معلومات الوزراء يستعرض أبرز سمات جيل زد وسلوكياته الاقتصادية

أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء تقريراً جديداً بعنوان " جيل زد والاقتصاد المرن"، استعرض خلاله أبرز سمات جيل زد وسلوكياته الاقتصادية، وكيف ينظم هذا الجيل علاقته مع الاقتصاد، وأنماط إنفاقه واستهلاكه، وتأثيره على سوق العمل، فضلًا عن التحديات التي يواجهها، ليختتم بمجموعة من التوصيات العملية التي تمكِّنه من مواجهة المستقبل بثقة ونجاح.
أوضح التقرير أن مصطلح "جيل زد" يشير إلى الأشخاص المولودين بين عامي 1997 و2012، ويقع هذا الجيل بين جيل الألفية وجيل ألفا، وقد تشكَّلت هوية "جيل زد" في ظل العصر الرقمي، والقلق المتزايد بشأن التغيّر المناخي، والتقلُّبات في الأوضاع المالية، فضلًا عن تأثيرات جائحة "كوفيد-19"، ويُعرف أفراد هذا الجيل بأنهم "جيل الرقميين الأصليين"؛ إذ يُعتبرون أول جيل نشأ منذ طفولته مع وجود الإنترنت والتكنولوجيا الحديثة، وتتمثل سماتهم الرئيسة في: الواقعية في نظرتهم للعمل، أذكياء ماليًّا ويميلون للتوفير والاستثمار، أكثر عرضة للشعور بالقلق، السفر بالنسبة لهم ضرورة لا رفاهية، يعتبرون وسائل التواصل الاجتماعي آلية التواصل الرئيسة، كما أن لديهم تطلعات كبيرة تجاه الذكاء الاصطناعي، ويفضلون التخصص والمدارس المهنية، وأقل ميلًا للتخطيط للتقاعد، ويعطون الأولوية للولاء الوظيفي.
أشار التقرير إلى أن اقتصاد العمل المرن هو سوق عمل تعتمد على العقود قصيرة الأجل أو العمل الحر المستقل، بخلاف الوظائف التقليدية ذات الدوام الكامل؛ فهو يمثل نقيض نمط العمل التقليدي الذي يلتزم بساعات محددة؛ حيث يعمل معظم الأفراد من التاسعة صباحًا حتى الخامسة مساءً. ويوفر اقتصاد العمل المرن لجيل زد جدول عمل مرنًا، وإمكانية تنويع مصادر دخلهم، إضافة إلى فرص اكتساب مهارات وخبرات جديدة، كل ذلك جعله خيارًا جذابًا لأولئك الذين يبحثون عن مسار مهني أكثر استقلالية وإشباعًا لطموحاتهم.
أشار التقرير إلى أن "جيل زد" يُعد أول جيل رقمي حقيقي؛ إذ نشأوا منذ صغرهم وهم على اتصال بوسائل التواصل الاجتماعي والتقنيات الرقمية، وتتمثل أبرز معالم جيل زد والاقتصاد المرن فيما يلي: الحصول على فرص العمل من خلال المنصات الرقمية، تعدد مظاهر الدخل، العملات المشفرة هي الاستثمار الأكثر شيوعًا بين مستثمري هذا الجيل.
لفت التقرير الانتباه إلى أن القوة الشرائية لهذا الجيل تُقدَّر بأكثر من 400 مليار دولار أمريكي عالميًّا، وتنتشر بين أفراده خدمات "اشترِ الآن وادفع لاحقًا"، إذ يستخدمها أكثر من 44% من المشترين الرقميين فوق سن 14 سنة، وقد ازداد الإقبال عليها بنحو ستة أضعاف خلال خمس سنوات. كما يعتمدون على توصيات العائلة والأصدقاء لاكتشاف علامات تجارية جديدة في المرتبة الأولى، وتأتي إعلانات "يوتيوب" في المرتبة الثانية. وعلى عكس جيل الألفية، فهم يُفضِّلون التسوق داخل المتاجر، ويُظهرون اهتمامًا واضحًا بالتميُّز الفردي؛ إذ يفضِّل 48% منهم العلامات التجارية التي لا تُصنِّف منتجاتها حسب النوع الاجتماعي.
يُظهر هذا الجيل أيضًا استعدادًا واضحًا للدفع مقابل خدمات بث الموسيقى؛ إذ تشير بيانات عام 2025 إلى أن 67.6% منهم مشتركون في هذه الخدمات، في المقابل، لا يهتم سوى أقل من 16% بالصحف أو الاشتراكات في المجلات أو الكتب الإلكترونية؛ ما يعكس تراجع جاذبية المحتوى التقليدي لديهم.
أما من حيث الحضور الرقمي، فـ81% منهم يقضون ساعة واحدة على الأقل يوميًّا على منصات التواصل الاجتماعي، بينما يقضي أكثر من نصفهم ثلاث ساعات أو أكثر. وتشير البيانات إلى أن الفتيات أكثر استخدامًا لهذه المنصات مقارنة بالذكور. كما يُفضِّلون المحتوى القصير الذي لا يتعدى بضع دقائق، مثل المقاطع المنشورة عبر و(Instagram Reels) و(YouTube Shorts) (TikTok)؛ مما يعكس أسلوبهم السريع في الاستهلاك الرقمي وتفاعلهم مع المحتوى البصري السريع. وتُعَد الجودة من أبرز هذه المعايير، ووفقًا لاستطلاع رأي أجرته شركة "نيلسن" بالنيابة عن "أمريكان إكسبريس" بكندا، أكد 63% من جيل زد أنهم يفضلون الشراء من علامات تجارية تقدم منتجات عالية الجودة. كما يلعب التأثير الاجتماعي دورًا كبيرًا في قراراتهم الشرائية؛ حيث أشار 45% إلى أنهم ينفقون أكثر إذا كان أصدقاؤهم يتسوقون من العلامة التجارية نفسها.
كما تشير الإحصاءات إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي تؤثر على قرارات الشراء لدى 28% من الفئة العمرية بين 13 و17 عامًا، و39% من الفئة بين 18 و23 عامًا.
سلط التقرير الضوء على ما أشارت إليه دراسة حديثة لمنصة "مافلي" تعود لعام 2024 إلى أن المؤثرين وصنّاع المحتوى أصبح لهم تأثير كبير على قرارات الشراء، خاصة بين الأجيال الشابة. فقد أشار 28% من المستهلكين إلى أنهم اشتروا هدايا خلال العام الماضي بناءً على توصية من مؤثر، وترتفع هذه النسبة إلى 52% لدى جيل زد، و36% لدى جيل الألفية. كما أظهرت الدراسة أن 34% من المشاركين يثقون في توصيات المؤثرين المحليين أو الصغار، وتصل هذه الثقة إلى 58% بين أفراد جيل زد. وقد شملت الدراسة أكثر من 1000 مستهلك أمريكي، وأظهرت أن أكثر من نصفهم (54%) يخططون للتسوق خلال موسم العطلات عبر الإنترنت والمتاجر معًا، بينما تميل الأجيال الأكبر سنًّا إلى الشراء عبر الإنترنت فقط. كما أفاد 56% من المشاركين أن جزءًا من مشترياتهم خلال العطلات كان لمنتجات شاهدوا ترويجها عبر مؤثرين.
أوضح التقرير أن جيل زد يعتمد بشكل خاص على ترشيحات الهدايا وتوصيات المؤثرين كمصدر للإلهام عند الشراء؛ إذ استخدم 47% منهم ترشيحات الهدايا، وأظهروا ثقة كبيرة في المحتوى المقدم من المؤثرين المحليين. ورغم هذا التأثر الملحوظ بالمحتوى التسويقي، فإن قرارات الشراء لا تكون فورية؛ حيث يحتاج معظم المستهلكين إلى رؤية الإعلان مرتين أو ثلاث قبل اتخاذ القرار، بينما يحتاج 23% من جيل زد إلى مشاهدته أربع أو خمس مرات قبل الإقدام على الشراء.
وعلى الرغم من اهتمامهم بالجودة والتميُّز، فإن جيل زد يتمتع بوعي سعري مرتفع، ويحرص على تحقيق أقصى قيمة ممكنة مقابل المال. ووفقًا لبيانات عام 2024، أشار 32% منهم إلى تفضيلهم شراء المنتج الأرخص، بينما أكد 37% حرصهم على البحث عن العروض والتخفيضات.
كما سلط التقرير الضوء على تأثير جيل زد على مستقبل العمل، حيث أشار إلى أن أفراد جيل زد يُعَد أحدث الموظفين في بيئة العمل المعاصرة، وإلى جانب ما يحظون به من اهتمام خاص بسبب مساهماتهم الفريدة، فإن لهم تأثيرًا كبيرًا على المشهد العام لسوق العمل. في الواقع، يُشكل العديد من أولوياتهم سياسات الشركات والممارسات التنظيمية بشكل يُصبُّ في مصلحة جميع الأجيال.
وبحسب استطلاع منصة (Edu Birdie)، الذي أُجري في فبراير 2024، فإن 26% من جيل زد يشعرون بقلق كبير إذا لم يجدوا وظيفة تلهمهم، و12% يعتبرون أن تحقيق تأثير إيجابي هو أهم ما يشغلهم، و15% يجدون في غياب الفرص الهادفة تحديًا رئيسًا. كما أن 32% يخشون عدم تحقيق كامل إمكاناتهم، و9% يقلقون من عدم إحداث تأثير على العالم.
أوضح التقرير أن خوف جيل زد قد يكون ناتجًا عن الأخبار المقلقة بشأن التضخم والبطالة وتسريحات الموظفين؛ حيث يولون أهمية كبيرة لصحتهم المالية وأمنهم الوظيفي. ففي استطلاع منصة (Edu Birdie)، أقر 33% منهم أن التحدي الأبرز أمامهم هو التعامل مع الضغوطات المالية والديون، بينما أشار 21% إلى أن عدم اليقين حيال المستقبل وسوق العمل يشكل أصعب تحدٍ لهم.
هذا، ويُعَد المال أولوية قصوى لهذا الجيل؛ فوفقًا لمنصة (Edu Birdie)، فإن 55% من أفراد الجيل يضعون الاستقرار المالي في مقدمة أولوياتهم، و31% يعتبرون جني المزيد من المال أهم شيء، في حين يخشى 22% عدم الوصول إلى الثروة، في حين يرى 15% أن الأمان الوظيفي أهم من غيره، و55% قلقون من عدم بلوغ الاستقرار المالي مطلقًا.
أوضح التقرير أن أهمية المال بالنسبة لجيل زد كبيرة لدرجة أنهم مستعدون للتضحية بالعمل من المنزل (41%)، والهوايات (37%)، والحياة الاجتماعية (34%)، بل والعلاقات الشخصية (19%)، وحتى مهام مثيرة في العمل (22%)، مقابل حصولهم على راتب أعلى.
تناول التقرير ما أشارت إليه بيانات منصة (Edu Birdie) بشأن أولويات وقيم أفراد جيل زد وذلك على النحو التالي:
- 62% من جيل زد يعتبرون الأسرة والعلاقات أولوية قصوى لديهم.
- 25% من جيل زد يتمثل القلق الأكبر بالنسبة لهم في عدم إيجاد شريك حياة.
- 11% ينشغلون بعدم القدرة على تكوين صداقات جيدة.
- 26% يشعرون بالقلق من عدم التمتع بالحياة على نحو كامل.
- 14% يعتبرون السفر والاستكشاف أولوية.
- 21% يخشون عدم القادرة على رؤية العالم.
- 13% يضعون الاهتمامات الشخصية والهوايات في صدارة أولوياتهم.
- 48% يعتبرون التوازن بين العمل والحياة الشخصية أكبر التحديات التي يواجهونها.
أشار التقرير إلى هيمنة جيل زد قريبًا على القوى العاملة بعد تقاعد الأجيال الأكبر سنًّا، ولكن يواجه هذا الجيل تحديات غير مسبوقة في مجتمعنا اليوم، بدءًا من الاضطرابات الاقتصادية وصولًا إلى التغير التكنولوجي السريع. فمع ارتفاع تكاليف التعليم والمعيشة، والتغيرات في سوق العمل، والتقلبات الاقتصادية، ظهرت تحديات فريدة تختلف عن تلك التي واجهتها الأجيال السابقة؛ حيث يدخل جيل زد سوق عملٍ متقلبة؛ حيث قلبت نماذج العمل الجديدة المسارات المهنية التقليدية رأسًا على عقب، فيجد جيل زد نفسه في بيئة غير مستقرة في أثناء سعيه إلى تحقيق أمانه الوظيفي واستقراره المالي.
وقد أدى عدم الاستقرار الاقتصادي في السنوات الأخيرة إلى تفاقم الضغوط على الشباب، والتي يتمثل أبرزها في الآتي: انعدام الثقة في الأمان الوظيفي لدى جيل زد نتيجة تحولات في سوق العمل، تعرُّض جيل زد لضغوطات مالية متزايدة، صعوبة تنظيم الوقت والتوازن بين العمل والحياة، حاجة جيل زد إلى مهارات تسويق ذاتية واحتياجات التعلم مدى الحياة، تعرض جيل زد لفجوة بين التعليم والمهارات العملية.
أوضح التقرير أنه في ظل السعي المستمر نحو التوازن بين العمل والحياة، والرغبة في الاستقلالية المهنية، يبدو أن اقتصاد العمل الحر يُشكل خيارًا مثاليًّا لجيل زد، فهو يمنحهم حرية التحكم في مسارهم المهني، ويتيح لهم متابعة شغفهم بعيدًا عن قيود الوظائف التقليدية. وإذا ما أحسنوا استثمار ما يتيحه هذا النموذج من مرونة، ومواجهة سلبياته، مع الحفاظ على حدود واضحة والاهتمام بالصحة النفسية والجسدية، فبإمكانهم بناء مسيرة مهنية متكاملة تتسم بالاستقرار والإنتاجية والرضا الذاتي.
وعلى الرغم من صعوبة تجاوز العقبات الذي يفرضها اقتصاد العمل الحر وما يحمله من جوانب سلبية، فإن هناك استراتيجيات فعّالة يمكن اتباعها للتقليل من آثار تلك التحديات على جيل زد، وذلك من خلال: تنمية الوعي المالي والتحلي بالمرونة، تطوير سياسات العمل، تبني سياسات العمل عن بُعد، إعطاء الأولوية للصحة النفسية والمرونة، اتباع عقلية النمو والريادة.
أشار التقرير في ختامه إلى أن جيل زد رغم التحديات التي يواجهها، فإنه يُظهر مرونة واضحة؛ إذ يعتمد كثيرون منهم عادات ذكية، مثل: العمل الإضافي. ومع تقلبات الاقتصاد، يصبح من الضروري لهذا الجيل مواصلة التثقيف المالي، وتطوير استراتيجيات مرنة لبناء شبكة أمان مالي، فيكون فهم هذه التحديات أمرًا حيويًّا لوضع خطط مالية فعالة تضمن أمانًا ماليًّا طويل الأجل، سواء من خلال التعامل مع اقتصاد العمل الحر، أو بناء مدخرات مستقرة؛ فالتخطيط السليم سيكون مفتاحًا لجيل زد لبناء مستقبل مستقر.
ورغم ضخامة التحديات التي يواجهها، فإن قدرة جيل زد على التغلُّب عليها تبدو أكبر من أي وقت مضى. فجيل زد، بما يمتلكه من وعي رقمي عميق، وسرعة تكيُّف مذهلة، وحسّ عالٍ بالعدالة الاجتماعية، مؤهل ليس فقط لتجاوز أزمات الحاضر، بل لتوجيه دفة المستقبل نحو عالم أكثر شمولًا وإنصافًا.

