نزوح آلالاف من اللبنانيين إلى قبرص بحثا عن الاستقرار

بحثاً عن الأمان فى الجزيرة الهادئة غادر آلالاف اللبنانيين بحثا عن الاستقرار و العمل وفرص الاستثمار وأيضا التعليم في الجزيرة المتوسطية .
خلال الأشهر الماضية، قطع مئات اللبنانين الـ 200 كيلومتر جواً التي تفصل بين بلادهم وجزيرة قبرص ليستقروا فيها، ولو بشكل مؤقت لحين تسوية أوضاع بلادهم ، وكانت هذه وسيلة للهروب من جحيم الأزمات التى تمر بها بلادهم حيث انقطاع الكهرباء المستمر وقلة الوقود وعجز الدولة عن توفير الأدوية والمستلزمات الطبية فى ظل أنتشار الجائحة وفشعروا بالعجز وانسدت أمامهم جميع الأفق.
أسوأ الأزمات الإقتصادية
منذ حوالي عامين و يشهد لبنان أزمة اقتصادية حادة ويعيش الشعب اللبناني فى مأساة كبيرة صنّفها البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ عام 1850، وعجز اللبنانيون عن سحب أموالهم من البنوك بسبب قيود فرضت عليهم ناتجة من عجز السيولة، وهذا إلى جانب تدهور الليرة اللبنانية وانخفض سعرها بنسبة تفوق الـ 90 في المئة.
وادى هذا إلى فقد الكثيرين لوظائفهم. في الوقت نفسه، تشهد لبنان ظلام دامس فينقطع التيار الكهربائي بشكل مستمر معظم ساعات النهار والليل، بالإضافة إلى شح المازوت في السوق لتشغيل المولدات الكهربائية، وينعكس ذلك على كل جوانب الحياة بشكل سلبي ، كما تشهد لبنان أزمات متعددة فى نقص جميع مستلزمات الحياة الأساسية من أدوية وخبز ومواد أخرى .
وغادر آلاف اللبنانيين البلاد بسبب تفاقم الازمة ، واختار معظمهم قبرص، ولم يكن في الإمكانية معرفة عددهم بالتحديد، بسبب عدم توفر إحصاء رسمي ، كما أن كثيرا من اللبنانيين دخلوا بجوازات سفر غير لبنانية.
احتجاجات شعبية وتفجير المرفأ وهروب إضطراري
أكدت كلود الحجل السفيرة اللبنانية في قبرص أنه منذ اندلاع الاحتجاجات الشعبية التى شهدتها لبنان فىىأكتوبر 2019 ضد الحكومة اللبنانية ، "لاحظنا زيادة كبيرة في عدد الملفات العائلية التي فُتحت في السفارة وبعد انفجار مرفأ بيروت سجلنا عدد كبير جدا وقد أسفر عن أكثر من 200 قتيل وستة آلاف جريح ودمّر أجزاء كاملة من العاصمة، وأوضحت الحجل، "في الثمانينيات، كان هناك 100 ألف ملف عائلي مسجّل في السفارةفقط ".
وتعد هذه ليست المرة الأولى التي يلجأ فيها اللبنانيون بكثرة إلى قبرص، فخلال الحرب الأهلية (1975-1990)، انتقل عدد كبير منهم إلى الجزيرة، وعاد عدد كبير منهم إلى البلد بعد انتهاء الحرب.
قصف المطار وتعطيله فى الحرب
وشهدت لبنان حرب يوليو ، 2006 بين إسرائيل و"حزب الله" اللبناني، وقد شكلت قبرص قاعدة خلفية للبنان لإجلاء آهالى بيروت ، وعندما تعرض مطار بيروت للقصف إسرائيلي أدى إلى تعطيله و انطلقت سفن إجلاء من بيروت ونقلت الرعايا الأجانب إلى جزيرة قبرص ليغادروا بعدها إلى بلدانهم، كما نقلت لبنانيين عاشوا في قبرص لفترة مؤقتة، في انتظار انتهاء الحرب .
طلب تعليم بالمدرسة الفرنسية
تلقت المدرسة الفرنسية بشكل خاص في العاصمة نيقوسيا، عشرات طلبات التسجيل بسبب قرب برنامجها الدراسي من برامج المدارس الفرنكفونية العديدة في لبنان، ولم تتمكن من تلبية استقبال جميع الطلاب لعدم وجود أماكن متاحة ، كما أفاد لبنانيون قادمون إلى العاصمة حديثا ، وأفاد مسؤولون قبارصة عن أكثر من 250 طلب تسجيل للبنانيين في المدرسة.
طلب إستثمار
وجد بعض البنانيين فرص عديدة للعمل والاستثمار، وقال كونستانتينوس كارايوريبس إن المسؤول عن قسم التجارة والصناعة في وزارة التجارة والسلطات القبرصية "أطلقت تسهيلات كمساراً سريعاً لتسجيل الشركات الأجنبية في أكتوبر الماضي".
وإن "هذه الآلية التى تعمل بها وزارة التجارة بقبرص حظت على اهتماماً كبيراً من جانب شركات لبنانية، وبحسب المعلومات الواردة فقد سجّلت حتى الآن سبع شركات كبيرة ومتوسطة في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ونقلت معها 200 موظف لبناني"، وتوقع أن يرتفع العدد بحلول آخر العام الحالي معللا ذلك أن عائلات موظفين كثيرين ستنتقل أيضاً إلى الجزيرة.
إنتعاش الاقتصاد القبرصي
ورأى كارايورييس أن انتقال الشركات اللبنانية بهذا العدد الكبير سينعكس إيجاباً على الاقتصاد القبرصي ويسبب إنتعاشا له ويتم ذلك من خلال "إنفاق موظفي هذه الشركات رواتبهم العالية في السوق القبرصية ويعد هذا إنتعاش لحركة البيع والشراء ، لافتا إلى أن "المنفعة الحقيقية و الأهمّ هي انتقال الخبرات من الشركات الأجنبية إلى تلك المحلية".
ولفتت السفيرة اللبنانية إلى أن "قبرص تساعد اللبنانيين كثيراً"، مضيفة أنه، بموجب آلية المسار السريع وتيسير معاملات تأسيس الشركات، "أصبح الأمر يستغرق 10 إلى 15 يوماً بدلاً من شهرين أو ثلاثة كما كان الحال في الماضي".
كماشهد قطاع العقارات في الجزيرة المتوسطية الهادئة ارتفاعاً كبيرا في الطلب

