بوابة الدولة
بوابة الدولة الاخبارية

المستشار محمد سليم : يدق ناقوس الخطر .. صناعة السكر المصرية على حافة الانهيار

 المستشار محمد سليم،
-

أطلق المستشار محمد سليم، عضوالمحكمة العربية لفض المنازعات وعضو اللجنة الدستورية والتشريعية بمجلس النواب السابق ، وصاحب الخبرة العميقة في ملفات الصناعة والزراعة، تحذيرًا شديد اللهجة بشأن تفاقم أزمة السكر في الأسواق المحلية، مؤكدًا أن الأمر لم يعد مجرد ارتفاع في الأسعار، بل يهدد بإحداث صدمة حقيقية في قطاع حيوي يمس الأمن الغذائي للمواطن المصري ويؤثر بشكل مباشر على ملايين المزارعين والعمال في إدارات الإنتاج والمصانع والمخازن.

وقال " سليم " فى تصريحاته التي اتسمت بنبرة عالية من القلق، مسلطاً الضوء على الأسباب الجوهرية لهذه الأزمة التي طالت واحدة من أكثر السلع الأساسية استخدامًا في كل بيت مصري، مشيرًا إلى أن ارتفاع سعر الدولار، بالإضافة إلى القيود المتزايدة على استيراد السكر الخام، قد ألقيا بظلال ثقيلة على مصانع التكرير والمزارع على حد سواء.

وقال " سليم "ما نشهده اليوم لم يعد مجرد حالة ارتفاع في الأسعار، بل هو نتاج تراكمات لسنوات من تجاهل تحديث الصناعة وتطوير آليات الإنتاج، وهو ما جعلنا في موقف صعب أمام تقلبات السوق العالمية وسعر العملة، بل وأصبحنا مهددين بفقدان ركيزة أساسية في منظومة الأمن الغذائي الوطني".

وأضاف " سليم " أن اعتماد مصر بشكل متزايد على استيراد السكر الخام لتكريره محليًا خلق حالة من التبعية الاقتصادية تهدد مستقبل الصناعة الوطنية، خاصة في ظل تهالك المعدات المستخدمة في أغلب مصانع السكر، والتي وصفها بأنها "مراوح صدئة تدور في فضاء اقتصادي لا يرحم". وأكد أن استمرار التشغيل بهذه المعدات القديمة لم يعد مجرد تكلفة تشغيلية إضافية، بل يمثل "نزيفًا مستمرًا" لرأس المال، لافتًا إلى أن الأعطال الفنية وتراجع كفاءة التشغيل باتا جزءًا من الروتين اليومي داخل أغلب خطوط الإنتاج.

وأشار سليم إلى أن فجوة الأسعار الحالية بين سكر التموين والسكر الحر تمثل قنبلة موقوتة تهدد بتفشي المضاربة والاحتكار في الأسواق. ففي الوقت الذي تُباع فيه عبوة السكر في منافذ التموين بسعر 12.60 جنيهًا للكيلوجرام، يقف المستهلك حائرًا أمام السعر الحر الذي تجاوز حاجز الـ35 جنيهًا للكيلو في بعض المناطق، وهو ما وصفه النائب بـ"الخلل الخطير" الذي يحتاج إلى تدخل فوري من الحكومة لضبط آليات التسعير.

وأوضح " سليم " أن هذه الفجوة تثير حالة من الارتباك في الأسواق وتفتح الباب على مصراعيه أمام مغامرات التجار والمضاربين الذين يسعون لاستغلال الارتفاعات السعرية لجني أرباح على حساب المستهلكين والمصنعين والمزارعين في آن واحد.

شدد "سليم" على ضرورة الإسراع في وضع آلية عادلة تضمن تحقيق التوازن بين مراحل الإنتاج والتسويق والتوزيع، خاصة في ظل المعاناة المتزايدة للمزارعين الذين يواجهون ارتفاعًا ملحوظًا في تكلفة زراعة بنجر السكر وقصب السكر، دون وجود تسعير مناسب يعوضهم عن تلك التكاليف أو يمنحهم هامشًا منطقيًا من الربح يضمن استمرارهم في الإنتاج.

وطالب " سليم " بضرورة تدخل وزارة التموين والتجارة الداخلية لوضع خطة شاملة لإنقاذ الصناعة الوطنية عبر مسارين متوازيين؛ الأول يتعلق بفرض رسوم تنظيمية على واردات السكر الخام بشكل يحد من إغراق السوق ويعطي الأولوية للإنتاج المحلي، والمسار الثاني يتضمن وضع جدول زمني عاجل لتحديث خطوط الإنتاج ورفع كفاءة المصانع ودعم القطاع الخاص في تطبيق هذه الإجراءات.

وفي ختام حديثه، لم ينسَ " سليم " أن يشدد على ضرورة إطلاق استراتيجية قومية لتوسيع رقعة زراعة محاصيل السكر في مصر، سواء في دلتا النيل أو أراضي الصعيد، مشيرًا إلى أن مصر تمتلك من المقومات البشرية والطبيعية ما يجعلها قادرة على تحقيق الاكتفاء الذاتي خلال سنوات قليلة، بشرط توفر الإرادة السياسية والاقتصادية القوية.

واشار " سليم " لسنا بحاجة لمزيد من الأخبار عن ارتفاع الأسعار أو نقص المعروض، نحن بحاجة إلى قرارات شجاعة وخطط تنفيذية حقيقية تعيد لقطاع السكر المصري مكانته التي يستحقها، وتجنّبنا الوقوع في فخ الاستيراد الدائم، ففي بلد بحجم مصر لا يصح أن يتحكم في غذائها وسياساتها الاقتصادية تاجر عملة أو مستورد منفرد."

وطالب " سليم " ، الحكومة وكافة الجهات المعنية التحرك العاجل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل أن تتفاقم الأزمة وتتحول إلى كابوس على طاولة غذاء كل أسرة مصرية.