الكاتب الصحفى محمود نفادى يكتب :انتخابات نقابة الصحفيين وساعات الحسم

الهدوء يسبق العاصفة، والهمسات تتحول إلى هتافات، فيما العيون لا تغفل عن هواتفها تراقب تحركات المرشحين، وتقرأ بين السطور ما لم يُكتب بعد، نحن على بُعد ساعات من لحظة الحسم، حيث تُفتح صناديق الاقتراع في معركة انتخابات نقابة الصحفيين، وتُسدل الستائر عن واحدة من أكثر المنافسات إثارة في تاريخ النقابة حيث يتنافس 53 مرشح بينهم 10 على مقعد النقيب، و43 لعضوية مجلس النقابة..
كرسي النقابة لا يُهدى بل يُنتزع
الكرسي الأهم في بلاط صاحبة الجلالة بات هدفًا مفتوحًا أمام أكثر من فارس، كلٌّ يحمل في جعبته وعودًا وخططًا وشعارات قديمة مُعاد تدويرها، أو رؤى حقيقية تأمل في إنقاذ المهنة من عنق الزجاجة، ولكن من سيحسم الصراع ؟ من سيُرضي الجماعة الصحفية التي ملت الوعود واكتفت من التجميل الكلامي؟
تحالفات في الظل وخصومات علنية
اللاعبون الكبار يراقبون، والمستقلون يعزفون على وتر التغيير،بينما "ماكينات" دعم الكواليس تعمل بلا كلل، حيث تجتمع الصفقات على موائد الإفطار والعشاء، ويُكتب مستقبل الصحافة بـ"حبر غير مرئي"، ما بين تيار يسعى لحماية المكتسبات وآخر يريد قلب الطاولة، يقف الناخبون حائرين: من يصدق؟ ومن يجرب من جديد؟
المرشحون بين نجم شاشات وساكن الميدان
في السباق، من يتقن فن الخطابة أمام الكاميرات، ومن لا يعرف الميكروفون لكن يعرف هموم الصحفيين في غرف التحرير المكهربة،هناك من يخاطب القلوب، وآخر يستعرض بالأرقام، وثالث يستند إلى "تاريخ نقابي" طويل، لكنه لا يجد جديدًا يقنع به الجيل الحالي.
مزاد اللحظة الأخيرة.. والخدمات على المائدة!
التليفونات لا تنقطع، والرسائل تنهال كالمطر، فكل مرشح يُطلق آخر أوراقه في "ليلة الحسم". وبدلاً من الحديث عن كرامة المهنة، صار الحديث عن كارت علاج، ورحلة عمرة، وخصومات هنا وهناك، بل إن البعض يتباهى بأنه "جاب خدمات ما جابهاش حد"! وكأننا لسنا في انتخابات نقابة، بل في مزاد علني، من يدفع أكثر يقتنص المقعد، ومن يُجيد العزف على أوتار المصالح الشخصية يحظى بالتصفيق، ولو مؤقتًا. فهل تختار الجمعية العمومية من يشتريها أم من يحميها؟
مفاجآت اللحظة الأخيرة
الرهان الآن على الكتلة الصامتة من سيحركها ؟ من سيصل إليها قبل ساعات من الاقتراع ؟ الاتصالات تُجرى، والرسائل تتطاير، وأسماء لم تكن على الرادار بدأت تتردد بقوة، وهناك من يحذر: لا تستبعدوا المفاجآت، فالصناديق كثيرًا ما خذلت التوقعات.
الناخب.. هو البطل الحقيقي
وفي خضم هذا الصخب، يبقى الصحفي العادي – الذي يتقاضى راتبًا لا يكفي كارت البنزين – هو من سيحسم المعركة. فصوته ليس فقط ورقة في صندوق، بل صفعة أو تصفيق، هو من سيقرر: هل نعيد التدوير؟ أم نكسر القالب؟
غدًا.. لا صوت يعلو فوق صوت النقابة
غدًا الجمعة تُفتح الأبواب وتُرفع الأقلام وتُكسر حواجز الصمت، فالصحفيون على موعد مع صندوق يقول الحقيقة بلا رتوش،معركة النقابة لا تُحسم بالشعارات ولا بالصور المعلقة على الجدران، بل تُحسم داخل عقل وضمير كل من يملك حق التصويت، من سيفوز؟ من سيخرج من الصناديق بطلاً؟ ومن سيفهم متأخرًا أن الكرسي لا يُشترى بالخدمات المؤقتة؟
في الغد، كل صحفي سيكون طرفًا في كتابة فصل جديد، إما يُنقذ المهنة من التراجع، أو يعيد إنتاج الإحباط بوجه جديد، فاستعدوا المعركة تبدأ في الورقة التي ستضعها غدًا في الصندوق،إما أن تكون نقطة نور، أو سقطة لا تُغتفر!
كلمة للزملاء المرشحين
نقول لكل الزملاء المرشحين، بالتوفيق لكم جميعًا، فأنتم أبناء المهنة وزملاء القلم، نُقدّركم ونحترم تاريخكم المهني، ونثمّن جهدكم وشجاعتكم في خوض المعركة.
ونقول لمن لم يُوفَّق، لقد خضتَ معركة ثرية ستبقى علامة في مسيرتك، وتعلّمت منها ما لا تُعلّمه الكتب، فالهزيمة ليست نهاية الطريق، بل خطوة على درب طويل لا يعرف إلا أصحاب العزيمة.
كاتب المقال الكاتب الصحفى محمود نفادى عميد المحررين البرلمانيين ونائب رئيس تحرير جريدة الجمهورية ومستشار موقع بوابة الدولة الاخبارية ونائب رئيس حزب إرادة جيل