بوابة الدولة
بوابة الدولة الاخبارية

الكاتب الصحفى جهاد عبد المنعم يكتب : عمرو طلعت يرسم خريطة الأمان الرقمي بعد أزمة سنترال رمسيس

الكاتب الصحفى جهاد عبد المنعم
-

في لحظة فارقة من عمر البنية التحتية الرقمية للدولة المصرية، تعرضت الاتصالات في البلاد لاختبار حقيقي بعد اندلاع حريق مفاجئ في سنترال رمسيس، أحد أكبر المحاور المركزية لشبكات الاتصالات والإنترنت في مصر. سبعة أيام من الطوارئ والقلق، 168 ساعة من الانقطاع الجزئي، لكن الدولة نجحت في تجاوز أسوأ انقطاع رقمي في تاريخها الحديث بأقل خسائر ممكنة.

وربما يكون مفتاح النجاح في هذا الاختبار العسير هو رجل المرحلة: الدكتور عمرو طلعت، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، الذي أثبت مرة أخرى أن الإدارة الرشيدة والرؤية الاستباقية هما حجر الأساس لعبور الأزمات.

لحظة الاشتعال.. بداية الأزمة

في الساعة الرابعة عصرًا من أحد أيام يوليو الحارة، اندلع حريق مفاجئ في سنترال رمسيس، قلب القاهرة النابض بالبيانات والمكالمات، فتوقفت الخدمات جزئيًا عن عدد من المحافظات. حالة من الذهول والارتباك سادت الموقف، قبل أن تبدأ خلية الأزمة في التشكل بسرعة قياسية بقيادة وزير الاتصالات شخصيًا.

عقل الوزارة النشط .. غرفة عمليات لا تنام

منذ اللحظة الأولى، أصدر الدكتور عمرو طلعت تعليماته بتفعيل خطة الطوارئ الشاملة، وإنشاء غرفة عمليات تعمل على مدار الساعة، تضم نخبة من القيادات التكنولوجية والفنيين والخبراء. لم يكتف الوزير بمتابعة الموقف من مكتبه، بل كان حاضرًا بكل ثقله، متابعًا كل تفصيلة، موجّهًا، ومتخذًا قرارات حاسمة لحظة بلحظة.

النتيجة؟ السيطرة على تبعات الأزمة بسرعة، تقليل فترات الانقطاع، وضمان عودة تدريجية للخدمة خلال أول 48 ساعة، بينما اكتملت خطة الاستعادة الشاملة في غضون أسبوع فقط.

الجبهة الفنية.. استنفار كامل للشركة المصرية للاتصالات

بالتزامن مع تحرك الوزارة، أعلنت الشركة المصرية للاتصالات – ذراع الدولة في البنية التحتية للاتصالات – حالة الطوارئ القصوى، ودفع المهندس محمد نصر، رئيس مجلس إدارة الشركة، بفرق الطوارئ المدربة إلى المواقع المتضررة. وبدعم مباشر من الوزير طلعت، تم نشر وحدات متنقلة، وتفعيل مسارات بديلة لضمان استمرار الخدمات الأساسية.

الحقيقة المؤكدة إن التعاون الوثيق بين الوزير ورئيس الشركة عزز قدرة المنظومة على العمل بانسيابية دون تعارض أو تأخير، في مشهد يعكس نموذجًا يُحتذى في إدارة الأزمات.

تنظيم صارم.. الجهاز القومي يتدخل

وفي تحرك لا يقل أهمية، دخل الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات على خط الأزمة، بإشراف مباشر من الوزير، لضمان حماية حقوق المستخدمين ومراقبة جودة الخدمة. لم يكتف الجهاز بمتابعة الأداء الفني، بل ألزم الشركات بتقديم تعويضات فورية للمتضررين، شملت باقات مجانية للإنترنت الأرضي والمحمول، وأصدر ثلاثة بيانات توضيحية لتطمين المواطنين.

تكامل شبكي.. وتضامن من شركات المحمول

وفي مشهد يليق بمستوى التنسيق الوطني، تحركت شركات المحمول الأربع (أورنج، فودافون، اتصالات، WE) لدعم الشبكة الوطنية، ووفرت حلولًا تقنية ومساعدات فنية لضمان استمرارية الخدمة. الأمر الذي أكد مجددًا على فعالية التكامل بين شبكات الاتصالات في ظل قيادة تنظيمية واعية.

المواطن شريك.. وعي جماهيري ساعد في تجاوز الكارثة

لم يكن النجاح حكوميًا فقط. فللمواطن المصري دور كبير في تجاوز الأزمة، من خلال التعاون في الإبلاغ المنتظم عن الأعطال، واستخدام القنوات الرقمية الرسمية للحصول على الدعم. هذا الوعي المجتمعي ساعد فرق الدعم الفني في تسريع أعمال الحصر والمعالجة، ما يعكس نضج العلاقة بين الدولة والمستخدم.

ما بعد الأزمة.. تقييم وتحرك استباقي

ورغم عودة الخدمة إلى طبيعتها في صباح الإثنين 14 يوليو، لم يعلن الوزير عمرو طلعت انتهاء المهمة. بل على العكس، أمر بتشكيل لجان فنية لتقييم شامل للبنية التحتية، وبدأ بالتعاون مع الأجهزة المعنية وضع خطة وطنية لتأمين الشبكات ضد اي كوارث مستقبلية .

كلمة السر: عمرو طلعت

لم تكن الأزمة الأولى التي يواجهها وزير الاتصالات، لكنها كانت الأكثر تعقيدًا. ومع ذلك، أثبت الرجل الذي يحمل على عاتقه طموح "مصر الرقمية" أنه قائد من طراز خاص. لم يختف عن المشهد، ولم يترك الأزمة للإدارات الوسطى، بل كان في قلب الحدث، يدير غرفة العمليات كقائد ميداني، ويزرع الطمأنينة برسائل واضحة وحازمة.

عمرو طلعت لم يواجه الأزمة فقط، بل حوّلها إلى درس وطني في إدارة الأزمات الرقمية، ورسّخ لمفهوم أن الرقمنة لا تعني فقط التكنولوجيا، بل أيضًا القدرة على إدارة المخاطر والقيادة وقت الشدة.

أسبوع الأزمة لم يكن عابرًا، لكنه كان شهادة على كفاءة منظومة الاتصالات المصرية، وعلى أن وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات تقف على أرض صلبة، يقودها وزير يعرف متى يتدخل، ومتى يتحرك، ومتى يتخذ القرار الحاسم.

ونحن كمواطنين، نطمئن أن "السنترال" ربما يحترق، لكن الثقة لن تحترق معه، طالما هناك قيادة على مستوى المسؤولية.. مثل عمرو طلعت.