بوابة الدولة
بوابة الدولة الاخبارية

الكاتب الصحفى محمود الشاذلى يكتب :أزمة الطبيبات المستقيلات بقسم النساء بطب طنطا والدروس المستفاده .

محمود الشاذلى
-

قبل ساعات إنتهت تماما أزمة الطبيبات المستقيلات بقسم النساء والتوليد بطب طنطا ، وأسدل الستار عليها حيث عاد جميعهم رسميا إلى مواقع عملهن ، بعد تراجعهن عن الاستقالة ، وذلك بعد تدخل رئيس جامعة طنطا ، وقيادات كلية الطب ، الأمر الذى معه يستقر اليقين إلى تمتع تلك القيادات بالحكمه ، وحُسن إدارة الأزمات ، خاصة عندما أكدت إدارة كلية الطب والمستشفيات الجامعية أن الحفاظ على الكفاءات الطبية ودعم الأطباء والطبيبات هو أولوية قصوى ، مشيدة بروح التعاون والمسئولية التي أبداها جميع الأطراف ، بما يضمن إستمرار تقديم خدمات طبية متميزة للمرضى .

تألمت كثيرا عند إدراكى محاولة البعض إستغلال الأزمه لطمس معالم عطاء أطباء وقيادات مستشفيات جامعة طنطا والذى وصل دون مبالغه للعالميه ، فى تخلى عن الشفافيه ، والموضوعيه والمسئوليه فى نفس الوقت سعدت كثيرا لإنتهاء تلك الأزمه على هذا النحو ، والذى ماكان له أن يحدث لو لم تكن تتمتع تلك القيادات بالجامعه والطب بهذه الحكمه ، والرائع إستشعارى أنها أحد أبرز مكونات شخصياتهم التى تنطلق من إنسانيه ، منطلق ذلك العطاء الطبى الممزوج بالإحترام الذى أدركته لدى قادة الطب بتلك المستشفيات فى القلب منهم عميد العمداء الدكتور أحمد غنيم عميد طب طنطا ورئيس مجلس إدارة مستشفيات جامعة طنطا ، والذى حفر إسمه فى وجدان المرضى قبل الأطباء ، مرجع ذلك تعايشى اليومى مع أسيادى المرضى ، والوقوف على مايقدم من خدمة طبيه بمستشفيات جامعة طنطا ، أذهلت كل مستشفيات الجامعه على مستوى الجمهوريه ، لتميزها ، فى القلب منهم مستشفيات الفرنساوى ، والجراحات ، والأطفال ، والكلى ، ومركز المخ والأعصاب .

أتمنى أن يتم التعامل بنفس الحكمه مع أزمة حملة الدكتوراه ، وذلك بالنسبه لماتم بشأن الإمتحانات بعد مناقشتهم للرساله ، وهى قصة مؤلمه عايشتها بقسم القلب بطب طنطا بالنسبه لما حدث بالنسبه للحاصلين على الدكتوراه والذى يتوقف منحهم الدرجه بعد المناقشه إجراء إمتحان يتم فيه رسوبهم أكثر من مره ليضيع تعب السنين ، ومابذلوه من جهد فى مناقشة الدكتوراه ، فى تصرف خارج سياق المنطق والعقل ، خاصة مايتعلق فى منح الدرجات بالنسبه للإجابه على الأسئله ، وهذا ماأكدته الأحكام القضائيه التى حصل عليها بعضهم ، والتى منحتهم بمقتضاها لجان تضم كبار الأطباء بجامعات اخرى على درجات كثيره أكدت على وجود حاجه غلط ، حيث إستشعرت أن قادة تلك الأقسام يتعاملون مع الأطباء إنطلاقا من الحاكم بأمره نظرا لحساسيه تدخل قادة الكليه فى كل أزمه نظرا لمنح سلطه كامله للقسم للتعامل مع تلك الأزمات ، ساعتها أيقنت أن السلطه المطلقه مفسده مطلقه .

لاشك أن لنا إنطلاقا من ازمة الطبيبات وقفات ومنعطفات ودروس يجب أن تكون أمام متخذى القرار فى كل دواوين الوطن ، ليتعلموا من حكمة قادة الطب فى التعامل معها ، منهجيتها أن حدوث الأزمات هو أمر طبيعى ، ولايجب أن ينزعج منه أحد ، لأننا نعيش فى مجتمع بشرى فيه الأزمات من ثوابت الحياه ، ليمحص الله البشر ، ويخرج الناس مابداخلهم من عطاء ، وماحباهم الله به من رجاحة عقل وحكمه ، إنما مايزعج عدم التفاعل السريع معها ، وبحث حلول لها ، قبل أن تتفاقم وتصبح عصيه على الحل ، وترسيخ لنهج الإستكبار وعدم الإعتراف بوجود أزمه إنطلاقا من كارثة أن كله تمام التى أسقطت أنظمه ، وقضت على شعوب ، ودمرت مجتمعات ، بل وترحيل الأزمه وتصديرها لٱخرين جلدا للذات ، وإلقاءا للتهم عند كل أزمه على أى أحد والسلام ، دون النظر فى مضامينها والبحث عن ٱليه للحل ، يزيد على ذلك تسطيح الأمور لذا كان من الطبيعى أن تتفاقم الأزمات ، ونصل إلى طريق مسدود فيما يتعلق بمشكلات كثيره ، الأمر الذى معه نجد أنفسنا ندور فى دائرة مؤلمه تدفع بكل الأطراف للهروب من مواجهتها وتركها تعصف بكل شيىء .

أسعدنى كثيرا إقتحام رئيس جامعة طنطا الدكتور محمد حسين ، وعميد طب طنطا الدكتور أحمد غنيم لمشكلة الطبيبات المستقيلات من قسم النساء ، والإستماع لهن ، والرائع الإقتناع بوجود مشكله تستلزم الحل ، الأمر الذى معه أكد الدكتور محمد حسين رئيس جامعة طنطا خلال إجتماعه مع الطبيبات المستقيلات أن الجامعة بدأت بالفعل في تنفيذ إجراءات تصحيحية لتحسين بيئة العمل ، داعيًا الطبيبات إلى العدول عن ، إستقالاتهن حرصًا على مستقبلهن المهني والأكاديمي ، وكان القرار الصائب والمحترم الذى أعلنه الدكتور أحمد غنيم والمتضمن ، نقل وحدة قسم النساء والتوليد بجامعة طنطا الي المستشفي التعليمي الفرنساوي بسعة ٥٠ سرير وغرفتين للعمليات ، ووحدة مناظير امراض النساء ، وتعديل مدة النوبتجية الي 24 ساعة بدلا من 48 ساعة على أن يتم تقسيمها 12 ساعة فقط في اليوم وذلك في حالة اكتمال عدد الاطباء المقيمين ، وعمل نظام تناوب يتيح للطبيب المقيم أخذ قسطا من الراحة ، سرعة التسجيل للدراسات العليا للاطباء وإتاحة الفرصة للتدريب بصورة أفضل .

لعل من أبرز الإيجابيات لتلك الأزمه الضرورة الملحة لتوفير بيئة عمل مناسبة تضمن الحد الأدنى من الظروف الإنسانية والمهنية ليس لشباب الأطباء ، وفقط بل بالنسبه لكل العاملين بكافة القطاعات بالدوله ، مع أهمية تحسين بيئة العمل لتعظيم جودة التعليم والتدريب الطبي والمهنى ، خاصة وأن تلك الازمه أكدت على أن إستمرار الضغط غير المبرر على العاملين فى القلب منهم الأطباء المقيمين دون مراعاة لطاقاتهم وظروفهم كما أكدت نقابة الأطباء فى بيان لها يمثل تهديدا مباشرا لمسارهم المهني ، ويؤثر سلبا على قدرتهم في تقديم رعاية آمنة وفعّالة للمرضى ، عظم ذلك ضرورة مراعاة المعايير المهنية والإنسانية في تشغيل شباب الأطباء ، بما يضمن لهم بيئة تدريب آمنة ومحترمة ، تُعزز من قدراتهم ولا تستنزفهم ، حيث أن تمكين الطبيب الشاب من التعلّم والتدرّب تحت إشراف مناسب ، ووفق ساعات عمل عادلة ، هو أساس إصلاح المنظومة الصحية وبقائها قادرة على أداء دورها .

ليكن ماحدث بشأن التعامل مع تلك الأزمه نموذجا محترما لمن لديه مشكله ، إنطلاقا من التفاعل مع المشكلات والبحث لها عن حلول فى إطار من الشفافيه والمسئوليه المهنيه والمجتمعيه ، وليس إستكبارا أن يجلس رئيس العمل مع أصحاب المشكله والبحث لها عن حل ، وأن يتخلى الجميع عن سياسة أن" يخبط المتضرر من أى أمر رأسه فى الحيط " إمعانا فى الزلف والكبرياء لأن ذلك يعمق الازمه ويجعلها عصية على الحل .

الكاتب الصحفى محمود الشاذلى نائب رئيس تحرير جريدة الجمهوريه عضو مجلس النواب السابق .