الكاتب الصحفي صبري حافظ يكتب : يفجرون السِلم الاجتماعي

بدأت النتائج السلبية لقانون الإيجار القديم تطفو على السطح بسبب عشوائية إدارته وتجاهل مناقشته بتأنِ، والرغبة المُوحشة فى إخراجه للنور دون دراسة وافية.
وبعد فرض القانون فرضا وسط سخط وغضب العامة والخاصة استمرت الحكومة والمحافظات فى السياسة الخاطئة ليتكرر نفس سيناريو «شرعنة القانون» بتصنيف المناطق «الظالم» بين مميزة ومتوسطة واقتصادية «شكلًا»، رغم دمج المتوسطة والاقتصادية معًا! نتج عنه أرقام خيالية يسددها المستأجر شهريا!
ولم تكتفِ لجان تصنيف المناطق بإنهاء مهمتها سريعًا، دون تصنيف وتوزيع المنطقة الواحدة لفئات (حسب الشارع رئيسى أو فرعى والوحدة السكنية قريبة من الميادين العامة أو ضمن الشوارع الجانبية والسكن قديم من عدمه)، ما تسبب فى غياب العدالة فى تصنيف المناطق والتى بدت «تراجيدية» أصابت الكثيرين بالصدمة والذهول بسبب الأرقام الخيالية التى يسددها المستأجر شهريًا حتى ولو كانت المنطقة نائية وبعيدة عن الميادين العامة والشوارع الرئيسية، وتتساوى «الوحدة السكنية فقيرة الموقع والخدمات» بأخرى بمنطقة أفضل لتفرز تفاوت كبير فى تطبيق الزيادات بين محافظة وأخرى، وداخل المنطقة الواحدة وأحيانا المنزل الواحد!
ولا يلفت انتباه المسئولين إذا كان سكان ضواحى المنطقة «المتواضعة» أو المنزل الواحد يسدد 10 أضعاف مابين (أربعة وخمسة آلاف ومن يقيم فوقه أو أسفل شقته يسدد ثلاثة أو ألفين)!! وفرض سداد الفروق بأثر رجعى، رغم أن العقل والمنطق يتطلبان التحصيل مع انتهاء اللجان لعملها، وكأن الهدف الانتقام من المستأجر بشتى الطرق!
هذه اللوغاريتمات أرغمت الكثيرين لسداد أجرة ألفين وثلاثة شهريًا، ومعاشه ثلاثة أو أربعة آلاف!!وليس أمام الغالبية العظمى سوى ترك السكن!
سياسيات تنم عن فوضى إدارية وقانونية تفوق إمكانيات المستأجرين وأغلبهم كبار السن وأصحاب معاشات وأرامل، وذوو إعاقة، هاجمتهم الأمراض الصادمة للشعور بالظلم وتجاهل المسئولين الحلول السريعة والعادلة والتى تنقذهم من المأساة، وكأنه فرضُ أمر واقع لترك المستأجر سكنه قسرًا للمالك!
ورغم أن مشرعين ونيابيين وقانونيين ومحامين حذروا من التطبيق الحالى للتصنيفات لافتقاره للعدالة، ويهدد بأزمات اجتماعية، خاصة بين الفئات محدودة الدخل إلا أن الحكومة والمحافظات لم يغيروا أو يعيدوا مراجعة المناطق والتى يتم تصنيفها ككتلة واحدة دون وجود فوارق.
استمرار العمل بالتصنيفات الحالية دون مراجعة دقيقة يهدد السِلم الأمنى للمجتمع بل يفجره، ويُخل بالتوازن المطلوب، خاصة أن الكثيرين من المستأجرين رفضوا سداد الأجرة الشهرية انتظارًا لرفع دعاوى قضائية لعدم وجود لجان لفض المنازعات ووقف السداد لحين الفصل فيها.
الأيام المقبلة حُبلى بالمفاجآت نتاج سياسات وأفكار خاطئة وإفرازات «المال السياسى» الذى أدخل البلاد النفق المظلم طوال سنوات عجاف.
قرارات عشوائية خلقت بلبلة وعدم استقرار، والوعود بالشقق البديلة يصفها الكثيرون بكسب الوقت ولن تتوفر إلّا بعد سنوات- إذا صدقت الوعود- لتوجه الحكومة والإسكان فى «مط مدة التقديم والفحص» مع شروط مجحفة بعدم حصول المستأجر على شقة طالما يملك البديل حتى ولو ما يملكه لا يناسب أسرة »مكونة من أفراد»، مادفع بعضهم للتفكير بجدية فى ترك مسكن «سنوات العمر» والبحث عن بديل بعيدًا عن الحكومة يناسب معاشه ودخله البسيط فى ظل حكومة شعارها أقوال دون أفعال!
كاتب المقال.. صبري حافظ مدير تحرير جريدة الوفد المصرية

