بعد عودة رئيس الحكومة اليمنية .. عدن على صفيح ساخن والدماء تختلط بتراب كريتر
اندلعت في العاصمة المؤقتة عدن جنوب اليمن أمس (السبت) اشتباكات عنيفة بين فصائل من قوات الدعم والإسناد التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى وتسببت فى حالة كبيرة من الهلع بين سكان أحياء مديرية «كريتر» التي شهدت مسرح الجريمة المؤسفة .
ومن جانبها وصفت المصادر السياسية في المحافظة الأحداث بأنها مواجهات بين القوات التابعة للإنتقالي والفصائل التابعة للانتقالي والتى اختلفت معه مؤخرا مما أدى إلى إندلاع هذه الاشتباكات العنيفة وأكد شهود العيان أن هناك ضرر ألحق بالعديد من منازل المدنيين ومتاجرهم وسياراتهم جراء الاشتباكات التي خلفت أيضاً نحو 6 قتلى ونحو 30 جريحاً بينهم مدنيون.
وبحسب ما أفادت به مصادر بالعاصمة المؤقتة فإن الاشتباكات حدثت بين قوات تتبع قوات الأمن في عدن مدعومة بكتائب تسمى بقوات «العاصفة» في مواجهة قوات تتبع القائد لواء 20 قوات الدعم والإسناد» إمام النوبي، وكل القوات المتناحرة محسوبة على المجلس الانتقالي الجنوبي.
هذه الصراعات بين عناصر الإنتقالي جاءت بعد أيام فقط من عودة رئيس الحكومة اليمنية الدكتور معين عبد الملك إلى العاصمة المؤقتة عدن حيث يقيم مع عدد من الوزراء في القصر الرئاسي«معاشيق» الواقع في جنوب العاصمة المؤقتة عدن بالقرب من مديرية كريتر التي شهدت المواجهات المؤسفة التي استخدمت خلالها الأسلحة الرشاشة المتوسطة والخفيفة والعربات المدرعة .
وبناءا على هذه الفوضى العارمة التى تسببت فيها العناصر الخارجة عن القانون والمحسوبة على الإنتقالي فقد أصدرت اللجنة الأمنية والتي يرأسها محافظ عدن أحمد حامد لملس بياناً دعت فيه السكان في مديرية كريتر للبقاء في منازلهم. وقالت إن القوات من أمن عدن وقوات مكافحة الإرهاب تقوم «بتطهير المدينة من بعض المجاميع والبؤر الإرهابية الخارجة عن النظام والقانون».
وجاء في البيان أن «اللجنة الأمنية بعدن لن تتهاون مع أي جهة تحاول المساس بأمن المدينة ومواطنيها وترويع الآمنين ورفع السلاح في وجه السلطة». كما اتهم البيان «تلك المجاميع» بأنها «تسعى لزعزعة أمن واستقرار البلاد مستخدمة الأسلحة الثقيلة والمتوسطة في حربها ضد المدينة».
وقال البيان إن اللجنة الأمنية «تتعهد بحماية الممتلكات الخاصة والعامة التي كانت عرضة للسلب والنهب خلال الأيام الماضية على أيدي تلك المجاميع الخارجة عن القانون ضمن مخطط لخلط الأوراق وسحب المدينة إلى الفوضى والتخريب».
من جهته قال محافظ عدن أحمد لملمس في تصريحات نقلتها عنه «قناة الغد المشرق» الإماراتية إن اللجنة الأمنية «لن تتهاون في حفظ أمن واستقرار المواطنين»، لافتا إلى وجود من وصفهم بـ«مجاميع مسلحة من قوات الدعم والإسناد خارجة عن النظام والقانون يتم التعامل معها بحزم لضمان مصالح الناس ،العامة والخاصة».
وأكد «سيتم تأمين المنطقة بالكامل ولا يوجد هناك ما يقلق وما يدعو لمخاوف المواطنين، ونرجو من أبناء عدن أن يكونوا عوناً وسنداً للقوات الأمنية».
وبحسب الروايات المتداولة عن أسباب المواجهات، فقد قام مسلحون يتبعون القيادي إمام النوبى لواء 20 الدعم والإسناد باقتحام قسم شرطة كريتر يوم الخميس الماضى لإطلاق معتقلين من المحسوبين على قواته ، كما أقدمت قوات القيادى النوبى على اعتقال أحد عناصر الشرطة وإخفاءه بجهة مجهولة .
وعلى الفور أصدر قسم شرطة كريتر بياناً، اتهم فيه «أفراداً تابعين للقيادي إمام الصلوي المعروف بـ«النوبى» بمحاصرة شرطة كريتر في المداخل والمخارج من كل الاتجاهات، بالمدرعات والعربات. وبأنهم «قاموا باختطاف الملازم عواد السيد نائب رئيس قسم التحري بشرطة كريتر، ولم تصل أي تعزيزات لأفراد الشرطة».
وأعلن منتسبو قسم الشرطة في البيان تعليق عملهم حتى يتم الإفراج عن زميلهم المختطف ودعم القسم بالأفراد والعتاد لمواجهة المسلحين.
وقد أعادت المواجهات الأذهان إلى موجات العنف التي شهدتها المدينة عدن منذ تحريرها من قبضة الميليشيات الحوثية بما في ذلك الصراع بين قوات المجلس الانتقالي الجنوبي والقوات الموالية للحكومة الشرعية فى أغسطس 2019والذى أسفر عن طرد الحكومة الشرعية من عدن وإعلان الإنتقالي للحكم الذاتي ودخل الطرفان فى تفاوضات أسفرت عن إتفاق الرياض الذي تم عرقلة تنفيذ بنوده بالرغم من أنه قسم المناصب بين الشرعية والإنتقالي بما أسموها بحكومة المناصفة ، يرى العديد من المراقبين الدوليين أن استقرار المحافظة لن يتحقق إلا مع استكمال تطبيق «اتفاق الرياض» في شقه الأمني والعسكري بما يضمن إعادة نشر القوات وهيكلتها وتوحيد عملها.
وذكر شهود من كريتر أن الاشتباكات تركزت في منطقة الميدان وبالقرب من أحياء الطويلة وجولة الفل والشارع الرئيسي، وأنها تواصلت بشكل متقطع طيلة يوم أمس (السبت) وسط توارد تعزيزات لقوات الأمن وكتائب العاصفة.
كما أفادت المصادر أن من بين الجرحى قائد قوات الحزام الأمني في مدينة عدن العميد جلال الربيعي، الذي أصيب بجروح بالرأس ، إلى جانب النقيب أشرف طاهر الشعيبي وصحفى كان معه بالمصفحة .
وكان الشارع العدني استبشر بعودة رئيس الحكومة معين عبد الملك إلى عدن حيث يتطلع الجميع إلى تدابير تقود إلى وقف التدهور الاقتصادي وتحسين الخدمات التى تنقطع بشكل مستمر من ماء وكهرباء ومن أجل تحقيق الأمن.
ولم يظهر معين عبد الملك منذ عودته الثلاثاء الماضي في أي نشاط في مدينة عدن باستثناء لقاء عقده مع قيادات وزارة المالية والبنك المركزي اليمني حيث شدد على إدارة الموارد بأدوات الدولة.
وكانت عودته إلى المدينة قد شهدت ترحيباً دولياً، حيث شدد بيان مشترك لسفراء مجموعة «الرباعية» التي تضم السعودية والإمارات وبريطانيا وأمريكا، على أهمية دعم الحكومة اليمنية لتحقيق الأمن والاستقرار وتقديم الخدمات الأساسية.
وقال البيان: «إنه لمن المهم أن يتم دعم الحكومة بالكامل لتحقيق الأمن والاستقرار، وتقديم الخدمات الأساسية، بما في ذلك الإصلاحات الاقتصادية، التي يحتاجها الشعب اليمني بشدة».
وحول الوضع الاقتصادي المتدهور، شدد البيان على ضرورة السماح للحكومة باستئناف عملها من عدن. وحث جميع الأطراف على الوفاء بالتزاماتهم والعمل معاً بشكل بناء نيابة عن الشعب اليمني لتنفيذ «اتفاق الرياض».
