بوابة الدولة
بوابة الدولة الاخبارية

جهاد عبد المنعم يكتب: التسويق العقاري في مأزق بسبب المكالمات المزعجة

-

الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات جهوده لحماية خصوصية مستخدمي الموبايل والحد من ظاهرة المكالمات الإزعاجية، وبعد سلسلة طويلة من الاجراءات لم تفلح في القضاء على هذه الظاهرة تماما أعلن الجهاز اليوم عن مجموعة جديدة من الإجراءات التنظيمية والتقنية التي تهدف إلى تعزيز الشفافية وتمكين المواطنين من التعرف بشكل أفضل على هوية المتصلين، سواء عبر الهاتف المحمول أو التليفون الثابت.

وقد شملت هذه التحديثات إطلاق خدمة إظهار الرقم للتليفون الثابت، والتي تتيح للمستخدمين معرفة اسم الجهة المتصلة عند استقبال مكالمات من التليفون الثابت، بما في ذلك المكالمات الترويجية، مما يساعد في اتخاذ قرار الرد من عدمه. كما تم تطوير خدمة إظهار هوية المتصل لتشمل أيضًا صفة المتصل أو وظيفته، خاصًة في حالة المكالمات الواردة من الإعلاميين، أو مقدمي خدمات التوصيل، أو العاملين في التبرعات، وذلك بهدف التمييز بين هذه الفئات والمكالمات التسويقية غير المرغوب بها.

كما أكد الجهاز اتخاذ إجراءات رادعة بحق المخالفين، حيث سيتم وقف عمل أي جهاز تليفون يستخدم خط غير مسجل بخدمة "المكالمات الترويجية" أكثر من مرة في إجراء مكالمات إزعاجية على جميع الشبكات، وفي حال قيام المستخدم بإعادة تشغيل الهاتف من خلال تسجيل الخط المخالف، ومن ثم استخدام خطوط جديدة غير مسجلة مرة أخرى لإجراء مكالمات إزعاجية، فسيتم غلق الجهاز شكل نهائي ومنعه من العمل على أي شبكة داخل جمهورية مصر العربية. كما سيتم نهائيًا حظر المشتركين الذين يثبت استخدامهم لخطوطٍ أخرى غير مسجلة للقيام بمكالمات ترويجية مخالفة، من الحصول على أي خطوط جديدة مستقبلًا، حتى وإن كانت هذه الخطوط شخصية وليست تجارية، وذلك لضمان الالتزام بالقواعد التنظيمية التي تحمي خصوصية المواطنين.

ورغم تصريح الدكتور عمرو طلعت، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في وقت سابق بأن المكالمات الترويجية ليست جريمة في حد ذاتها، بل تُعتبر جزءًا من أنشطة تسويقية مشروعة يقوم بها شباب يعملون بجد في إطار وظائفهم. الا ان الوزير اكد على ضرورة تنظيم هذه المكالمات بشكل قانوني يحترم خصوصية المواطنين.وهذا ما جعل جهاز تنظيم الاتصالات يتخذ خطوات حاسمة


حبث اكد الوزير أن الوزارة تعمل على تقنين وتنظيم هذه العمليات، وقد نجحت في السيطرة على 80% من المكالمات الترويجية، مع استمرار الجهود للوصول إلى تقنين كامل يضمن حقوق المستهلكين والشركات.

والحقيقة أن جهود الوزارة والجهاز القومي لتنظيم الاتصالات للحد من المكالمات التسويقية المزعجة محل تقدير وهناك الكثير من الاجراءات والخطوات المهمة من خلال فرض ضوابط جديدة تلزم الشركات بالحصول على موافقة مسبقة من المستخدمين قبل إجراء المكالمات، وتحديد هوية المتصل بوضوح، وتوفير آليات للإبلاغ عن المخالفات مما يعكس اهتمام الوزارة بحماية خصوصية المواطنين وتنظيم سوق الاتصالات بما يضمن حقوق المستخدمين ويحد من الممارسات التسويقية المزعجة

وكلنا عاني كثيراً خاصة في السنوات الأخيرة حيث تصاعدت ظاهرة المكالمات الهاتفية غير المرغوب فيها، التي تصدر عن شركات التسويق العقاري والتي اصبحت مصدر إزعاج يومي للمواطنين، تنتهك خصوصيتهم وتؤثر على جودة حياتهم. فما إن يرن الهاتف، حتى يجد المتلقي نفسه في مواجهة مكالمة تسويقية تقدم له عروضًا لعقارات لا يحتاجها، في أوقات قد تكون غير مناسبة، وأحيانًا بشكل متكرر ومزعج.

هذه المكالمات، التي توصف بـ”العشوائية” أو “العدوانية” أحيانًا، لا تراعي أبسط قواعد الاحترام للخصوصية أو التوقيت والجريمة الحقيقة هي شراء بعض الشركات قواعد بيانات تحتوي على أرقام الهواتف دون إذن أصحابها، وتبدأ في استهدافهم بشكل مكثف، في مخالفة صريحة للأعراف المهنية، وربما أيضًا للأنظمة المتعلقة بحماية البيانات الشخصية.

ولعل الأخطر من ذلك أن بعض هذه الشركات لا تكتفي بمكالمة واحدة، بل تُكرر الاتصال عدة مرات في اليوم الواحد، من أرقام مختلفة يصعب حظرها، ما يجعل المستخدم في حالة دائمة من الترقب والتوتر. وفي ظل عدم وجود ضوابط صارمة، تزداد هذه الظاهرة تفشيًا، خصوصًا في فترات الركود العقاري، حين تسعى الشركات بكل وسيلة ممكنة لبيع الوحدات المعروضة.

كثير من المواطنين على مواقع التواصل الاجتماعي عبروا عن استيائهم الشديد من هذا السلوك، مطالبين بضرورة تدخل الجهات الرقابية لوضع حد لهذه الممارسات. كما دعوا إلى سن تشريعات واضحة تمنع استخدام البيانات الشخصية في أغراض التسويق دون موافقة صريحة من صاحب الرقم

وبالطبع فإن التسويق العقاري نشاط اقتصادي مشروع ولكن لا يجب أن يتحول إلى أداة انتهاك لخصوصيات الناس. وعلى الشركات أن تراجع استراتيجياتها، وتتبنى أساليب أكثر احترامًا للمستهلك، تراعي خصوصيته وتقدّر وقته، بدلًا من استخدام الأساليب العدوانية التي تنفر العميل بدلًا من جذبه.

ومنذ عام واحد تقريبا بدأ الجهاز في تغليظ العقوبات وفرض غرامات مالية على الشركات التي تستغل بيانات المواطنين في التسويق دون إذن، خصوصًا عند تكرار المخالفات

عمل الجهاز بالتنسيق مع شركات الاتصالات العاملة في مصر على تقييد أرقام محددة أو حجبها نهائيًا إذا ثبت استخدامها في مكالمات تسويقية غير مصرح بها، كما ألزمها بضرورة توعية عملائها بحقوقهم في رفض الاتصالات

وبالفعل أحال الجهاز مخالفات عدد من شركات التطوير العقاري إلى النيابة العامة وتم توقيع غرامات مالية كبيرة ولكن للاسف لم يكن ذلك كافيا لوقف الازعاج

والخلاصة أن الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات يبذل جهودًا متواصلة للحد من ظاهرة المكالمات المزعجة هذه التي يشكو منها الناس لكنه لا يزال يواجه تحديات تتعلق بمدى التزام الشركات بالضوابط، ومدى وعي المستخدمين بحقوقهم. ويتطلب الأمر استمرار التوعية، وتحديث القوانين بما يواكب تطور أساليب التسويق واستخدام البيانات الشخصية. والسؤال الان هل يمكن ان تكون هذه الاجراءات الجديدة التي اتخذها الجهاز اليوم بداية النهاية لهذه المشكلة