بوابة الدولة
بوابة الدولة الاخبارية

النائب خالد قنديل يكتب : بيان إلى الضمير الحي رسالة.. ضد قانون الإيجار الجائر

دكتور خالد قنديل
-

أيها السادة النواب، أنتم من أقسمتم أن تصونوا كرامة المواطن وتحرسوا العدالة الاجتماعية.. فلتتذكروا أن الأمانة التي في أعناقكم اليوم، ليست مجرد أصوات انتخابية، بل أرواح وعائلات وأحلام تسكن خلف أبواب قديمة، في بيوت تعودنا أن نسميها "مستورة"، رغم أنها بالكاد تستر.

نقف اليوم على حافة مفترق خطير، بين عدلٍ حقيقي ينحاز للناس، وجفاءٍ تشريعي يخنق البسطاء. بين إصلاح مأمول، وخراب اجتماعي مقنن بقانون يُقال عنه إنه "ينظم العلاقة بين المالك والمستأجر"، لكنه في حقيقته، يخلع عن الفقراء غطاء الأمان، ويهديهم للشارع في عباءة التجديد.

القانون المقترح – كما طُرح – لا يراعي واقعًا حقيقيًا، بل يخاطب طبقة لم تُجبر يومًا على الوقوف في طابور الإيجار، ولم تعرف وجع الفواتير أو ضيق المرتب، أو دمعة أم تُخفي قلقها عن أولادها خشية سؤالهم: "هنروح فين لو مشينا؟".

نحن لا نعارض الإصلاح، بل نطالب أن يكون إصلاحًا عاقلاً.. لا إصلاحًا متوحشًا، لا نرفض أن يُعطى المالك حقه، بل نرفض أن يُنتزع المأوى من العجائز والأرامل والموظفين الصغار بحجة الاستثمار.

هل يُعقل أن يُنهى عقد إيجار استمر لأربعة أو خمسة عقود، بلا بديل، بلا حماية، بلا خطة؟ هل يُقبل أن نرفع الإيجار عشرين ضعفًا، كأننا في سويسرا لا في بلد أنهكته الأزمات؟

أيها النواب، مصر ليست أبراجًا ومولات، مصر هي تلك السيدة التي تبيع الخضار لتدفع إيجار الغرفة، هو ذاك المعاش الضئيل الذي يسد رمق عائلة بأكملها.

إن القانون العادل لا يُعاقب الناس على فقرهم، ولا يُكافئ المستثمر على حساب إنسان لا يملك سوى ذكرياته في شقة عتيقة.

نحن بحاجة إلى تشريع يبني مجتمعًا، لا أن يهدم منازل ويزرع الخوف. نحتاج إلى قانون لا يخجل منه التاريخ، بل يخلّده، لأنه أنصف الضعيف، ورد الحق بروح القانون لا بحرفه الجامد.

إلى زملائي في مجلس الشيوخ: لا تجعلوا هذا القانون شاهدًا على موت ضمير، بل على صحوة وعدالة، كونوا مع العدالة، فهي لا تنحاز لطرف، بل تنحاز للحق حيث كان، ولنتذكر جميعًا: الحق الذي لا يُلبس رداء الرحمة، هو قسوة باسم العدالة،والبرلمان الذي يشرّع لصالح القوي فقط.. لا يصنع دولة، بل يكتب شهادة فقرها الأخلاقي.

كاتب المقال الدكتور خالد قنديل عضو مجلس الشيوخ ونائب رئيس حزب الوفد