بوابة الدولة
بوابة الدولة الاخبارية

م. أحمد محمد فكري زلط يكتب :هُنا سيناء أرض الفيروز

م. أحمد محمد فكري زلط
-

من الفيروز أخذت صفتها، إنها سيناء .. أرض الأنبياء ومعبر الديانات السماوية. كرمها الله تعالى بذكرها في القرآن الكريم، وكرمها بعبور الأنبياء أرضها قاصدين وادي النيل. عبرها الخليل إبراهيم عليه السلام، وعاش فيها كليم الله موسى بن عمران، وفيها تلقى الألواح من ربه. كما عبرها السيد المسيح والسيدة مريم عليهما السلام إلى مصر. تاريخها حافل بالأمجاد والبطولات، فعلى رمالها دارت أشهر المعارك. موقعها الجغرافي بين البحر المتوسط شمالًا (بطول 120 كيلومترًا)، وقناة السويس غربًا (بطول 160 كيلومترًا)، وخليج السويس من الجنوب الغربي (بطول 240 كيلومترًا)، ثم خليج العقبة من الجنوب الشرقي والشرق (بطول 150 كيلومترًا). هذا الموقع الجغرافي الاستراتيجي لأرض سيناء هو كلمة السر في تاريخها ومستقبلها، فهي حلقة الوصل بين آسيا وأفريقيا، ومعبر بين حضارات العالم القديم في وادي النيل ودلتا نهري دجلة والفرات وبلاد الشام. هُنا سيناء، هُنا التاريخ العريق الذي سطرته تضحيات المصريين لحماية هذه الأرض. فهي البوابة الشرقية لمصر وحصن الدفاع الأول الذي تحطمت عليه أطماع الغزاة المتطلعين لنهب خيرات المنطقة. ومن يستقرئ التاريخ ويستعرض فصوله يجد هذه الحقيقة ماثلة أمام عينيه، بداية من هجوم الهكسوس على بلادنا، ووقوف أحمس في مواجهتهم بجنود مصر الأوفياء، وصولًا إلى حرب العزة والكرامة والنصر واسترداد الأرض في أكتوبر 1973. ها هو التاريخ يعيد نفسه، وتؤكد مسيرة الأيام أن أرض الفيروز مطمع للأعداء، ويتطلع كثيرون للاستيلاء عليها والتقدم نحو السيطرة وفرض الإرادة على مصرنا العزيزة. ولعله لا يغيب عن خاطرنا تلك الأسطورة التي تتردد على ألسنة الصهاينة - من النيل إلى الفرات - ومطامعهم التي لا تتوقف لتحقيق هذه الأهداف. ألوان كثيرة من المكر والخداع والتربص للاستيلاء على هذه الأرض المباركة وتدبير المؤامرات لتحقيق الأهداف الخبيثة. هُنا سيناء، الشرف الذي إن مسه الغريب، خرجت مصر عن بكرة أبيها تنتقم. ابحثوا في أرض سيناء عن حنان أرضها على السيدة العذراء وابنها سيدنا عيسى عليه السلام، حينما شرفوها بالرحلة المقدسة. ابحثوا عن أثر الصحابة الأطهار الذين مروا بها مع سيدنا عمرو بن العاص من ناحية الشام نحو رفح ثم العريش ثم الفرما شمال القنطرة الحالية، عام 639 ميلادية. إنها الأرض التى تجلي عليها الله عندما كلم موسي عليه السلام يقول الكاتب المصري جمال حمدان في كتابه "أهمية سيناء الاستراتيجية": "إن تكن مصر ذات أطول تاريخ حضاري في العالم، فإن لسيناء أطول سجل عسكري معروف في التاريخ تقريبًا، ولو أننا استطعنا أن نحسب معاملاً إحصائيًا لكثافة الحركة الحربية، فلعلنا لن نجد بين صحارى العرب، وربما صحارى العالم، رقعة كالشقة الساحلية من سيناء، حرثتها الغزوات والحملات العسكرية حرثًا. من هنا فإن سيناء أهم وأخطر مدخل لمصر على الإطلاق." إلى من يرى أن سيناء مباحة لأن تصبح مرقدًا لأفكارهم التافهة، أو علة في تهجير أهل غزة البواسل من أرضهم، نقول: إنها سيناء المصرية عبر صفحات التاريخ الزاخرة بالمحطات التاريخية في تاريخ الأمم، حيث اختلطت الجغرافيا بالتاريخ، والتقت الأديان كلها على ترابها الزعفراني. وما زالت الدولة بفضل قيادتها الحكيمة ورؤيتها الثاقبة المستقبلية، وتحت شعار "يد تبني ويد تحمل السلاح"، تخوض حربًا شرسة في شبه جزيرة سيناء. فتحية إعزاز وتقدير لقواتنا المسلحة والقيادة الحكيمة التي تقف في مواجهة المخططات المدفوعة من عدد من الدول والجهات الإقليمية والدولية، وشعب مصر واقفًا صامدًا خلف القيادة. فمن مصر، هُنا سيناء، فاحذروا. عاشت مصر وفي قلبها سيناء أرض الفيروز.