رئيس الوزراء يستعرض تقريرًا يوثق 500 إصلاح لتعزيز دور القطاع الخاص

استعرض الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، تقريرا أصدره مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، يوثق ويرصد مجموعة من الإجراءات الإصلاحية التي تبنتها الحكومة المصرية خلال الفترة من مايو 2022 إلى ديسمبر 2024، بهدف تذليل العقبات أمام تفعيل دور القطاع الخاص، وتعزيز مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي، وتوفير فرص العمل، وتشجيع الاستثمارات، ورفع معدلات التصدير.
تأتي هذه الإجراءات في إطار التوجه الاستراتيجي للدولة نحو تحقيق معدلات نمو يقودها القطاع الخاص، بما ينسجم مع الأهداف الرئيسة لوثيقة سياسة ملكية الدولة.
وقد ورد هذا الرصد ضمن تقرير شامل أعدّه المركز حول تطور جهود الحكومة في هذا السياق.
وفي هذا الإطار، أكد الدكتور أسامة الجوهري، مساعد رئيس مجلس الوزراء ورئيس مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، أن الحكومة المصرية تبنّت خلال هذه الفترة حزمة واسعة من الإصلاحات التي تستهدف تعزيز دور القطاع الخاص باعتباره محركًا رئيسيًا للنمو الاقتصادي.
وأوضح أن إجمالي الإجراءات الإصلاحية المنفذة بلغ نحو 500 إجراء موزعة على ستة محاور رئيسية، تشمل: إصلاحات السياسة النقدية وسعر الصرف، تعزيز المنافسة والحياد التنافسي، دعم القطاع الصناعي، تحسين مناخ الاستثمار وبيئة الأعمال، إصلاح الأطر القانونية والتنظيمية، وتنفيذ وثيقة سياسة ملكية الدولة.
وأشار التقرير إلى أن محورَي "تحسين بيئة الأعمال ودعم الاستثمار" و"تشجيع القطاع الصناعي" استحوذا على النصيب الأكبر من هذه الإصلاحات، بواقع 189 و134 إجراءً على التوالي، بما يمثل نحو 64.6% من إجمالي الإجراءات المنفذة. كما أظهر التقرير أن عام 2024 وحده شهد تنفيذ 321 إجراءً إصلاحيًا، بنسبة 64.2% من إجمالي الفترة، تركز معظمها في ثلاثة محاور رئيسية: دعم الاستثمار، إصلاح الإطار المؤسسي والتشريعي، وتشجيع الصناعة، بواقع 121 و96 و83 إجراءً على الترتيب، وبما يمثل نحو 93.5% من إجمالي إجراءات العام.
فيما يتعلق بالمحور الأول الخاص بإصلاحات السياسة النقدية وتعزيز مرونة سعر الصرف، أوضح التقرير أنه تم تنفيذ 11 إجراءً إصلاحيًّا، ما يمثل 2.2% من إجمالي الإجراءات التي نُفذت خلال الفترة من مايو 2022 إلى ديسمبر 2024. وكان من أبرز هذه الإجراءات إعلان البنك المركزي المصري في مارس 2024 التزامه بالتحول التدريجي نحو إطار مرن لاستهداف التضخم، إلى جانب تمديد الأفق الزمني للمستهدفات الجديدة، لتسجل 7% (± 2 نقطة مئوية) بنهاية 2026، و5% (± 2 نقطة مئوية) بنهاية 2028، في إطار توجهه نحو تطبيق نموذج متكامل لاستهداف التضخم.
وقد ساهمت الإصلاحات النقدية وتحرير سعر الصرف في تعزيز الثقة بالاقتصاد المصري وتحسين بيئة الاستثمار، لا سيما في ظل التوجه نحو إطار مرن لاستهداف التضخم. وقد انعكس ذلك، إلى جانب اتفاقيات استثمارية استراتيجية كبرى، على مؤشرات تدفق رؤوس الأموال، حيث سجل صافي الاستثمار الأجنبي المباشر خلال العام المالي 2023/2024 نحو 46.1 مليار دولار، وهو مستوى غير مسبوق، بالتوازي مع تحول استثمارات المحافظ إلى صافي تدفقات داخلة بلغت 14.5 مليار دولار.
أما في المحور الثاني المعني بتعزيز المنافسة والحياد التنافسي، فقد شهد تنفيذ 14 إجراءً إصلاحيًّا، بنسبة 2.8% من إجمالي الإصلاحات المنفذة خلال الفترة. وشمل ذلك الإنجاز الكامل للأهداف المرحلية لاستراتيجية جهاز حماية المنافسة (2021–2025)، عبر تنفيذ الأنشطة المخططة في محاورها الأربعة. كما تم بدء تطبيق نظام الرقابة المسبقة على التركزات الاقتصادية (الاندماجات والاستحواذات) اعتبارًا من يونيو 2024، في خطوة نوعية لتعزيز الشفافية والعدالة في بيئة السوق.
وانعكاسًا لتلك الجهود، حصل جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية على جائزة شرفية من البنك الدولي وشبكة المنافسة الدولية تقديرًا لمساهمته في تعزيز سياسات المنافسة خلال عام 2024، وذلك من خلال مبادرته الريادية بإنشاء "نموذج محاكاة لسلطات المنافسة العربية" تحت مظلة شبكة المنافسة العربية.
وفيما يتعلق بالمحور الثالث الخاص بتشجيع القطاع الصناعي، أوضح التقرير أن هذا المحور شهد تنفيذ 134 إجراءً إصلاحيًّا، ما يمثل 26.8% من إجمالي الإصلاحات المنفذة خلال الفترة. ومن بين أبرز التدخلات إصدار قرارات وزارية مهمة لتيسير الإجراءات الصناعية، مثل اعتماد شهادات الإشراف الصحي وصلاحية المنتجات الغذائية من الهيئة القومية لسلامة الغذاء اعتبارًا من مطلع عام 2025.
كما شملت الإجراءات تيسيرات لوجستية وجمركية واسعة، أبرزها تفعيل العمل في الموانئ طوال أيام الأسبوع والعطلات الرسمية، ما ساهم في تقليص زمن الإفراج الجمركي وإتاحة 960 فرصة تصديرية بقيمة تقديرية بلغت نحو 2.3 مليار دولار.
وفي دعم التمويل للقطاعات الإنتاجية، خُصصت أرصدة تمويلية بقيمة 67.5 مليار جنيه لما يقرب من 2600 عميل خلال الفترة من يوليو 2023 إلى يونيو 2024، وُجِّه منها 96% لتمويل رأس المال العامل، واستحوذ قطاعا الصناعة والزراعة على 78% و22% من تلك التمويلات على التوالي. كما أُطلقت في ديسمبر 2024 مبادرة جديدة لدعم القطاعات الصناعية ذات الأولوية بقيمة 30 مليار جنيه، إلى جانب إعادة تفعيل برنامج الإقراض المُيسر للصناعة وحزمة من الحوافز والإعفاءات للمشروعات الصناعية.
وقد انعكست هذه الإصلاحات بشكل إيجابي على أداء القطاع الصناعي، حيث مثّل قطاع الصناعة 15.7% من الشركات الجديدة المُسجَّلة خلال العام المالي 2023/2024، وسجّل 13% من إجمالي رؤوس الأموال المُصدرة. كما شهدت المناطق الصناعية توقيع 218 عقد مشروع جديد باستثمارات تتجاوز 5.1 مليار دولار. وعلى مستوى الصادرات، ارتفعت الصادرات السلعية المصرية إلى 40.8 مليار دولار في عام 2024، مقارنةً بـ35.8 مليار دولار في عام 2023، بمعدل نمو بلغ 14% .
وفيما يخص المحور الرابع المتعلق بدعم الاستثمار وتحسين بيئة الأعمال، أوضح التقرير أن الدولة نفذت 189 إجراءً إصلاحيًّا، ما يمثل النسبة الأكبر (37.8%) من إجمالي الإصلاحات خلال الفترة من مايو 2022 إلى ديسمبر 2024.
وقد شملت هذه الإصلاحات حزمة من التسهيلات الضريبية لتحسين العلاقة بين المستثمرين ومصلحة الضرائب، وتيسير الأنشطة الاقتصادية، إلى جانب إطلاق الرخصة الذهبية التي حصلت عليها 46 شركة حتى مارس 2025، بما يعكس ثقة متزايدة في جدية الدولة في تيسير إجراءات التأسيس والتشغيل.
كما أصدر جهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر عبر 33 وحدة شباك واحد:
* 2,616 رخصة مؤقتة للمشروعات الجديدة
* 242 رخصة نهائية
* 1,499 رخصة مؤقتة لتوفيق الأوضاع القائمة
وفي دعم بيئة التصدير، تم ضخ 70 مليار جنيه في إطار برنامج المساندة التصديرية لأكثر من 2,500 شركة بين عامي 2019 و2024، بما عزز من تنافسية الصادرات المصرية في الأسواق الخارجية.
وشهد عام 2024 محطة استثمارية فارقة، بتوقيع أكبر صفقة استثمار مباشر في تاريخ مصر مع دولة الإمارات لتطوير وتنمية مدينة "رأس الحكمة" بقيمة 35 مليار دولار، مع توقعات بجذب استثمارات إضافية بقيمة 150 مليار دولار، واستقبال نحو 8 ملايين سائح. ومن المقرر أن تحصل الدولة المصرية على نحو 35% من أرباح المشروع، ما يعزز عائداتها من الأصول غير المستغلة.
وفيما يتعلق بالأثر الاقتصادي المباشر لهذه الجهود، أشار التقرير إلى أن الاستثمارات الخاصة سجلت قفزة كبيرة من 213.5 مليار جنيه في العام المالي 2016/2017 إلى نحو 700 مليار جنيه في 2023/2024، بما يعكس تحسن بيئة الأعمال وزيادة ثقة المستثمرين المحليين والدوليين، رغم التحديات العالمية.
كما ارتفعت استثمارات القطاع الخاص إلى 148.5 مليار جنيه بالأسعار الثابتة خلال الربع الثاني من العام المالي 2024/2025، ما يمثل 53.3% من إجمالي الاستثمارات، وبمعدل نمو سنوي بلغ 35.4% مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق.
وفيما يتعلق بالمحور الخامس المعني بإصلاح الأطر القانونية والتنظيمية والمؤسسية، أوضح التقرير أن الحكومة نفذت 128 إجراءً إصلاحيًا خلال الفترة من مايو 2022 إلى ديسمبر 2024، بما يمثل 25.6% من إجمالي الإصلاحات المنفذة.
ومن أبرز هذه الإجراءات، صدور مشروع قرار تنظيم وزارة الاستثمار والتجارة الخارجية، بهدف تعزيز التنسيق وتذليل المعوقات أمام المستثمرين، بالإضافة إلى إصدار قائمة مفصلة بالأنشطة الاقتصادية الخاضعة لضوابط تنظيمية للاستثمار الأجنبي، بما يدعم الشفافية ويعزز مناخ الثقة. كما أصدر رئيس مجلس الوزراء قرارًا بتشكيل المجموعة الوزارية الصناعية لوضع وتنفيذ الاستراتيجية الوطنية للتنمية الصناعية، بما يواكب أهداف تعميق التصنيع وتحفيز الاستثمار المباشر في هذا القطاع الحيوي.
وقد انعكست هذه الإصلاحات على تحسن ملحوظ في مؤشرات الحوكمة الدولية الصادرة عن البنك الدولي، حيث:
* ارتفع مؤشر الجودة التنظيمية بمقدار 2.4 نقطة ليصل إلى 26.9 نقطة في 2023 مقابل 24.5 في 2022.
* كما تحسّن مؤشر سيادة القانون بـ1.4 نقطة ليبلغ 44.3 نقطة.
* وحقق مؤشر فعالية الحكومة قفزة قوية بمقدار 7.6 نقاط ليصل إلى 42 نقطة في 2023 مقارنة بـ34.4 نقطة في العام السابق.
ويعكس هذا التحسن نجاح الدولة في تعزيز كفاءة الإدارة العامة وتطوير الإطار المؤسسي والتشريعي بما يدعم تمكين القطاع الخاص ويحفّز الاستثمار.
أما المحور السادس والأخير المتعلق بتنفيذ وثيقة سياسة ملكية الدولة، فقد شهد تنفيذ 24 إجراءً (بنسبة 4.8% من إجمالي الإصلاحات)، أبرزها موافقة مجلس الوزراء في مايو 2024 على مشروع قانون تنظيم ملكية الدولة في الشركات المملوكة أو التي تسهم فيها، كخطوة تشريعية حاسمة لترسيخ أهداف الوثيقة.
وفي ديسمبر 2024، شرعت الحكومة في إعادة هيكلة شاملة للهيئات الاقتصادية وعددها 59 هيئة، بهدف معالجة التشوهات الهيكلية، ورفع كفاءة أدائها، وزيادة مساهمتها الفعلية في الناتج المحلي الإجمالي.
وقد استعرض التقرير أبرز نتائج الجهود الإصلاحية، والتي انعكست بشكل واضح على مؤشرات تمكين القطاع الخاص، استنادًا إلى أدوات قياس الأثر المعتمدة في وثيقة سياسة ملكية الدولة للأصول.
فقد ارتفعت نسبة مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي إلى 74.8% خلال العام المالي 2022/2023، كما زادت مساهمته في الاستثمارات الكلية المنفذة إلى 37% في عام 2023/2024. وعلى صعيد التشغيل، ارتفع متوسط مساهمة القطاع الخاص في توفير فرص العمل إلى 81.3% في عام 2023، مقارنةً بمتوسط بلغ 76.3% خلال العقد السابق (2013–2022)، ما يعكس الأثر المتراكم للإصلاحات في دعم الديناميكية الاقتصادية للقطاع الخاص.
وفي ختام التقرير، أُشير إلى أن الإصلاحات التي نُفذت خلال الفترة (مايو 2022 – ديسمبر 2024) نالت إشادات دولية واسعة، أبرزها:
* البنك الدولي، الذي رحّب بقرارات البنك المركزي المصري في مارس 2024، خاصةً ما يتعلق بخفض قيمة العملة، وتوحيد سعر الصرف، ورفع أسعار الفائدة بـ600 نقطة أساس، ما ساهم في كبح التضخم.
* مركز الأبحاث العالمي "ستارت أب بلينك"، الذي صنّف منظومة الشركات الناشئة في مصر كواحدة من الأقوى في شمال إفريقيا، مدعومة بنمو واضح في ريادة الأعمال وتمويل رأس المال الاستثماري.
* شركة "ماكينزي"، التي أشادت بجاذبية البيئة الاستثمارية المصرية في ضوء التحولات المؤسسية الأخيرة.
* لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الإسكوا)، التي وضعت مصر ضمن الدول العربية القليلة التي أطلقت منصات إلكترونية لتسجيل الاستثمار الأجنبي، وهو ما ساهم في تحسين الشفافية وتيسير الإجراءات.
للاطلاع على التقرير الكامل:
يمكن تحميل التقرير الكامل من خلال الرابط التالي:
https://idsc.gov.eg/Various%20Reports/details/10851
كما يمكن التفاعل مع البيانات عبر لوحة المؤشرات التفاعلية (Dashboard) المتاحة على موقع مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، والتي تتيح متابعة الإصلاحات حسب المحور الزمني، ونوع الإجراء، والجهة المنفذة، وغيرها من الأبعاد التحليلية ذات الصلة.
https://info2022:[email protected]/reports/powerbi/DBUnit/finalmodifiedP?rs:embed=true