ترقب عالمي لقرار المحكمة العليا الأمريكية بشأن مدى شرعية رسوم ترامب الجمركية

تبدأ المحكمة العليا الأمريكية خلال أيام جلسات الاستماع في قضية يعتبرها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب "واحدة من أهم القضايا في تاريخ البلاد"، حيث يهدد الحكم القضائي المرتقب بإبطال الرسوم الجمركية التي فرضها على كثير من دول العالم، وتعد الركيزة الأساسية في أجندته الاقتصادية.
وفي خطوة غير مسبوقة، لمح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى احتمال مثوله شخصيا أمام المحكمة العليا للدفاع عن موقفه في القضية التي تنظر ما إذا كان يتمتع بالسلطة القانونية لفرض تلك الرسوم بموجب قانون "السلطات الاقتصادية الدولية الطارئة"، بحسب ما نقلته شبكة "سي إن إن" الأمريكية.
وكان ترامب قد استخدم هذا القانون لرفع الرسوم الجمركية إلى مستويات قياسية بلغت 50% على شركاء تجاريين كبار مثل الهند والبرازيل، و145% على الصين في وقت سابق من العام.
ولا يعني صدور حكم ضد ترامب إلغاء الرسوم المفروضة فورا، إلا أن نتيجة القضية قد تعيد رسم ملامح السياسة الاقتصادية الأمريكية بالكامل وتحد من قدرة ترامب على استخدام سلاح الرسوم كأداة تفاوضية.
وحتى 23 سبتمبر، دفعت الشركات الأمريكية نحو 90 مليار دولار مقابل الرسوم المفروضة بموجب القانون، وفق بيانات هيئة الجمارك وحماية الحدود الأمريكية، أي ما يزيد عن نصف الإيرادات الجمركية التي جمعتها البلاد خلال السنة المالية 2025 المنتهية في 30 سبتمبر، وقال ترامب إنه في حال حكمت المحكمة ضده، فإن الحكومة "ستضطر إلى إعادة الأموال" وتعويض الشركات عن المبالغ التي دفعتها.
وخلال فترة نظر القضية، والتي قد تمتد لأشهر، ستظل الشركات مطالبة بسداد تلك الرسوم، ما يعني أن حجم التعويضات المحتملة سيواصل الارتفاع، إلا أن المحامين التجاريين أوضحوا أن عملية استرداد الأموال ستكون معقدة وبطيئة، ومن غير المؤكد أن جميع الشركات التي دفعت الرسوم ستحصل على تعويضات، إذ قد تحدد المحكمة من يستحقها في حال رُفعت الصلاحية القانونية لتلك الرسوم.
واعتمد ترامب خلال ولايتيه الرئاسيتين على التهديد الفوري بفرض رسوم مرتفعة كأداة ضغط لإجبار الدول على توقيع اتفاقيات تجارية جديدة أو تعديل القائم منها، وفي المقابل، التزمت تلك الدول بزيادة وارداتها من السلع الأمريكية وتعزيز استثماراتها داخل الولايات المتحدة، إلى جانب خفض رسومها على الصادرات الأمريكية، لكن هذا النهج قد يصبح مهددا إذا حكمت المحكمة ضد ترامب.
وقال الخبير القانوني الأمريكي ديف تاونسند إن "الرسوم المفروضة بموجب قانون السلطات الاقتصادية الدولية الطارئة كانت الأساس الذي بُنيت عليه اتفاقيات الولايات المتحدة التجارية، ولا أحد يعلم ما الذي سيحدث إذا لم يعد بالإمكان فرض تلك الرسوم"، مضيفا أن إدارة ترامب قد تعتبر أن الاتفاقيات "ما زالت سارية"، إلا أن الدول الشريكة قد تستغل الموقف لإعادة التفاوض أو حتى فرض رسوم انتقامية على الصادرات الأمريكية.
ويملك الرؤساء الأمريكيون سلطات واسعة لفرض الرسوم الجمركية، لكن ترامب اعتمد في ولايته الثانية بشكل أساسي على رسوم السلطات الاقتصادية الدولية الطارئة، ورسوم المادة 232، التي تخوّل للرئيس ترامب فرض رسوم إضافية على أساس "الأمن القومي".
وتقتصر المادة 232 على قطاعات صناعية محددة وتتطلب تحقيقا من وزارة التجارة قبل التنفيذ، وقد استخدمها ترامب هذا العام لفرض رسوم على السيارات وقطع الغيار والصلب والألمنيوم والنحاس والأثاث، إلى جانب تحقيقات مستمرة قد تؤدي إلى فرض رسوم جديدة على سلع أخرى.
وبغض النظر عن قرار المحكمة، سيظل ترامب قادرا على استخدام هذه الأدوات، إلا أن أيا منها لن يمنحه حرية المناورة السريعة في تغيير الرسوم كما يفعل قانون السلطات الاقتصادية الدولية الطارئة، وهو ما يجعل قرار المحكمة المرتقب لحظة حاسمة قد تحدد مستقبل السياسة التجارية الأمريكية لسنوات قادمة.

