيلية، واستعادة هيبة جيش الاحتلال الإسرائيلى بعد الصدمة التي تسببت بها حماس.