بوابة الدولة
بوابة الدولة الاخبارية

عبدالرحمن سمير يكتب..النحو.. وأنا ..واللاوندى

الكاتب
-

هل كان يعلم واضع علم النحو( أبو الأسود الدؤلى) أو أعجوبة زمانه (سيبويه )صاحب كتاب (الكتاب) فى النحو أنه ستاتى أجيال من طلاب العلم في مصر والعالم العربي تكره النحو ، وتراه علما صعبا ولا فائدة مرجوة منه . هل كان يتصور( الخليل بن أحمد الفراهيدى) واضع علم العروض وأحد أبرز علماء النحو أنه لن يكون مهتما بهذا العلم إلا بعض دارسيه .

هل كان يدور بذهن علماء النحو العظام أمثال ( الكسائى) و(ابن مالك) صاحب كتاب ألفية ابن مالك أنه سيأتى طالب علم فى يوم من الأيام و يسأل بكل بساطة وسخرية لماذا ندرس النحو ؟ وما الفائدة التى ستعود علينا من دراسته؟ وهل نسير فى الشارع لنتحدث بالنحو ؟ و هل ستتقدم البلاد بدراسته ؟لماذا نضيع أوقاتا كبيرة في مذاكرته ؟ ونحن لسنا مقتنعين بجدوى دراسته . كل تلك الأسئلة تطرحها الأجيال الحالية، وأرى فى أسئلتهم تلك بعض الوجاهة خاصة أنهم تعلموا فى مدارسنا بطريقة لا تجعل النحو محببا إليهم بل تجعله منفرا لهم ، وقد كنت مثلهم . وأنا طفل صغير في مراحل التعليم المختلفة لا أحب النحو ، وابتعد عنه بعد المشرق والمغرب حتى بعد أن التحقت بكلية الآداب قسم اللغة العربية (جامعة عين شمس) ظلت بينى وبين النحو خصومة وجفاء فلم يستطع أحد من أساتذتى العظام في القسم أن يزيل تلك الخصومة وهذا الجفاء بيننا ولكن بعد التخرج وعملى كمعلم للغة العربية بدأ عشقى للنحو يظهر وبدأت أتذوق جمله ومفرداته ومواقع كلماته حتى أننى وصلت لمرحلة لا يمكن لأذنى سماع أى أخطاء نحوية سواء من بعض المذيعين على شاشات التلفزيون أو من بعض خطباء الجمعة فى مساجدنا وما أكثرهم دون أن أصوب هذا الخطأ ، ويضايقنى أشد الضيق عندما أرى الأخطاء النحوية تكثر في كلام بعض الساسة وضيوف البرامج الحوارية وقد أحزننى ما شاهدته على شاشة التلفاز من أخطاء للسادة نواب مجلس الشيوخ صفوة المجتمع. أتذكر فى إحدى المرات وكنت أجلس أشرح درسا لطالب عندى وأثناء الشرح قال لى بعفوية ممكن تشرح لى بالعربى وكم كانت دهشتى حتى أنني أخذت أضحك بصوت مرتفع وبقهقهة عالية وتذكرت مقولة الفنان (عبدالمنعم إبراهيم) فى أحد أفلامه وهل أتكلم باللاوندى؟! واللاوندى لمن لا يعرفها هى اللغة غير الواضحة وغير المفهومة وكانت تطلق على الجنود العثمانيبن غير النظاميين من أصول إيطالية أو شرقية . النحو فرع هو الأهم فى فروع اللغة العربية فى وجهة نظري المتواضعة والمحبة للغة ولولا وجود النحو الذى حافظ على اللغة من اللحن والخطأ لضاعت قواعد اللغة . أنا أعشق النحو عشقا خاصا وأفضله على كل فروع اللغة العربية ودائما ما أتعارك نحويا ولغويا مع زملائى وتلامذتى وطلابى حول حبى الشديد له ، ولا يعلم أهمية علم النحو الا المتذوق للغة المتبحر فيها والمحب لها الغيور عليها ، لا غنى للغة العربية عنه أو بقية فروع اللغة من عروض وصرف وغيره ، ولابد من التصدى لتلك الأسئلة بطريقة ذكية و إيجاد حلول جديدة ومبتكرة تستطيع أن تجيب عن هذه التساؤلات المشروعة حول جدوى دراسة النحو والصرف ومدى فائدته للدارسين للغة العربية خاصة بعد انتهاء دراستهم لها . فهؤلاء التلاميذ وطلاب العلم لا يعرفون أن النحو وضع خصيصا لحماية اللغة من اللحن والخطأ وحفظ فصاحتها وسلامتها . فهل يأتى يوم نجد محبين كثر للغة العربية وفروعها وخاصة النحو ؟! أم سيظل الوضع هكذا ؟!