النائب أحمد قورة يكتب : حين تمضي الأقدار كما يشاء الله.. لا كما نشاء نحن

قد لا تمضي الظروف كما نتمنى، وقد لا تأتينا النتائج التي خطّطنا لها ودعونا الله أن يكتبها لنا، لكننا نبقى على يقين راسخ بأن ما جرى وما سيجري هو بقدر الله المحكم، ورحمة الله التي لا تُدركها أعيننا لحظة وقوع الأحداث. نحن بشر، نرسم خرائط الطريق، ونعدّ العدة، ونتخذ القرارات التي نظن أنها الأنسب لمستقبلنا، لكن تظلّ كلمة الله فوق كل شيء، وتظلّ مشيئته هي الحاكمة لأقدار الناس ومسارات حياتهم.
اليوم، وأنا أكتب هذه السطور بعد انتهاء ماراثون انتخابات مجلس النواب، وبعد أن لم يحالفني التوفيق فيها دون ذكر أى اسباب ، لا أرى في الأمر خسارة ولا تراجعاً، بل أراه جزءاً من قدر الله الذي أقبله بكل رضا وطمأنينة. فالنجاح قد يكون نعمة، وعدم التوفيق قد يكون نعمة أكبر لا نُدركها الآن. وما دام القلب مطمئناً أن الله لا يختار لعبده إلا الخير، فإن كل خطوة في الحياة تصبح باباً جديداً للفهم والنضج والبداية.
لقد خضتُ الانتخابات مؤمنًا بواجبي تجاه أهلي وناسي في مركز ومدينة دار السلام، وبإصرار صادق على استكمال ما بدأته معهم ولأجلهم. وكنتُ – وما زلت – أعتبر نفسي واحدًا منهم، أحمل همومهم فوق كتفي، وأضع مصالحهم أمام عيني، وأسعى بقدر استطاعتي إلى خدمة هذا المكان العزيز الذي أنتمي له وجدانًا وروحًا قبل أن أنتمي له سياسيًا.
لذلك، ورغم عدم التوفيق، أقولها بقلب صادق لا يعرف التردد، ما زلتُ خادمًا لأبناء دار السلام بكل ما أملك، ولن أتأخر عنهم يومًا، فهم أهلي ونَسَبي وعشيرتي، ولهم في قلبي كل المحبة والوفاء.
العمل النيابي شرف كبير، لكن خدمة الناس لا تتوقف عند عضوية البرلمان، ولا تُقاس بالمقعد أو المنصب. فكم من رجال خدموا بلادهم دون أن يحملوا لقبًا أو صفة، وكم من مواقف عظيمة صنعها رجال من عامة الناس جعلهم التاريخ أكثر أثرًا من أصحاب المناصب. ومن هنا، أؤكد أن علاقتي بأهلي في دار السلام لم ترتبط يومًا بصندوق اقتراع، ولا كانت مرهونة بنتيجة انتخابية، بل هي علاقة دم وانتماء وقناعة راسخة بأن خدمة الناس واجب لا يسقط.
سأواصل لقاءاتي مع أبناء الدوائر والقرى والنجوع كما اعتدت دائمًا، وسأظلّ قريبًا من الجميع، أشاركهم أفراحهم وأتواجد في أحزانهم، وأقف خلف كل مطلب جماعي يخدم المصلحة العامة. وسأستمر في فتح الأبواب لكل من يحتاج دعمًا أو مساندة أو كلمة حق، فالخدمة العامة لا يبدأ تاريخها بمعركة انتخابية ولا ينتهي عندها.
لقد علّمتني هذه التجربة – مثل كل تجربة في حياتي – أن الله يختار لنا ما هو أفضل، حتى وإن بدا لنا في اللحظة ذاتها غير ذلك. علّمتني أن ثقة الناس حبٌّ لا يُشترى وأن الاحترام المتبادل بين المرشح وناخبيه قيمة أسمى من أي منصب. وعلّمتني كذلك أن الإنسان لا يُقاس بما يحصّل، بل بما يقدّم.
أشكر من أعطاني صوته، ومن ساندني بكلمة، ومن وقف معي بصدق، وأشكر أيضًا من اختار غيري، فهذه هي الديمقراطية، وهذه هي إرادة الناس التي نحترمها جميعًا. وما يجمعني بأهلي في دار السلام أثمن من أي منافسة، وأبقى من أي نتيجة.
أعدكم كما عهدتموني:
سأظلّ بينكم، وسأظلّ لكم، وسأظلّ ابن دار السلام الذي لا يبدّل محبته ولا يغيّر انتماءه مهما تغيّرت الظروف. لأن من يحبّ أرضه وأهله.. لا يتغيّر، بل يزداد ثباتًا بالقدر، وإيمانًا بأن ما اختاره الله هو الخير كل الخير.

