بوابة الدولة
بوابة الدولة الاخبارية

الخبير التربوى الدكتور ناصر الجندي يكتب: وداعًا لرهبة الثانوية العامة البكالوريا .. الجديدة تفتح أبواب المستقبل

الخبير التربوى الدكتور ناصر الجندي
-

سنوات طويلة ظلَّت الثانوية العامة كابوسًا يطارد كل بيت مصري. يوم واحد وساعات قليلة كانت كفيلة بتحديد مصير الطالب، وكأنها حكم نهائي لا يقبل الاستئناف. اليوم، ومع انطلاق “البكالوريا الجديدة”، تبدّل المشهد كليًا: انتهى عصر “الفرصة الواحدة”، وبدأ عصر الاختيار والمرونة.
طمأنينة بعد قلق مزمن
لم يعد الامتحان النهائي معركة وجود كما كان. الأسر المصرية تنفّست الصعداء، والطلاب صاروا أكثر هدوءًا وثقة. صار النقاش في البيوت يدور حول الميول والقدرات: من يعشق الرياضيات، ومن يفضل التكنولوجيا، ومن يمتلك موهبة فنية أو عملية. للمرة الأولى، لم يعد المجموع وحده هو سيد الموقف.
البكالوريا الجديدة تعترف بتنوع القدرات. فهي لا تحصر الجميع في مسار واحد، ولا تجبر الطالب على أن يكون نسخة مكررة من غيره. الطبيب والمهندس ينهضان بالوطن، لكن الفنان والمبتكر والحرفي الماهر أيضًا لهم أدوار لا تقل أهمية. بهذا الفهم، لم تعد المدرسة مصنعًا لإنتاج قالب واحد، بل ساحة تتيح لكل موهبة أن تجد مكانها.
تحول في الثقافة المجتمعية
القوانين قد تتغير، لكن الإنجاز الحقيقي يكمن في تغيير العقلية المصرية تجاه التعليم. لأول مرة، صار أولياء الأمور يشجعون أبناءهم على اختيار ما يحبونه، حتى وإن كان بعيدًا عن “الكليات المرموقة” بمفهومها التقليدي. هذه النقلة الفكرية تُبشّر بظهور جيل أكثر حرية في التفكير، وأقل خضوعًا للضغوط الاجتماعية.
جيل جديد أكثر استعدادًا للمستقبل
البكالوريا ليست مجرد نظام امتحان، بل فلسفة شاملة تعيد للطالب إنسانيته: يُخطئ ويتعلم، يجرّب ويبدع، يبحث ويكتشف. إنها بداية لعصر جديد من التعليم يجعل أبناءنا أكثر قدرة على مواجهة المستقبل بثقة ومرونة.
لقد انتهى زمن القلق والرهبة، وبدأ زمن الاختيار والإبداع. البكالوريا الجديدة ليست مجرد ورقة امتحان، بل بداية طريق مختلف يصنع جيلًا يعرف كيف يحلم، وكيف يحوّل أحلامه إلى واقع.