بوابة الدولة
بوابة الدولة الاخبارية

الكاتب الصحفى محمود الشاذلى يكتب : الأحزاب السياسيه في واقعنا المعاصر بصراحه .

محمود الشاذلى
-

عود على بدء فيما يتعلق بقضية الأحزاب في واقعنا المعاصر يطيب لى الكتابه إنطلاقا من تجارب الحياه والتفاعل السياسى بالمجتمع ، والذى إنطلق حين نازعتنى نفسى بين الثبات على المبدأ ، والإنصياع الكامل لما يسمى الإلتزام الحزبى ، والإمعان فى المديح كما يفعل كثر عمال على بطال لكل من بيده أمرا مبتغى ، وذلك لمخالفة كل ذلك والمبادىء التى تربيت عليها ، مع ماأدرك أن أؤديه ويؤديه غيرى إنطلاقا مما يسمى الإلتزام الحزبى ، وطبيعة المرحله التى تعاظمت فيها الرؤيه حتى باتت ضبابيه ، بمرور الأيام ، وتعاقب الأجيال ، وإختلاف الزمان ، ورحيل القاده العظام ، أدركت أن ماتحفظت عليه كان بالأمر اليسير أمام ماأدركته لاحقا فيما يتعلق بواقعنا الحزبى .

يقينا .. الأحزاب السياسيه الأغلبيه والمعارضه والمستقله ، هى أحزاب وطنيه تعمل لصالح الوطن مع إختلاف رؤاهم السياسيه ، وقناعاتهم الحزبيه ، وجميعها فى القلب منهم حزب الأغلبيه يضم قاده ، ومفكرين ، وخبراء ، بل أرى عن قناعه أن جميعها جزءا من النظام ، وأحد أدوات ضبط الإيقاع بالوطن ، بل ومن المفترض أن تؤدى تلك الأحزاب دورها الوطنى فى مناقشة قضايا الوطن ، وطرح رؤيتها كل من خلال قناعاته ، والتى تتعدد فيها الرؤيه نظرا لإختلاف القناعات السياسيه بين ليبرالية الوفد ، وإشتراكية اليسار ، ونهج الناصريين ، وهذا أمر طيب ومحمود ، خاصة فيما يتعلق بمشكلات الوطن ، والتى يعدها لجانهم المختصه والتى من المفترض أنها تضم كفاءات على أعلى مستوى ، خاصة وأن جزءا من ممارساتها يعتمد على تصويب أو تعديل او مراجعه مايطرحه خبراء حزب الأغلبيه ، بغية الوصول لرؤيه شامله جامعه تعود بالنفع على الوطن والمواطن ، تتعلق بمشكلات المجتع ، وقضايا الوطن ، وكذلك مايتعلق بأداء الحكومه التى هى إنعكاس طبيعى لحزب الأغلبيه .

مؤلم أن أقول ونحن مقبلون على إستحقاقات إنتخابيه أنه لايوجد وبصراحه شديده وشفافيه أحزاب سياسيه فاعله فى هذا الوطن الغالى ، بل إن النهج السياسى والمجتمعى لغالبية الأحزاب السياسيه الآن يعد إهانه للتاريخ السياسى والحزبى العظيم لهذا الوطن ، ومناضليه جيلا بعد جيل ، خاصة بعد أن أمعن معظم الأحزب فى الإبداع من خلال تقديم التنازلات ، والإبتهاج بأن يظهر قادته فى معية حزب الأغلبيه وروافده من أحزاب هي أيضا أحزاب ترى نفسها أغلبيه ، يتعاظم ذلك عندما نعرف أن الأحزاب بات يحكم تشكيل غالبيتها تجمعات أسريه ، وعلاقات شخصيه ، ومصالح مشتركه ، حتى وجدنا رئيس حزب ، وإبن شقيقته أمينا للشباب ، وإبنة صديقه أمينه للمرأه ، بل إن رؤساء أحزاب كثر وزعوا عضوية البرلمان فيما بينهم ، فوجدنا رئيس حزب عضوا بمجلس الشيوخ وأحد قادته ، وإبنته التى لايعرف أحدا إسمها عضوا بمجلس النواب ، وآخر عضوا بالشيوخ ، وإبنه عضوا بالنواب عن الشباب .

بات من نافلة القول أن نسمع فى جنح الظلام من يقول بداخل مقرات هذه الأحزاب بتداول السلطه ، ثم نراه عندما يحين الصباح يهلل ويكبر لحزب الأغلبيه وحوارييه من الأحزاب ، ويجعل من فيه القاده والرواد ، لاشك أن هذا إستخفاف بالحياه الحزبيه ، ونقطة ضعف لاشك يتسلل من خلالها اليأس والإحباط خاصة بين جيل من الشباب ، فكيف نبنى وطن متصدرى مشهده السياسى والحزبى والبرلمانى جاءوا فى غيبه من الزمان ، ومبدعيه خاصة من الشباب تم القذف بهم للمجهول والإنشغال بالبحث عن عمل .

خلاصة القول .. إذا كنا جادين بحق لتغيير واقعنا السياسى المتأزم ، والحزبى المتردى ، نعم المتردى رغم كل عمليات التجميل ، والترقيع ، يجب وضع آليه حقيقيه لتفعيل أداء تلك الأحزاب ، وأن تتحرر من الرقابه الأدبيه التى فرضتها على نفسها لينعم قادتها وابنائهم ، وحوارييهم بموقع نيابى رفيع ، أو مجتمعى متميز ، وأن يخرجوا من بيت الطاعه الذى دخلوه طواعية وعن طيب خاطر ، ويتفاعلوا مع المجتمع ، ويغوصوا فى أعماق الناس ، ويقضوا على مشكلاتهم الحياتيه لتعميق الإنتماء ، وخلق حاله من السكينه والتلاحم المجتمعى ، حتى وإن تعثروا سينالوا تقدير الجميع حين إدراك غايتهم النبيله ، بل إن حزب الأغلبيه قد يتفاعل مع رؤيته ويكون منافسا شريفا لهم ، وفى النهاية المردود عظيم على الوطن والمواطن ، بل إنه قد يكون فى تعثرهم علامات مضيئه يتعلمون منها فتجعلهم أعلى قدرا وأرفع شأنا ، لأن تلك الأحزاب من المفترض أن يديرها ساسه ناضجين واعين ، وليس من هم من خلف ستار لاعلاقه لهم بالممارسات الحزبيه التى تكتسب بالممارسه ، أو الإنتباه أن المعارضه جزءا من النظام ، فإذا كانت معارضه هشه ضعيفه ، ستكون أحد أدوات ضعف النظام دون أن يدرى ، لأنها ستجعله يتخلى عن الإبتكار والإبداع والتطور .

خلاصة القول .. إذا كنا نريد تقدما حقيقيا لهذا الوطن فى كافة المجالات لابد من تقوية الأحزاب السياسيه ، وهذا لن يتأتى بهذا الكم الهائل من الأحزاب الذى أتحدى أن يقول لى أى ممارس للعمل السياسى أو حتى قياده حزبيه أسماء عشرة أحزاب بعد أن تجاوز عدد الأحزاب المسجله بلجنة شئون الأحزاب المائه ولهم حق الممارسه السياسيه ، أطرح ذلك لله ثم للوطن ، وحبا وليس تزيدا ، وحزنا على تلك النظره الممزوجه بالسخريه التى ألمسها فى أعين الباحثين ، والمتخصصين الدوليين فى شئون الأحزاب ، أطرح ذلك لعلنا نستلهم العبر ونحدد مواطن الخلل ، ومانتمنى أن يكون منطلقهم يساهم فى نهضة وطننا الغالى ، تابعونى .

الكاتب الصحفى محمود الشاذلى نائب رئيس تحرير جريدة الجمهوريه عضو مجلس النواب السابق .