بوابة الدولة
بوابة الدولة الاخبارية

الكاتب الصحفى عبدالناصر محمد يكتب.. كيف إستقبل الشعب خبر رحيل الزعيم جمال عبد الناصر ؟

الكاتب الصحفي عبد الناصر محمد
-

تمر اليوم الذكرى الخامسة والخمسون على رحيل زعيم الأمة الرئيس جمال عبد الناصر ذلك اليوم وكان يوم الأثنين الذى ذاقت فيه الجماهير العربية والشعوب العاشقة للحرية مرارة الفراق .. غاب عن الدنيا فجأة بعد أن ترك بصمات واضحة فى تاريخ مصر والأمة العربية وأصبح رمزا للحرية والإستقلال

رحل " قنديل الغلابة " .. ذلك الرجل الذى كان رحيما بهذه الفئة الضعيفة والمستضعفة.. رحل بعد أن أرسى مبادىء كرامة المواطن المصرى وبعد أن حفر إسمه بأحرف من ذهب فى أذهان كل الشعوب العربية التى لازالت تعتبره رمزا وطنيا كبيرا تسير على خطاه وتقتفى أثره رغم مرور أكثر من نصف قرن من الزمان على رحيله المفاجىء.. السطور القادمة تحكى تفاصيل تلك اللحظات التى شعرت فيها الأمة العربية أنها فقدت الروح .

المشهد الأول

فى ليلة مقدسة تمتد فيها إحتفالات الأمة الإسلامية بذكرى ليلة الإسراء والمعراج ليلة يوم الأثنين السابع والعشرون من رجب عام ١٣٩٠ هجريا الموافق ٢٨ سبتمبر ١٩٧٠ الكل فرحان ويوزعون الحلوى على الأطفال و الغلابة وسط أنوار تتلألأ تغطى سماء القاهرة حتى الأقباط خرجوا من ديارهم ليشاركوا المسلمين أفراحهم وإحتفالاتهم فى تلك الليلة الجليلة لا يدرك الجميع ماذا تخبىء لهم الأقدار.. فى تمام الساعة السابعة لاحظ البعض قطع البرامج التقليدية فى الإذاعة والتليفزيون وتقديم تلاوة القرآن الكريم بدلا منها و هنا إرتجفت القلوب .. البعض شعر بأن شىء ما قد حدث وأن حدثا جسيما قد وقع ، فيما ظن البعض الآخر أنه ربما يأتى فى إطار الإحتفال بليلة الإسراء والمعراج إلا أنه لم يصل إلى ذهن أحد حقيقة ما حدث إلى أن تبينت الحقيقة وأعلن أن السيد محمد أنور السادات نائب رئيس الجمهورية سوف يتحدث إلى السادة المواطنين.

المشهد الثانى

بمجرد أن أعلن السادات الخبر الصادم تحولت الأفراح إلى مآتم وفرت الدموع من الرجال قبل النساء وعم الصراخ والعويل بيوت جماهير الوطن وإنطفأت الأنوار وإتشح الجميع بالسواد فكم كان الخبر صادما والمفاجأة كانت مفجعة زلزلت وجدان الجميع وهزت مشاعرهم ودمت قلوبهم إنه الرحيل المر لزعيم الأمة العربية .. مات جمال عبد الناصر الذى يسكن قلوب الجماهير لما قدمه من تضحيات كبيرة وحقق إنجازات عظيمة إستطاع أن يحنو بحق على الغلابة وإنتشلهم من براثن الذل والعبودية ورفع عنهم الظلم والقهر وإستعاد كرامتهم المهدرة التى داس عليها باشاوات ومحاسيب الملك ولذلك أطلق عليه البسطاء لقب " قنديل الغلابة " الذى أضاء لهم طريق الحرية والعدالة والكرامة.

المشهد المهيب

تقرر أن تشيع جنازة الفقيد الغالى الذى رحل صغيرا عن عمر يناهز ٥٢ عاما فقط حقق خلالها ما لم يقدر على تحقيقه رجال كل منهم عاش مائة عام مما يعدون .. فى يوم الخميس الأول من شهر أكتوبر وهو اليوم الثالث من الرحيل المفجع حيث ظل كثير من الرجال يفترشون الشوارع يبيتون فيها إنتظارا للحظة الوداع ليوارى الجثمان الطاهر الثرى ليستقر كما هو متفق عليه فى مقبرة جامع النصر بكوبرى القبة الذى تغير إسمه عقب الرحيل إلى مسجد عبدالناصر.

شلالات بشرية تملأ شوارع موكب الجنازة وفوق أسطح المنازل أكثر من ستة ملايين من جماهير الشعب جائوا من كل فج عميق ليلقوا نظرة الوداع على زعيمهم العظيم حبا وإخلاصا له الكل ينتحب نساء كثيرات يلطمن الخدود الرجال يتسابقون يحاولون إختراق الموكب من بين كتائب جنود الجيش المحيطة به منذ أن سار الموكب المهيب من مجلس قيادة الثورة إلى قصر النيل مرورا بالتحرير ورمسيس وصولا إلى ميدان العباسية حتى مرقده الأخير بالمسجد الواقع حاليا بشارع الخليفة المأمون الكل يطمح أن يلامس النعش ليقبلّه أو حتى يمس العلم الذى يحتضن جثمان حبيب الملايين ناصر الغلابة حشود أخرى حاولت أن تصل إلى العربة الحربية المصفحة التى كان يستقلها عبدالناصر فى زياراته للمواقع العسكرية الكل يسعى فقط لملامستها وتقبيلها لمجرد أن الزعيم كان يستقلها " أى حب هذا وعشق لزعيم لم تنجب الأمة مثله " تلك هى جنازة عبدالناصر التى لم يشهد تاريخ العالم مثلها مهما كانت شخصية المودع إنه الزعيم جمال عبد الناصر .. جموع الشعب والوفود العربية وزعماء العالم الكل يبكى على فقيد التحرر والإستقلال جماهير الوطن بأعلى صوت تهتف .. " بالروح بالدم هنكمل المشوار " .. نعم نعاهدك يا جمال يا حبيب الملايين بأن نكمل مشوارك بأرواحنا ودمائنا.

كاتب المقال الكاتب الصحفى عبدالناصر محمد مدير تحرير بوابة الدولة الإخبارية والخبير المالى

والإقتصادى