بوابة الدولة
بوابة الدولة الاخبارية

الكاتبة الصحفية أمال ربيع تكتب : قلم للإيجار.. وابتسامة لرئيس التحرير!

الكاتبة الصحفية أمال ربيع
-

في بلاد العجائب الصحفية، حيث تتحول الجرابيع إلى نُخَب، والهلافيت إلى خبراء استراتيجيين، يخرج علينا أحد العباقرة، ممن يمتلكون ريشة تُكتب بالحبر المقدس، ليمنح وسام الطهارة والنقاء والشفافية لأحد أشهر " المبتزين فى عالم الصحافة والاعلام " والمكروهين جماهيرياً .

هو مشهد يثير فيك الدهشة أولاً، ثم الغثيان ثانيًا، وأخيرًا يدفعك للتفكير في الهجرة، إلى أي مكان لا تُمارس فيه الكتابة بلسان حذاء مستعمل.

كيف يمكن لقلم كان يُفترض به أن يكون سيفًا للحق، أن يتحول إلى بوق رديء الجودة يُنفخ فيه كلما دعت الحاجة لغسل سمعة فاسد؟! وكيف يجيد هذا الصحفي "المصقول" رصف الكلمات كأنها صلاة استغفار في محراب طهر، بينما المتلقي يعلم أن الموضوع أشبه بغسيل ملابس أحدهم، لكن على طريقة "دراي كلين مشبوه"!

يبدأ المقال بالتمجيد:
"لقد عرفتُه رجلًا لا يساوم، لا يبتز، لا يقبل إلا بالكلمة الصادقة!، وأنت تقرأ تتخيل أن الحديث عن مانديلا، ثم تكتشف أنه عن زميل يعرفه الجميع بـ"الشنطة"، لا يخرج من مكتب مسؤول إلا ويده تتفقد الوزن.

يصفه بالشفافية، وهو الذي يشتهر بأن لسانه يعمل حسب حجم "المظاريف" لا "الحقائق"، يصفه بالنقاء، بينما هو ذاته الذي لا تُنشر له كلمة إلا بفاتورة، ولا يُكتب عنه إلا بإيصال قبض موقّع بثلاث لغات.

هنا نقول من يبيع قلمه، كمن يبيع شرفه، بل هو أسوأ، لأنه لا يكتفي بالعار، بل يُغلّفه بورق سوليفان ويقدمه للناس على أنه "ضمير حي"!، تخيلوا واحد بيكتب عن الشفافية، وهو نفسه مشافش ضوء الشمس من يوم ما دخل كواليس البيزنس الإعلامي!
هو نسخة واقعية – ومهزوزة – من شخصية الفنان القدير حمدي أحمد في فيلم القاهرة 30، ذلك الموظف "الحالم"، اللي بدأ مثقف عنده مبادئ، وانتهى وهو بيقدّم مراته قربان لسلطة الباشا، كل ده مقابل مكتب، وبدلة، وابتسامة من فوق.
الفرق الوحيد إن "حمدي أحمد" كان بيمثل، أما حضرة الصحفي فبيعيش الدور ليل نهار، بشغف المبتز، وعين الطامع ولسان التاجر، مرة يبيع كلمة، ومرة يشتري مجاملة، وثالثة يعرض نفسه للإيجا بالساعة أو البوست حسب السوق.
والكارثة إنه يعتقد أن "الجمهور ناسي"، بينما رائحته تفوح حتى من شاشات الموبايل، ثم نكتشف أن صاحب المقال نفسه، لم يعد له مكان في المؤسسات الصحفية، فصار "صحفيًا عاطلًا" يناضل على مواقع التواصل الاجتماعي، يجمع اللايكات كما يجمع البعض الكراتين في مواسم الخير، ويكتب عبارات النفاق المذهبة، لعلها تُثمر في فرصة عمل جديدة، أو منصب صغير، أو تعيين للولد، أو بند مرتب للبنت، أو حتى كرسي فاضي في كافيتريا الصحيفة التي ينافق رئيس تحريرها!

ربما تكون حملة التجميد والنفاق هذه ليست فقط لوجه الله (أو لوجه رئيس التحرير)، بل محاولة لإعادة تشغيل ماكينة المجاملات، أو لبعث سيرة صحفية ماتت منذ سنوات، لكنها تأبى أن تُدفن بكرامة.

كاتبة المقال الكاتبة الصحفية أمال ربيع مدير تحرير مؤسسة الاخبار ومدير تحرير موقع بوابة الدولة الاخبارية