بوابة الدولة
بوابة الدولة الاخبارية

الكاتبة الصحفية ماجدة صالح تكتب : ”فقاعة” في قمة الجبن الدبلوماسي في بلاط أصحاب الجلالة والفخامه والسمو

الكاتبة الصحفية ماجدة صالح
-

انعقدت القمة العربية الإسلامية الطارئة وسط ضجيج إعلامي، وصخب دبلوماسي، وأطنان من التصريحات "المعلبة " والمستورده ، التي اعتادتها الشعوب منذ عقود, صور فخمة، قاعات مهيبة، ومصافحات بروتوكولية، لكن خلف الكواليس لا شيء يُترجم إلى فعل، القمة التي رُوّج لها باعتبارها "طااااارئة" لم تحمل طارئًا سوى ازدحام الطائرات الخاصة في المطارات. الشعوب التي أنهكتها الحروب والاحتلال والجوع كانت تنتظر موقفًا يليق بالدماء المراقة، لكنها لم تجد سوى جمل دبلوماسية باردة لا تحرك ساكنًا.
مجرد "فرقعة" في بلاط أصحاب الجلالة والفخامة والسمو فالشعوب الغارقة في الأزمات كانت تنتظر مواقف حقيقية و قرارات توقف نزيف الدم، مواقف اقتصادية تردع المعتدين، أو حتى كلمة صريحة تكسر حاجز الصمت ، لكن النتيجة كانت بيانات فضفاضة، وعبارات مطاطية، وتوصيات لا تسمن ولا تغني من جوع. نفس الأسطوانة القديمة، تعاد كل مرة، بلا روح ولا إرادة ، بينما الأطفال يقتلون، والمدن تُهدم، والاحتلال يتمدد، يكتفي القادة بقراءة خطب رنانة ورفع الشعارات البالية ، كأن القمم صارت مسرحيات، أبطالها ملوك ورؤساء وأمراء، والجمهور شعوب محبطة تعرف مسبقًا النهاية ولا جديد تحت الشمس و الفرق بين الواقع وصور القمة صار صارخًا من جهة شعوب مسحوقة تبحث عن كرامة وعدالة. ومن جهة أخرى زعماء يتفننون في لغة الدبلوماسية الباردة، ويختبئون وراء "حسابات المصالح" التي تقيدهم أكثر مما تحميهم.
فالقمة الطارئة، التي انتظرها كثيرون كمنعطف تاريخي، لم تتجاوز كونها عرضًا مسرحيًا باذخًا، ضجيجًا بلا طحين. إنها مجرد فقاعات كلامية تنفجر سريعًا، تاركة وراءها إحباطًا متجددًا، وجرحًا غائرًا في وعي الأمة ، ويبقى السؤال: متى تتحول القمم من بلاط "الجلالة والفخامة والسمو" إلى ساحات فعل حقيقي؟ متى يتحول البيان الختامي من قصاصة ورق تذروها الرياح، إلى قرارات تعيد للأمة هيبتها؟.
ولم يكن انعقاد القمة العربية الإسلامية الطارئة وليد صحوة ضمير فجائية ولا إحساس مفاجئ بمعاناة الشعوب، بل جاء بعد الهجوم الإسرائيلي على وفد في قطر، حادثة هزّت العواصم وأربكت حسابات "أصحاب الجلالة والفخامة والسمو" ، الهجوم كشف عجز المنظومة العربية والإسلامية كلها، وأثبت أن الكيان الصهيوني لم يعد يهاب أحدًا. يضرب حيث يشاء، يقتل من يشاء، يبعث رسائله بالنار والحديد، بينما القادة يهرولون إلى قاعة مؤتمرات فاخرة ليخرجوا ببيان شاحب ، بيان مريض عليل ، بيان مرتعش
حتى ذلك الحين، ستبقى القمم الطارئة مجرد "فرقعة في بلاط الملوك"، لا يسمعها إلا من حضرها، ولا يلمس أثرها إلا بروتوكوليون امتلأت خزائنهم بالكلمات الجوفاء.
القمة التي رُوّج لها باعتبارها "طارئة" لم تحمل طارئًا سوى ازدحام الطائرات الخاصة في المطارات. الشعوب التي أنهكتها الحروب والاحتلال والجوع كانت تنتظر موقفًا يليق بالدماء المراقة، لكنها لم تجد سوى جمل دبلوماسية باردة لا تحرك ساكنًا في وقت فيه الشعوب تنزف وقادة يتثاءبون ، ففي الوقت الذي تُقصف فيه مدن، ويُقتل الأطفال، وتُحاصر شعوب بأكملها، يظهر الرؤساء والملوك والأمراء كأنهم في مهرجان فاخر لا يعنيه صراخ الشارع. تكررت الكلمات الرنانة: "نستنكر، نرفض، نؤكد"، بينما الاحتلال يبتسم ساخرًا " خليهم يتسلوا"، وخصوم الأمة يواصلون مخططاتهم بلا رادع لان النتيجة بيانات كرتونية وقرارات من ورق ، البيان الختامي لم يخرج عن كونه ورقة بروتوكولية تصلح للتاريخ الرسمي، لا للواقع المرير ، ف لا عقوبات، لا مقاطعات، لا قرارات ملزمة، مجرد "إحالات" و"دعوات" و"إشادات"، وشجن وكأن القضية مجرد ملف إداري في وزارة خارجية.
ولقد تحولت القمم العربية والإسلامية إلى مسرحيات موسمية ، كالعاده نفس الأدوار، نفس الممثلين، نفس النهاية. أمة تئنّ تحت الركام، وزعماء يختبئون خلف كراسٍ ذهبية يلمّعون ألقابهم بـ "الجلالة" و"الفخامة" و"السمو".
الهجوم على الوفد في قطر لم يكن استثناءً، بل امتدادًا لمسلسل طويل من الدماء العربية المهدورة. الفارق الوحيد أن هذه المرة جاء الاستهداف أقرب إلى أصحاب الكراسي، فاهتزت الكاميرات وارتبك البلاط. أما دماء الشعوب التي تسيل يوميًا، فلم تحرك ساكنًا منذ عقود ، العدو يعرف جيدًا حجم هؤلاء القاده افواه فقط ، و أن بيانات القمم لا تتجاوز منصات الإعلام. لذلك يواصل جرائمه بثقة، مطمئنًا أن الرد لن يكون إلا كلمات منمقة يكتبها موظفو الدواوين الملكية ، ويبقى السؤال : إلى متى تظل الشعوب رهينة لزعماء يملكون كل مفاتيح القوة، لكنهم يختارون أن يكونوا أسرى للبيانات؟ إلى متى تبقى الكلمة أثقل من الفعل، والموقف مجرد عنوان صحفي بلا مضمون؟ ، القمة الطارئة انتهت اليوم ، لكن المأساة مستمرة ، الشعوب ستدفع الثمن، والملوك والرؤساء سيواصلون حياتهم بين القصور والمؤتمرات. والنتيجة فرقعة بروتوكولية في بلاط أصحاب الجلالة والفخامة والسمو، لا أكثر ولا أقل ، وإن لله وإن إليه راجعون في شعوب قتلها التمني في رؤساء ضعفاء ، تفننوا في دفن رؤوسهم في التراب .

كاتبة المقال الكاتبة الصحفية ماجدة صالح مدير تحرير جريدة الوفد