الكاتب الصحفي جهاد عبد المنعم يكتب : شيرين عبد الوهاب… الحب الذي لا يهتز في القلوب

رغم السحابة العابرة التي شهدها حفل الفنانة المصرية شيرين عبد الوهاب في مهرجان "موازين" بالمغرب، ورغم الجدل الذي أُثير حول بدايتها المفاجئة بـ"البلاي باك"، يبقى الثابت الوحيد في هذه المعادلة: أن شيرين ما زالت تسكن القلوب، وتُغني في وجدان المصريين والمغاربة وكل العرب.
فصوتها ليس مجرد نغم، بل وجدانٌ ناطق، ودفءٌ غنائي نادر لا يتكرر في كل جيل. إنها ابنة النيل التي غنّت للحب والجرح والفرح، فشربنا من صوتها طمأنينة، وسجدنا لكلماتها وجعًا وحنينًا.
شيرين الحبيبة رغم العثرات
الفنانة شيرين عبد الوهاب لم تكن يومًا عابرة في وجدان الجماهير العربية. بل هي صاحبة الصوت الاستثنائي والإحساس الذي لا يُدرَّس، والموهبة التي لا تُصنع، بل تُولد مرة واحدة، ثم يحتفظ بها التاريخ في قائمته الذهبية.
ما جرى في تلك الليلة لا يُعبّر عن مكانة شيرين في قلوب الجمهور، بل كان مجرّد لحظة سوء فهم في قصة حب طويلة، عنوانها: "شيرين التي تسكننا قبل أن تسكن المسارح".
شيرين في المغرب علاقة راسخة لا تزعزعها السحب
عرفها الجمهور المغربي قبل أن يراها على المسارح. حفظوا أغنياتها، وارتبطوا بأدائها، ورأوا فيها صوت المرأة العربية حين تحب وتحزن وتثور وتشتاق. ولطالما استقبلتها الرباط والدار البيضاء ومراكش كما تُستقبل الملكات، بالورود والهتاف والحب الذي لا يُزيف.
أما ما حدث في "موازين"، فهو مجرد غيمة لم تلبث أن مرت، بعدما غنّت شيرين أكثر من عشرين أغنية بصوتها الحي العذب، وأثبتت أنها لا تخذل جمهورها أبدًا، حتى وهي مُتعبة، أو مثقلة بالضغوط.
شيرين مشاعر ناطقة وصوت استثنائي
شيرين ليست مجرد فنانة. هي حالة وجدانية نادرة، مدرسة في الإحساس، قصيدة تمشي على قدمين. حين تغني، يتوقف الضجيج، ويبدأ البوح. حين تصمت، نشعر بالحنين لصوت لم يذهب، لكنه يسكننا.
ولأنها كذلك، فإن جماهير الوطن العربي – من الخليج إلى المحيط – لا ترى فيها مجرد صوت، بل مرآة لمشاعرها، وأمانًا فنيًا في زمن الاضطراب.
نداء من القلب لا تقسو على من أعطتكم قلبها
شيرين، التي قدّمت لنا عمرًا من الشجن والإبداع، لا تستحق منا إلا الحب والاحتواء. فمن أحبّ صوتها، عليه أن يحب قلبها أيضًا، ويحميه من القسوة والتسرع في الحكم.
وإلى جمهور المغرب الراقي، الذي نثق بوعيه وحنانه، نقول: شيرين هي ابنتكم كما هي ابنتنا. وإن خانها التعب لحظة، فأنتم أول من يعرف أنها لا تُخون المسرح ولا جمهورها، بل تسير دائمًا على حبال القلب وحده.
شيرين تاج على رأس الغناء العربي
هي زهرة نادرة في بستان الطرب العربي، لا يشبهها أحد، ولا تُقارن بأحد، هي من صنعت لنفسها اسماً يكتب بالبندقي الذهبي في دفتر الفن، وهي من أغنتنا عن عشرات الأصوات الزائفة بصدقها وحده.
فهل نترك هذه الجوهرة تُرهقها العثرات؟ أم نكون درعًا حولها، حتى تعود كما كانت ملكة الإحساس، وسيدة المسرح، وصوت الحب الذي لا يشيخ؟
شيرين في قلوبنا الآن ودائمًا
في مصر، في المغرب، في الخليج، في الشام، في كل بيتٍ يُحب الفن، تسكن شيرين. هي حكاية الصوت العربي الجميل، الذي لا يتكرر، ولا يُملّ، ولا يُنسى.
ولذلك نقول لها اليوم.. كوني كما كنت ضوءًا لا ينطفئ، صوتًا لا ينكسر، وامرأة يعرفها المجد ويحنّ لها الطرب."