صبحى السيد: الفنان كيان واحد لا يتجزأ والطبيعة أثرت فى تكوينى

قال الدكتور صبحي السيد خلال ندوة تكريمه بالمهرجان القومي للمسرح المصرى: الفنان كيان واحد لا يتجزأ، منذ لحظة ميلاده، بل منذ أن تلامس بشرته قطرات الندى الأولى، فأنا قد وُلدت فى الريف، فى قرية صغيرة بمحافظة المنوفية، وكانت الطبيعة من حولى فى كل مكان، كانت مدرستى الأولى، مدرسة التأمل، التأمل بطبيعته يطرح أسئلة لا تنتهي، وكلما زادت الأسئلة، زادت الحاجة إلى البحث عن إجابات.
وتابع: كنتُ شغوفًا بالرسم طوال حياتي، أرسم في كل مكان، في كتبي، على هوامش دفاتري، أذكر عندما كنت في الصف الأول الثانوي، وكانت مدرستي كبيرة تضم نحو ألفي طالب، اكتشفت حجرة التربية الفنية في اليوم الأول، وكأنني عثرت على كنز دفين، اخترت أكبر لوحة داخل الأتيليه وبدأت الرسم. على مدار ثلاثة أيام كنت أرسم دون أن يلاحظني أحد، وفي اليوم الخامس، تساءلت: هل لهذه الحجرة صاحب؟! وفجأة، في اليوم الخامس شعرت أن أحدًا خلفي، توترت، لكنني سمعت صوتًا مطمئنًا يقول: "لا تقلق على الإطلاق"، وكانت تلك اللوحة هي أول عمل يُعلّق في حجرة المدير، ومن بعدها أصبحت "فنان المدرسة"، حتى عندما كنت أذاكر، كنت أختار الحدائق، وفي قراءتي عن فان جوخ، كنت أرى نفسي فيه، وأشعر أنني أعيش عالمه
وحين التحقت بمعهد الفنون المسرحية، توقفت عن الرسم. وجدت وسيلة أخرى للتعبير، وهي الدراما. توقفت عن الرسم لمدة عامين، حتى فهمت تلك الوسيلة الجديدة. وعندما عدت للرسم، كان زملائي يتساءلون: "ما هذه الشخبطة؟"، لكنني كنت أعلم أن قراءة الدراما وفهم الإخراج يمنحان الفنان مفاتيح أخرى للرؤية.
واسترسل: الكثير يتعجب أنني أصمم الديكور، والملابس، وأحيانًا الإضاءة، لكن أتقاضى أجر الديكور فقط. لأن في بعض العروض، حين تكون مسؤولًا عن إيقاع العمل ككل، ترى الصورة مكتملة. مثلًا، في عرض “الموت وفارس الملك”، وهو عرض أفريقي وكان أول تعاون لي مع المخرج أحمد عبد الجليل،حين قدمت له الاسكتش، قال لي: “الديكور مزدحم”. وبعدها، تواصلت معي الدكتورة هدى وصفي، وكانت حينها مديرة المسرح، وقالت لي: “اترك العرض، لسنا بحاجة إليك”. فقلت لها: “هذا العرض له مخرج، هو وحده من يقرر استمراري أو رحيلي”. ذهبت إلى المخرج، فقال لي: “انسَ كل شيء، أنا متمسك بك”. وبعد أن شاهدت البروفة، تحدثت معه بصراحة، ووضعت يدي على سبب الخلاف بيننا، وتجاوزنا الأزمة، وتمكّنا من تركيب الديكور كما ينبغي، وبعدها هنأتني دكتورة هدى وهي بالمناسبة لها معزة كبيرة لدي، ولكني حينها قولت لها مابيني وبينك الديكور فقط.