بوابة الدولة
بوابة الدولة الاخبارية

الكاتب الصحفى عبدالناصر محمد يكتب: ملائكة الرحمة .. والهروب الكبير !!

الكاتب الصحفى عبدالناصر محمد
-

تشهد المستشفيات الحكومية فى الفترة الحالية أزمة شديدة تتمثل فى حدوث نقص حاد فى عدد الممرضين والممرضات بعد خروج نحو ١٠٠ ألف ممرض من سوق التمريض وإتجاه معظمهم للهجرة خارج البلاد.
ملائكة الرحمة لم يجدوا بديل عن الهجرة التى تحقق لهم أحلام الثراء وتقضى على الفقر والأزمات المعيشية الصعبة التى يواجهونها فى مصر مثلهم مثل باقى الشعب تلك الظروف التى دفعتهم للهروب إلى العديد من الدول سواء العربية وبخاصة الكويت والسعودية أو الأوروبية وتحديدا ألمانيا التى تعانى من نقص شديد فى أعداد الأطباء وأيضا الممرضين.

وقد أبدت النقابة العامة للتمريض برئاسة الدكتورة كوثر محمود نقيب التمريض وعضو مجلس الشيوخ مخاوفها من إتساع فجوة العجز فى أعداد الممرضين خاصة وأن أعدادهم فى تراجع مستمر حيث يبلغ عدد الممرضين المسجلين فى النقابة حاليا نحو ٢٢٠ ألف ممرض فقط.
يحدث ذلك على الرغم من أن منظمة الصحة العالمية توصى بوجود ٣ ممرضين مقابل كل طبيب لضمان جودة الرعاية ، لكن فى مصر الأوضاع مختلفة تماما حيث تشير الإحصاءات إلى وجود طبيب لكل ٢ ممرضين ، فضلا عن وجود ٩ ممرضين فقط لكل ١٠ آلاف مواطن وهى فجوة خطيرة تنعكس مباشرة على المريض الذى لا يحصل على الرعاية الكافية.
نتيجة لهذا العجز أصبحت الرعاية الطبية فى المستشفيات الحكومية بالأخص تواجه خطر كبير يعود بالسلب على المرضى وتتسبب فى تأخر حالاتهم المرضية ، خاصة فى ظل وقوع أعباء ثقيلة على عاتق أطقم التمريض المتواجدون حاليا فى المستشفيات حيث تجد ممرضة واحدة نفسها مسئولة عن ١٥ أو ٢٠ مريض فى قسم داخلى وهو وضع يفوق قدرات أى إنسان ويهدد بوقوع أخطاء كارثية.
ورغم المعاناة التى يواجهها أطقم التمريض فى مصر حاليا نجد وزارة الصحة ومسئولى المستشفيات يرفعون شعار التعنت فى وجه هؤلاء الممرضين ويرفضون زيادة مرتباتهم الضئيلة التى أصبحت لا تتناسب مطلقا مع حالات الجنون فى الأسعار التى أصابت كل شىء فى مصر ، فضلا عن الأزمات النفسية التى يتعرض لها الممرضين نتيجة سوء المعاملة من جانب الجمهور المصاحب لكل مريض حيث أن الممرضين يقع على عاتقهم عبء المواجهة المباشرة مع رفقاء المرضى.

ومن المتوقع أن يتضاعف العجز فى أعداد الممرضين بحلول عام 2030، تزامنًا مع تطبيق منظومة التأمين الصحي الشامل فى كل المحافظات، وبالتالي فإن هناك احتياج لأعداد مضاعفة من التمريض ولذلك فإنه يجب على وزارة الصحة والسكان مراجعة القرار الخاص بالتكليف التمريض وفقًا للاحتياجات الصحية والذى يقلص أعداد الممرضين وأن يجري تكليف التمريض لكل الجهات والقطاعات التابعة لوزارة الصحة والسكان والمتمثلة في «الهيئة العامة للمعاهد والمستشفيات التعليمية، هيئة التأمين الصحى، أمانة المراكز الطبية المتخصصة، الأمانة العامة للصحة النفسية، إدارة المؤسسة العلاجية، ومديريات الشئون الصحية بجميع المحافظات
فضلًا عن الهيئة العامة للرعاية الصحية والمسؤولة عن تطبيق منظومة التأمين الصحي الشامل في 6 محافظات كمرحلة أولى، وجار تطبيق المنظومة فى 5 محافظات كمرحلة ثانية، بالإضافة إلى المستشفيات الجامعية.
ولا شك أن تسرب الكفاءات التمريضية ينعكس بالسلب على حالة المرضى ويعرضهم لمخاطر جسيمة ونقص أعدادهم فى مصر يمثل سرطان ينهش فى جسد المنظومة الصحية بأكملها.
ولابد من البحث عن حلول جذرية لمواجهة المشاكل التى يعانى منها أطقم التمريض والتى تتمثل فى
ساعات العمل الطويلة فضلا عن الضغوط النفسية والجسدية
ونقص الأمان مع عدم وجود تأمين كافٍ للممرضين مما يجعلهم عرضة للخطر فى الوقت التى تتوافر فيه عوامل الجذب المختلفة التى تجعلهم متمسكون بالعمل داخل مصر ويتراجعوا عن فكرة الهجرة إلى الخارج.
كاتب المقال الكاتب الصحفى عبدالناصر محمد مدير تحرير بوابة الدولة الإخبارية والخبير المالى والإقتصادى