اللجنة البرلمانية المشتركة توافق نهائيًا على تعديل قانون الإيجار القديم

وافقت اللجنة المشتركة من لجنة الإسكان ومكتبي لجنتي الإدارة المحلية والشئون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب، برئاسة النائب محمد عطية الفيومي، نهائيًا على مشروع قانون تعديل بعض أحكام قوانين إيجار الأماكن وإعادة تنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر "الإيجار القديم"، وذلك وفقًا للنسخة المعدلة المقدمة من الحكومة، وذلك في جلسة موسعة شهدت حضور وزراء الشئون النيابية والتنمية المحلية والإسكان، وأكدت الحكومة خلالها أن القانون الجديد لا يمثل خسارة لأي طرف بل يحقق استفادة متوازنة للجميع، مع التزام الدولة الكامل بتوفير السكن البديل.
وشارك في الاجتماع المستشار محمود فوزي، وزير الشئون النيابية والقانونية والتواصل السياسي، والدكتورة منال عوض وزيرة التنمية المحلية، والمهندس شريف الشربيني وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية.
وفي بداية كلمته، وجّه المستشار محمود فوزي الشكر إلى المستشار الدكتور رئيس مجلس النواب والسادة النواب، مثمنًا الممارسة البرلمانية الراقية والفريدة أثناء مناقشة مشروع القانون، مؤكدًا أن الحكومة حرصت على الحضور والمشاركة في جميع جلسات الاستماع المتعلقة بالقانون، وأن جميع الآراء التي تم طرحها خلال تلك الجلسات كانت محل اعتبار وتقدير.
وأوضح "فوزي" أن مشروع القانون بنسخته المعدلة جاء متوازنًا ليحقق العدالة الاجتماعية ويحفظ حقوق طرفي العلاقة الإيجارية، حيث استند إلى حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر عام 2002، والذي قصر امتداد عقد الإيجار على الجيل الأول فقط (الزوج أو الزوجة والأبناء)، بعد أن كانت القوانين السابقة توسع من الامتداد دون ضوابط، وهو ما اعتبرته المحكمة مخالفة لحرية التعاقد وظروف المرحلة الراهنة التي لم تعد تعاني من ندرة الوحدات السكنية كما كان في الثمانينيات.
وأكد الوزير أن مشروع القانون لا يُقصي أحدًا ولا ينحاز لطرف ضد الآخر، بل الجميع رابح، حيث تحملت الدولة النصيب الأكبر من المسؤولية، والتزمت بتوفير وحدات بديلة سواء بالإيجار أو التمليك للمستأجرين المتضررين من إنهاء العلاقة الإيجارية، مع مراعاة البعد الاجتماعي لكبار السن والفئات الأولى بالرعاية، نافيًا ما يُثار حول أن الدولة ستلقي المواطنين في الشارع، قائلًا: "هل الدولة التي نقلت أهالي العشوائيات إلى مشروعات سكنية حديثة ستطرد أحدًا؟!"
كما أعلن "فوزي" أن المشروع تضمن فترة انتقالية مدتها سبع سنوات لإخلاء الوحدات السكنية المؤجرة بنظام الإيجار القديم بدلاً من خمس سنوات، لتحقيق التوازن ومنح فرصة للمستأجرين لتوفيق أوضاعهم، بينما تم تحديد فترة انتقالية مدتها خمس سنوات للأماكن المؤجرة لغير غرض السكنى.
وأشار إلى أن التعديلات الجديدة استحدثت تشكيل لجان حصر في كل محافظة لتقسيم المناطق التي تضم أماكن مؤجرة إلى ثلاث فئات: متميزة، متوسطة، واقتصادية، وفقًا لمعايير تشمل الموقع الجغرافي، مستوى البناء، المرافق، الطرق، ووسائل النقل، على أن تنتهي هذه اللجان من أعمالها خلال ثلاثة أشهر من العمل بالقانون، رغم اقتراح بعض النواب بمد هذه الفترة، إلا أن الوزير أكد التزام الحكومة بالإطار الزمني المقرر.
وحول تساؤلات النواب بشأن مصير كبار السن، أوضح الوزير أن القانون يتضمن نصًا صريحًا يُلزم الدولة بتوفير وحدات بديلة لهذه الفئة ضمن شروط وضوابط واضحة، بعيدًا عن نظام الإسكان الاجتماعي والمتوسط، بما يتناسب مع حالتهم الاجتماعية.
وبموجب المشروع، ستخضع جميع عقود الإيجار التي تنتهي بانتهاء الفترة الانتقالية لأحكام القانون المدني، بما يعزز من حرية التعاقد، ويُنهي العمل بقوانين الإيجار القديمة الاستثنائية.
كما تضمن القانون تحديد القيمة الإيجارية وفقًا لتصنيف المنطقة:
عشرون مثل القيمة القانونية الحالية للوحدات بالمناطق المتميزة (بحد أدنى 1000 جنيه شهريًا).
عشرة أمثال القيمة في المناطق المتوسطة (بحد أدنى 400 جنيه).
عشرة أمثال القيمة في المناطق الاقتصادية (بحد أدنى 250 جنيه).
كما تُزاد القيمة الإيجارية السنوية بنسبة 15% طوال الفترة الانتقالية، ويُسدد المستأجر 250 جنيهًا شهريًا كقيمة مؤقتة لحين انتهاء لجان الحصر، على أن يتم تسوية الفروق بعد انتهاء أعمال هذه اللجان.
وبالنسبة للوحدات المؤجرة لغير غرض السكنى، نص القانون على زيادتها بواقع خمسة أمثال القيمة الحالية، مع الزيادة السنوية بنسبة 15%.
وأقرّ المشروع حالات إضافية لفسخ العقد، أبرزها إذا ثبت أن المستأجر ترك الوحدة مغلقة لأكثر من عام دون مبرر، أو امتلاكه وحدة أخرى تصلح للغرض ذاته، كما منح المستأجرين أحقية التقدم بطلب لتخصيص وحدة بديلة قبل انتهاء مدة العقد، سواء بالإيجار أو التمليك، بشرط إخلاء وتسليم الوحدة القديمة.
وأكد القانون أن الأولوية في التخصيص ستكون للمستأجر أو من امتد إليه العقد، خاصة "المستأجر الأصلي وزوجه ووالديه"، شريطة تقديم إقرار بالإخلاء عند استلام الوحدة الجديدة، مع مراعاة طبيعة المنطقة التي تقع بها الوحدة الأصلية في حال تزاحم الطلبات.
وفي ختام المناقشات، أكد المستشار محمود فوزي استعداد الحكومة الكامل لسماع كل الآراء والمقترحات التي تُطرح من السادة النواب، مؤكدًا أن الحكومة تقدر دور المعارضة وتعتبره جزءًا أساسيًا من العمل التشريعي البناء، وأن المشروع في صيغته النهائية يعكس التوافق الوطني حول معالجة قضية طال انتظار حلها بما لا يخل بالتوازن المجتمعي أو المبادئ الدستورية.
وقد لاقت الصيغة المعدلة لمشروع القانون ترحيبًا واسعًا من أعضاء اللجنة المشتركة، الذين اعتبروه خطوة ضرورية وشجاعة لحل واحدة من أعقد القضايا التي تمس ملايين المصريين، سواء من الملاك أو المستأجرين، بما يحفظ حقوق الجميع ويعيد للعلاقة الإيجارية توازنها الطبيعي.