بوابة الدولة
بوابة الدولة الاخبارية

الاعلامية دعاء همام تكتب : الإعلام بين الرسالة والترند .. من يقود من؟

الاعلامية دعاء همام 
-

لم يعد السؤال اليوم ماذا يقول الإعلام؟، بل أصبح السؤال الأخطر لماذا يقول ما يقول؟، في زمن تتحكم فيه الأرقام، وتتصدر فيه “الترندات” المشهد، يقف الإعلام على مفترق طرق حقيقي، إما أن يظل حاملًا للرسالة، أو يتحول إلى تابع للضجيج.
حين تغيّر مفهوم الخبر في السابق، كان الخبر يُقاس بتأثيره، وبمدى خدمته للوعي العام، أما اليوم، فكثيرًا ما يُقاس بعدد المشاهدات، وسرعة الانتشار، ولو كان المحتوى بلا قيمة حقيقي، هنا تغيّر دور الإعلام من صانع وعي ، إلى مطارد ترند.
الترند سلطة جديدة بلا ضوابط ، الترند لا يسأل عن حقيقة، ولا ينتظر تدقيقًا، ولا يهتم بأثر ما يقدمه على المجتمع،يكفي أن يكون صادمًا، أو مثيرًا، أو غريبًا، ليحتل مساحة كان يجب أن تُمنح لقضايا حقيقية تمس حياة الناس،والخطر الحقيقي أن بعض المنصات الإعلامية،لم تعد تواكب الترند…بل تصنعه دون اعتبار للنتائج.
أين اختفت الرسالة؟ الإعلام في جوهره رسالة،توعية وتنوير ومساءلة وبناء رأي عام واعٍ، لكن حين تتحول الكاميرا إلى أداة جذب فقط، والميكروفون إلى وسيلة إثارة، تضيع الرسالة، ويحل محلها محتوى سريع الاستهلاك، سريع النسيان.
الجمهور شريك لا متهم، من السهل إلقاء اللوم على الجمهور، لكن الحقيقة أن الجمهور يتأثر بما يُقدَّم له، فحين يختفي المحتوى الجاد، ويُدفع بالمحتوى السطحي إلى الواجهة، لا يمكن أن نلوم المتلقي وحده،الإعلام مسؤول عن توجيه البوصلة، لا السير خلفها بلا وعي- فـ إعلام بلا ضميرخطر صامت
الإعلام الذي يتخلى عن دوره، لا يضر نفسه فقط، بل يترك فراغًا يملؤه التضليل، والشائعات، والخطاب الهابط، والأخطر أن هذا النوع من الإعلام يُفقد الناس الثقة، ويخلق حالة من اللامبالاة تجاه كل ما يُقدَّم،حتى القضايا المصيرية.
هل يمكن الجمع بين الرسالة والانتشار؟ نعم، فالانتشار ليس عدوًا للرسالة، إذا كان مبنيًا على محتوى ذكي، وصياغة جذابة، واحترام عقل المتلقي، الإعلام الناجح هو من يعرف كيف يصل للناس دون أن يستخف بهم، ويؤثر دون أن يبتذل.
الإعلام اليوم أمام اختبار حقيقي،إما أن يظل صوتًا للعقل، أو يصبح صدى للضجيج، والاختيار هنا ليس مهنيًا فقط، بل أخلاقي أيضًا، ففي معركة الوعي، لا مكان للإعلام المحايد،إما أن يكون جزءًا من الحل، أو جزءًا من المشكلة.
رسالة أخيرة، الترند يمر،لكن الرسالة هي ما يبقى