بوابة الدولة
بوابة الدولة الاخبارية

الكاتب الصحفى محمود الشاذلى يكتب : الصحافه المفترى عليها وعلاقتها بالمسئولية الوظيفيه والعطاء المنشود .

محمود الشاذلى
-

حيث نكون فى أجواء عيد الأضحى المبارك تملكتنى حاله من الصراحه ، والتى تعاظمت فى ثالث أيامه المباركه ، إستشعرت خلالها نعمة الله تعالى وتوفيقه على أن جعلنى أزهد فى السياسه ، وأبتعد عن الإنتخابات ، وحتى الممارسة الحزبيه ، وأتعايش مع أسيادى المرضى ، وأقترب من عمق المجتمع حيث أهلى من البسطاء الذين أفخر بأننى جزء من نسيجهم المجتمعى ، الأمر الذى معه أصبحت أعيش حاله وجدانيه طيبه ، خاصة وأن هذا يتسق مع قناعاتى ، والمبادىء التى تربيت عليها ، الأمر الذى معه كان الإبتعاد عن أى موطن للعبث ، أو الهزل أو السخافات ، تجلت تلك النعمه أن حبانى رب العالمين سبحانه ضمير وطنى حافظ على نزاهة قلمى ، وتمسكى بطرح الصدق ، إنطلاقا من قناعه حقيقيه ، ولم يجعلنى كغيرى من العابثين ، أو ضعاف النفوس الذين يتملقون المسئولين ومن بيدهم قرار يدفع به عنهم ضر ويحقق لهم مغنم ، دون إنتباه أن قيمة الإنسان تكمن فى إحترامه لثوابته فى الحياه ، وألا يسجل التاريخ عليه خنوعا ، أوذلا ، أو نفاقا من أجل مصالح دنيويه رخيصه ، تذهب بقيمة الإنسان ، وتحط من قدره بين الناس .

أدركت عبر مسيرة حياتى الصحفيه التى تجاوزت عامها الأربعين أن الحقيقه نبراس الوجود ، وطرحها من الواجبات ، وتناولها من الثوابت حتى يظل المجتمع قويا مترابطا ، وكذلك كارثية المسئول الإله بفعل ضعاف النفوس من المنافقين ، موظفين كانوا ، أو حتى للأسف الشديد بعض متصدرى الإعلام ، والعاملين فى الصحافه ، خاصة فى الأقاليم ، وأهمية طرح الحقيقه لأنها البنيان القوى للأوطان ، دون ذلك عبث لاطائل منه إلا إنهياركل شيىء بالمجتمع ، وكذلك أهمية التوضيح والتصويب ، بصراحه وقوه وإحترام ، لأن الصمت خطيئه ، والتدليس نقيصه .

مأساه ماأدركه من نهج بعض المسئولين ، الذى ينطلق من عرض مايراه إنجازا له يومى عبر صفحة يأمر بعض شباب الموظفين لديه عديمى الخبره بالإعلام بتدشينها ، يتم فيها طرح جولاته ، وصولاته ، ولقاءاته ، فى محاولة لإقناع الجميع أنه باعث النهضه الحديثه ، وهو نفسه صدق ذلك ، فإبتعد عن الصحافه ، وبنى جسورا بينه وبينها ، ودشن لنهج أن كل من يريد نقل الأحداث من الصحفيين ، أو حتى الإعلاميين عليهم نقلها من تلك الصفحه دون مناقشه أو حنى إستفسار ، وإذا بنا نكتشف عند التعامل أن كل ذلك منطلقه الشو الإعلامى ، وليس نهج صادق حقيقى ينعكس إيجابا على أرض الواقع ، هذا النهج يجعل المسئول يصدق فيتعامل بتعالى ، وعجرفه ، وإستعلاء مع من يلتقيه قدرا ، طالما بعيدا عن الكاميرا ، والتى إن حضرت يتغير الأداء ، ويظن المحيطين أنه من الملائكه المنزلين ، الذين يشعرون هموم الناس ، والذين أرسلهم الله من السماء لنهضة الأمم والعمل على تقدم الشعوب .

إنطلاقا من ذلك مخطىء من يظن من المسئولين أن العمل فى صمت ، بعيدا عن الإعلام نهج محبب فى العطاء الأمني ، والعمل التنفيذي ، والممارسه السياسيه ، والنشاط الحزبى ، والأداء البرلمانى ، أو أن ينطلق من هذا الأداء عبر صفحه على الفيس بوك تحتوى تمجيدا ، الأمر الطيب أن الدوله نفسها أدركت كارثية هذا النهج عبر عقود من الزمان لكن لم يتلقى الرساله كثر حتى الآن فترسخ اليقين أن الحكومه تعمل فى جذر منعزله ، حتى وإن أكدت في منظومتها على أن الصحافه شريك رئيسى في المسئوليه ، حتى وإن كانت قد أنشأت إدارات للعلاقات العامه ، والإعلام ، بدواوين الوزارات ، والمحافظات ، والمصالح ، والهيئات ، ومجالس المدن والأحياء ، إلا أن دورهم إقتصر فى التواصل على صفحه على الفيس بوك سموها الصفحه الرسميه ، يبقى على مندوبى الصحف والإعلام المعتمدين من صحفهم ، تناول مايشاؤون منها ، لذا كان من الطبيعى أن نترحم على زمن مضى رغم أنه كان فيه مسئولين عظماء إلا أننا نعتناهم بالنقائص ، كنا فيه نرافق المسئولين في كل الجولات لننقل الأحداث من أرض الواقع ، بلاتوجيه ، ترسيخا للمصداقيه ، وطرحا للحقائق أولا بأول ليتعايش الناس مع مايبذل من جهد ، وتشرفت عبر مسيرتى الصحفيه بأن كنت محررا متخصصا في شئون وزارات البترول ، والبحث العلمى ، والإداره المحليه ، والداخليه ، والرى ، والأوقاف ، والأزهر ، يضاف إلى ذلك محررا برلمانيا متخصصا ينقل مايدور بمجلسى الشعب والشورى والنواب والشيوخ .

خلاصة القول .. هذا النهج فى التعامل مع الصحافه والإعلام يلحق أبلغ الضرر بالمسئولين ، حيث يتم نعتهم بالنقائص لإفتقاد المعلومه ، وتعاظم نهج الإستعراض ، وحتى من يؤدى بصدق مايتم طرحه يكون غير مقنع على الإطلاق ن لذا فإن المسئول الذكى هو الذى يحرص على التواصل مع الصحافه ، ويقيم مع الصحفيين جسورا قوية يتمخض عنها ثقة متبادلة ، تسمح بتوضيح الحقائق ، وترسيخ اليقين بأنه ليس لديه مايخجل منه ، واليقين بأن يكون منطلق الأداء الصدق ، والشفافية ، والإقتراب من هموم الناس بجد ، وسماع النصيحه بصدق ، وبذل الجهد الذى يغيب عنه الإستعراض المذموم الذى يخلق حاله من الإحباط .

الكاتب الصحفى محمود الشاذلى نائب رئيس تحرير جريدة الجمهوريه عضو مجلس النواب السابق .