عبدالرحمن سمير يكتب... المجتمع المصري وقيمه

ماذا حدث للمجتمع المصري فى العقد الأخير ؟ هل انتهت القيم من الشارع المصرى من صدق وأمانة ورحمة ووفاء وإخلاص ؟ لماذا يشعر الكثير من المصريين بغياب قيم الشهامة والنخوة ؟ هل استطاعت السوشيال ميديا تغيير قيم وثقافة المجتمع ؟ وهل كانت للأفلام الهابطة والمسلسلات الرديئة دور هدام ؟ أسئلة تلو الأسئلة وتساؤلات عدة لا تنتهى ماذا حدث للشعب المصري فى الآونة الأخيرة.؟ هل فعلا ماتت قيمه وعاداته وتقاليده وموروثاته من نُبل ووفاء وشهامة ونخوة وغيرة ورحمة ؟ أم أن الأمر مبالغ فيه وأنها تساؤلات غير حقيقية ولابد من وضع الأمور في نصابها الصحيح .فالشعب المصري مثله مثل باقى شعوب العالم تحدث له موجات مد وجزر ، تحدث له عوامل ضغط وانصهار لقيم تختفى لتخرج لنا قيما أخرى بديلا عنها.ما يحدث في الشارع المصرى من ظواهر غريبة غير طبيعية وقد تكون نتاج طبيعي لحالة الانفلات الأخلاقي العالمى فقد أصيب بها الشعب المصري كغيره من شعوب العالم. الشعب المصري شعب مُتدين بطبعه فى عمومه طيب القلب سمح الخلق لا يميل للعنف ودود .هذه الصفات معروفة عنه في العالم كله كما أنه مُرحب بالضيف كريم معه .صفات وقيم تربينا عليها من قديم الأزل آباؤنا وأجدادنا ورثونا تلك القيم النبيلة من النخوة والشرف والكرامة. فهل تخلى عنها الشعب المصري ؟ أم أنها مازالت موجودة ؟ ولكن ضغوط الحياة ومشاكل الناس الاقتصادية والاجتماعية أخفت تلك القيم فلم تعد تظهر على السطح إلا ما ندر .كنا قديما نرى احترام الكبير وتقديره فى شوارع مصر وفى وسائل مواصلاتها عندما يركب كبير السن يقف له من هو أصغر سنا ليجلسه مكانه . عندما تخرج الجاره من شرفتها يدخل من فى الشرف المجاورة من الرجال فعيب كل العيب أن يقف أمامها رجل أو شاب
من الشرف المجاورة .كان عيب أن تُعاكس فتاة من شباب شارعها أو حتى الشوارع المجاورة لأنها بنت المنطقة
كان الحب والدفء يملأ جنبات المحروسة فلماذا اختفى كل ذلك؟! لتطل علينا بالوعة قاذورات وطفح مجارى من الألفاظ السوقية والبذئية فى شوارعنا، لماذا نرى صور للشباب فى مشاجرات دامية تنتهى نهايات مأساوية حتى بين الأصدقاء والأخوة ؟ فهذا شاب قتل أمه وإخوته بسبب الميراث وذلك طفل صغير يقطع زميله أشلاء بلا سبب ، وتلك زوجة
تقتل زوجها والد أطفالها ، وهذا أب يقتل ولده فلذة كبده بلا جرم فعله، وتلك أم تقتل ابنها بلا رحمة فماذا فعل ليكون ذلك مصيره؟ الحيوانات لا تفعل ذلك مع أولادها فهل أصبحت بعض أخلاقنا دون الحيوانات ؟
أين الخلل ؟ وما السبيل لعودة الروح إلى شعبنا الطيب المسالم المحب للحياة الغيور على عرضه وأهله وجيرانه ؟!
كيف نعيد للمصرى شهامته ونخوته ؟! فلا يترك جريحا على الأرض ليصوره ويشيره ليكون تريندا فقط أو يرى مشاجرة فيقف متفرجا أو يخرج كاميرا تليفونه لياخذ صورة وفيديو
تاركا ما يحدث وكأن الامر لا يعنيه .قيم وأخلاق مصرية أصيلة تختفى رويدا رويدا فلم يعد ذلك المصري المعروف بشهامته وتدينه وعفته ورجولته أصبحت الرجولة هى البلطجة وحمل السلاح الأبيض والسنج وفرض السيطرة حتى بين تلا-ميذ المدارس ، فلم يعد الأب مربيا ولم تعد الأم حازمة تجاه أخلاق أولادها والكل يجرى وراء لقمة العيش فقط ناسيا واجبه تجاه تربية الأبناء فلا يكفى الإنفاق على الأولاد بل لابد من التربية والتهذيب ورعايتهم ومراقبتهم ومحاسبتهم حتى لا يخرج جيلا مشوها أخلاقيا. كما اختفى دور المدرسة فلم يعد المعلم مربيا ومعلما فقد أصبح معلما فقط فلا يستطيع أن يكون مربيا ومهذبا للطلاب فقد غُلت يده بقوانين عرجاء سامح الله من وضعها فقد أخرجت لنا طلابا وقحين عديمى التربية حتى أنهم من وقاحتهم يتنمرون على معلميهم .نحتاج إلى وقفة مجتمعية لتحليل هذا الواقع الجديد ومحاولة إصلاح ذلك الخلل وهذا الاهتزاز الأخلاقى الذى أصاب كثير من أطفالنا وشبابنا وبناتنا ورجالنا ونسائنا. نحتاج إلى روشته علاج واضحة تنقذنا جميعا من هذا الخلل الأخلاقى الذى أصاب مجتمعنا المصري.

