بوابة الدولة
بوابة الدولة الاخبارية

جهاد عبد المنعم يكتب :وزير التعليم في مواجهة هجوم امبراطوريات الدروس الخصوصية والسناتر وتجار المناهج هل ينجح في قلب الطاولة عليهم ؟

-

الوزير محمد عبد اللطيف... يكتب صفحة جديدة في تاريخ التعليم بالجهد والمواجهة

التعليم ليس سلعة.. وبناء الإنسان يبدأ بتحريره من قبضة المنتفعين

تحرك إنسانى حاسم من الوزير ينتصر للطفل "حمزة" ويعيد الانضباط للمدرسة

نقله نوعية حقيقية في التعليم المصري... بقيادة الوزير محمد عبد اللطيف

في خضم واقع تعليمى كان يعانى من أزمات تراكمت لعقود، جاءت تجربة الوزير محمد عبد اللطيف كصفحة مختلفة تكتب بحروف من جهد ومواجهة، لا بشعارات محفوظة أو حلول معلبة، فمنذ اليوم الأول لتوليه حقبة الوزارة بدا واضحا أن هذه التجربة لا تنتمي إلى "إدارة الأزمة"، بل إلى فلسفة "تفكيك الأزمة من جذورها"، وهو ما اتضح بجلاء من اختيارات الوزير ومواقفه ومشاريعه التي وضعت نصب أعينها الإنسان قبل البنية، والهدف قبل الضجيج.

وقد نجح الوزير في إدراك أن المعركة الحقيقية ليست في تطوير مناهج على الورق أو تحديث شكل الامتحانات فقط، بل في كسر منظومة الفساد التي رسخت أعمدة موازية للتعليم، أبرزها إمبراطوريات الدروس الخصوصية ومراكز السناتر، التي تحولت عبر السنوات إلى مؤسسات تُدر أرباحا طائلة، على حساب المدرسة، والمعلم، ووعي الطالب، ومن هذا المنطلق، بدأ التحرك بخطى جريئة نحو إعادة الاعتبار للمدرسة ككيان تربوي وتعليمي، وبناء جسر من الثقة بين الطلاب والمعلمين داخل الفصول، وليس خارجها.

ولم تكن مواجهة الدروس الخصوصية مجرد قرار إداري أو بيان رسمي، بل تحرك ميداني وتغييرات هيكلية، استهدفت إعادة تنظيم شكل اليوم الدراسي، وفرض الحضور الإلزامي، وتفعيل أدوات التقييم المتعدد، مما أعاد للمدرسة هيبتها، وللطالب شعوره بالانتماء إلى مصدر تعليمه، كما عمل الوزير على تطوير المناهج بصورة أكثر واقعية، تربط بين المحتوى الدراسي ومهارات الحياة، بدلًا من الحشو التقليدي الذي كان يُغرق الطلاب في بحور من المعلومات دون جدوى حقيقية.

وفي مواجهة تجار المناهج والمطبوعات التعليمية الموازية، تم إطلاق خطوات عملية لضبط سوق النشر التعليمي، وتعزيز المحتوى الرقمي الرسمي، وتوفير مصادر تعليمية موثوقة تسد الطريق أمام المتاجرين بعقول الطلاب وأولياء الأمور، وترافق ذلك مع إعادة النظر في دور المعلم، الذي لم يعد مجرد ناقل للمعلومة، بل شريك فعلي في بناء الشخصية.

ولأن الوزير يدرك أن التغيير لا يكتمل دون بيئة جاذبة، فقد أولى اهتمامًا خاصًا بالبنية التحتية للمدارس، من تحسين الفصول إلى إدخال الوسائل الذكية، والتوسع في بناء مدارس جديدة خاصة في المناطق المزدحمة وفق توجيهات الدولة المصرية، إلى جانب أنشطة تعيد للتلميذ شعوره بالانخراط والمشاركة، لكن الأهم من كل ما سبق، أن تجربة محمد عبد اللطيف في وزارة التربية والتعليم جاءت محمولة على قناعة بأن التغيير ليس ترفا ولا رفاهية، بل ضرورة وطنية وأمن قومي، وأن بناء الإنسان لا يتحقق إلا حين ينتزع التعليم من قبضة المصالح الخاصة، ويعاد توجيهه ليخدم الوطن والمستقبل، لا جيوب المنتفعين.

وفي مشهد يعكس الحس الإنساني العميق والاهتمام الحقيقي من قبل القيادة التعليمية في مصر، تجلت لفتة وزير التربية والتعليم الدكتور محمد عبد اللطيف، تجاه الطفل "حمزة" الطالب بأحد مدارس الإسكندرية، كواحدة من المواقف التي تؤكد أن الوزير لا يتعامل مع المنصب من برج عاجي، بل يضع نفسه موضع المسؤول الأبوي والضمير الحي لملايين التلاميذ، ولم يتجاهل الوزير الواقعة المؤلمة التي تعرض فيها الطفل لإيذاء بدني ونفسي من قبل إحدى المدرسات، والتي تمثلت في رفضها السماح له بالذهاب إلى دورة المياه، ما اضطره للتبول على نفسه أمام زملائه، في مشهد يهز أي وجدان سوي، خاصة بعد ما تبع ذلك من سخرية وإهانة تركت أثرا نفسيا بالغا على الطفل.

وبدون تردد، بادر الوزير باتخاذ قرارات حاسمة تجاه المتورطين، وأمر بالتحقيق الفوري في الواقعة، مؤكدًا أن كرامة الطلاب وسلامتهم النفسية فوق أي اعتبار، وأن المؤسسة التعليمية ليست مكانا للتعنيف أو القسوة، بل بيئة رحيمة تُنمي العقول وتصون الكرامة، هذا التحرك السريع والحازم لم يكن مجرد إجراء إداري، بل رسالة واضحة بأن وزارة التربية والتعليم تحت قيادته تضع مصلحة الطالب أولًا، وأن أي مساس بطفل داخل جدران المدرسة لن يمر دون حساب.

ومثل هذه المواقف ليست استثناء في أداء الوزير، بل امتداد لنهج إنساني وتربوي يرى في الطالب جوهر العملية التعليمية، وفي احترام إنسانيته الأساس الذي يبنى عليه مستقبل التعليم.

تجربة الوزير محمد عبد اللطيف أثبتت أن الإصلاح الحقيقي لا يحتاج لمعجزات، بل لإرادة صادقة، ووعي بخطورة المرحلة، واستعداد لتحمل ثمن المواجهة، وما تحقق حتى الآن، رغم ضراوة التحديات، ليس سوى بداية مسار طويل، لكنه أخيرا يسير في الاتجاه الصحيح.