الكاتبة اللصحفية الهام حداد تكتب : فضيحة بسوهاج والسبب صورة !!!

مشهد الشجار بين كبار مسؤولي محافظة سوهاج ما كانش محتاج تعليق، الراجل شتم، والتاني رد، والناس اتفرجت، كأننا في حارة مش في ديوان عام، لكن الحقيقة؟ المشهد ده مش استثناء، ده القاعدة، والباقي تفاصيل.
الكويس في الموضوع؟ إنهم شتموا بعض بصراحة، وده نادر، لأن طول عمرهم بيشتمونا إحنا وبيبتسموا، دلوقتي بدأوا ياخدوا بعض على قد عقولهم، وده تطور يُحسب لهم.
يا سادة، اللي حصل مش "سقطة إدارية"، ولا "تصرف فردي". ده انعكاس صريح لنموذج إداري بايظ، بيركّب الموظف بالمقاس، ويفصّله على مقاس "ابن العمدة" و"صاحب النائب" و"نسايب الكبير"، الكفاءة راحت تتفسّح، والضمير في غيبوبة منذ التسعينات.
الناس اللي المفروض تدير محافظة، وتخدم ملايين، دخلوا في وصلة ردح لا تليق حتى ببرنامج توك شو آخر الليل، لأن ببساطة، هم مش جايين يشتغلوا، دول جايين يورّثوا النفوذ، ويتخانقوا على فتات السلطة، وعلى صينية المانجا اللي جابها المقاول للمكتب، تصورا الخناقة اللى شوفناها على الملأعشان مين اللى يطلع فى كادر الصورة مع المحافظ
لكن يبدو إن الفضيحة كانت أكبر من قدرة الحكومة على التجاهل، وبعد حالة من الصمت المريب، قررت وزيرة التنمية المحلية إقالة السكرتير العام بعد انتهاء التحقيقات، التحقيقات اللي كشفت إن أصل الخناقة كان سباق محموم على إيه؟ صورة مع المحافظ بعد افتتاح مسجد!
أيوه يا سادة مش خلاف على مشروع ؟!!!، ولا جدل حول خطة تطوير، ولا حتى نقاش على موازنة، لأ، خناقة على صورة! لقطة يتصور فيها المسؤول جنب "سيادة المحافظ"، يمكن تترفع على الفيسبوك، وتتاخد ككارت تعيين في الوزارة، أو تترجم مستقبلاً إلى "منصب أكبر".
الشتيمة إذًا كانت خلاف على الكادر المناسب للصورة، مش للمواطن، مش للصالح العام، للصورة، للاسف صورة بتلخص واقع إداري مهترئ، بيدور على "اللقطة"، وينسى "الخدمة".
فشكرًا للوزيرة إنها أخدت قرار الإقالة، لكن يا ترى، متى يبدأ تطهير شامل لمسرح العبث ده؟ متى ننتقل من رد الفعل إلى الفعل؟ من إقالة بعد فضيحة، إلى اختيار يمنع الفضيحة من الأساس؟
لأن لو كل مسؤول هيضرب زميله علشان يقف جنب المحافظ في الصورة، فإحنا ما بقيناش دولة، إحنا بقينا استوديو تصوير كبير، والبطل مش الكفاءة، البطل هو اللي بيعرف يزاحم، حتى لو بالشتيمة!
من أيام محمد علي وإحنا بنستورد نظم إدارية بدون كتالوج، كل حقبة تطلع علينا بنموذج جديد، أسوأ من اللي قبله،عبد الناصر حب ينظّم الدنيا، فخلق بيروقراطية ضخمة بتعطلك وتطلع روحك وانت بتجدد رخصة عربية، مبارك قال نخصخص، فباعوا الإدارة معاها، واشترى الفاسدون كل الكراسي، والسيسي بيكافح، لكن التراث التقيل ده محتاج جرافة مش إصلاح.
يا حضرات، الإدارة المحلية بقت ساحة صراع، مش أداة تنمية، الوظيفة بقت غنيمة، مش مسؤولية، والمواطن مجرد رقم في بيان الإنجاز، أو صورة في تقرير فني معمول على عجل قبل زيارة الوزير.
وإحنا مش زعلانين إنهم شتموا بعض، لأ خالص، إحنا زعلانين إن ده المشهد اللي بيلخص حالنا، مسؤولين بيشتموا، وشعب بيستحمل، وبلد بتحاول تكمل رغم إن الكراسي محجوزة لـ"العيلة".
عايزين بلدنا ترجع؟ ابتدوا من هنا: حاسبوا اللي شتم، واللي سكت، واللي جابهم من الأساس. وبعدين؟ افتكروا إن الشارع مش ناقص مسلسلات، عندنا منها كتير، بس الفرق إن بتوع سوهاج بيمثلوا على الحقيقة.
إحنا محتاجين ما هو أبعد من إقالة، محتاجين تصفية شاملة لعقلية الموظف اللي بيعتبر الصورة أهم من المواطن، واللقطة أهم من الإنجاز، والمشهد أهم من الشغل، وإلا- فاستعدوا لمرحلة جديدة من الإدارة، اسمها: "حط الكاميرا… وتعال اتخانق!"