عيد لبيب يكتب الجيش المصري... من ميادين القتال إلى ساحات البناء والكرامة

من يهاجم الجيش المصري، لا يعلم أنه يهاجم آخر حصون الوطن، وآخر ما تبقى من الكبرياء والسيادة. لا يدرك أن عقيدة الجيش المصري ليست فقط بندقية أو خطة عسكرية، بل إيمان راسخ بأن الشهادة من أجل تراب هذا الوطن شرف لا يحتمل الجدل أو التأويل. من يهاجم الجيش المصري، لا يفهم أن هذا الكيان هو الذي حمى مصر حين اختفى الآخرون، وهو الذي تصدى لكل معركة، عسكرية كانت أو اقتصادية، في صمت وإخلاص.
تعجبت كثيرًا من رجل عجوز – تجاوزته الحكمة وخانته الذاكرة – بات يردد كلمات لا يفهمها، ويطلق سهامًا صدئة على مؤسسة هي التي تحفظ له الامن والامان ، وهي التي لولاها لما تبقى لهذا البلد وجود ولا كرامة.
إن من يهاجم الجيش المصري الآن، في وقت تتكالب فيه التحديات، لا يملك الحد الأدنى من البصيرة، ولا يعرف أن هذا الجيش لم يتدخل في الاقتصاد إلا حين انسحب كثيرون، وتهرب آخرون، وتخاذل البعض أمام موجات الغلاء والتضخم والاستيراد المجنون. الجيش لم ينافس أحدًا، بل تدخل ليضخ المنتجات في الأسواق، بأسعار أقل من قدرة القطاع الخاص، ويمنع انفجارًا اجتماعيًا كاد أن يحدث.
هل من هاجم الجيش سأل نفسه: من الذي يبني المدن الجديدة؟ من الذي يقيم شبكات الطرق العملاقة؟ من الذي ساند الدولة في جائحة كورونا، ودعم الفقراء في مبادرة "حياة كريمة"؟ ومن الذي يقدم المنتجات الغذائية بأسعار عادلة في منافذ متنقلة لكل المصريين؟ هل رجال الأعمال سيفعلون ذلك؟ هل سيدفعون من أرباحهم لسداد ديون مصر؟!
الجيش المصري لا يحارب فقط في سيناء، بل في كل ميدان تهرب منه المصالح، ويتراجع فيه الجشع أمام الواجب الوطني. الجيش لا يطلب شكرًا، ولا يشتكي، بل يعمل ويضحي ويزرع الأمل في وطن يئن.
رسالتي لكل من تسول له نفسه التطاول على خير أجناد الأرض: اصمت، فالعقل زينة، وإن لم تستحِ فاذكر منجزات هذا الجيش، أو على الأقل، لا تقف في وجه من يحمل السلاح ويحفر الأنفاق ويزرع الأمل.
كاتب المقال عيد لبيب رجل الصناعة وعضو مجلس الشيوخ السابق