الكاتب الصحفى عبدالناصر محمد يكتب : صندوق الولاء والانتماء .. وإهدار حقوق موظفى البريد

بمنتهى الإتقان يسعى كل قطاع أو هيئة بالدولة إلى إهدار حقوق العاملين حتى تظل ميزانية هذه الكيانات مرتفعة ظنا من كبار المسئولين أنهم بذلك يرتدون ثوب البطولة ومن ثم ينالون وسام الرضا من المسئولين الأكبر ويحافظون بذلك على مناصبهم المرموقة.
أمس الأول زارنى عدد غفير من كبار الموظفين السابقين بالهيئة القومية للبريد التابعة لوزارة الإتصالات المحالين إلى المعاش تكسو وجوههم علامات الغضب والحسرة بعد عقود طويلة قضوها داخل أروقة تلك الهيئة العريقة عاصروا خلالها سنين عجاف كانت الهيئة فيها تعانى من أزمات مالية وتعثر فى صرف المرتبات وعاشوا مع هذا الكيان العظيم سنوات المجد حتى أصبح يدر عوائد كبيرة ويحقق أرباحا طائلة بعد الإتجاه إلى التعاملات المصرفية فضلا عن مواكبة التطور التكنولوجى فى مختلف التعاملات ، وتحول مكتب " البوسطة " إلى مكتب متطور حديث يقدم كل الخدمات البريدية والمصرفية على أكمل وجه.
صرخات وآهات دفينة تسكن قلوبهم .. آلام وحسرات تقبع فى أحشائهم بعد رحلة سنين طويلة مضت فى هيئة البريد إنتظروا فى نهاية خدمتهم أن يتم التكريم اللائق بعد عقود من الشقاء والعناء والتعب والتفانى فى العمل وأن يحصلوا على حقوقهم كاملة بلا أى إستقطاع غير مدركين أننا فى ظل حكومة لا تعرف قيمة العطاء ولا تلتزم بأى حقوق.
أصل الحكاية أن هيئة البريد قامت فى عام ١٩٨٤ بإنشاء صندوق للعاملين بها تحت مسمى " صندوق الولاء والإنتماء " والذى تضمنت لائحته أن يتم خصم ٥ % من العاملين من أى دخل لهم من الهيئة شمل ذلك المرتبات والمكافآت والحوافز والبدلات والإثابات وبدل اللجان ومكافآت الأعياد وتحويلها إلى حساب للصندوق تم فتحه فى بنك مصر وفى المقابل يحصل الموظف عند بلوغه سن المعاش على مكافأة من الصندوق قدرها ١٠٠ شهر من المرتب الأساسى ، وظل الموظف قانعا راضيا بهذه الخصومات التى سوف يجنى ثمارها بعد أن يودع رواق الهيئة ويحال إلى سن التقاعد.
فى يونيو ٢٠٢٠ قرر مجلس إدارة الصندوق زيادة نسبة الخصم إلى ٨ % ولم يبد أحد من الموظفين أى إعتراض والبعض إعتبرها " جمعية أو تحويشة " سوف يحصل عليها فى نهاية خدمته ، وفى منتصف عام ٢٠٢١ كانت الطامة الكبرى حين أصدر الصندوق القرار رقم ٤٣٤ والذى يقضى بأن يتم صرف المستحقات للموظفين على سنة ٢٠٢٠ دون إضافة الخصومات التى تستقطع منهم بعد ذلك التاريخ مما يعنى حرمانهم من الحصول على الإستقطاعات التى تم خصمها منهم بعد ٢٠٢٠ مما تسبب فى ضياع مبالغ هائلة على كل موظف ، والغريب أن هذا القرار صدر بعد موافقة رئيس اللجنة النقابية للعاملين بالهيئة آنذاك دون الرجوع للموظفين وعدم الإتجاه إلى عقد جمعية عمومية لأعضاء هذا الصندوق وهم جموع الموظفين الذين وقعت عليهم أضرار مادية جسيمة ، ولم يجد الموظفون أى مبرر لهذا القرار خاصة وأن أوضاع الصندوق مستقرة بدليل إتجاه مجلس إدارته إلى تخفيض نسبة الخصومات بواقع ١ % لتصل إلى ٧ % فقط.
إتجه بعض الموظفين المحالين إلى المعاش إلى القضاء للمطالبة بحقوقهم المسلوبة وبالفعل صدرت أحكام قضائية بأحقيتهم فى صرف منحة الولاء والانتماء كاملة وفقا للقواعد المنظمة محسوبة على آخر مرتب يتقاضاه الموظف المتقاعد ، غير أن هيئة البريد ومسئولى هذا الصندوق كان لهم رأى آخر ولم ينفذوا هذه الأحكام القضائية.
وتقدم الموظفون بالعديد من الشكاوى إلى الدكتور عمرو طلعت وزير الإتصالات والتكنولوجيا والسيدة داليا الباز رئيس هيئة البريد المصرى ولكن لا حياة لمن تنادى ليستمر الصراع وليتواصل مسلسل إهدار الحقوق.
كاتب المقال الكاتب الصحفى عبدالناصر محمد مدير تحرير بوابة الدولة الإخبارية والخبير المالى والإقتصادى