محمد عبد الكريم: البحوث المعزولة جهد ضائع.. ونعيش قلب الثورة الصناعية الخامسة

أكد المهندس محمد عبد الكريم، الرئيس السابق للهيئة العامة للتنمية الصناعية، أن العالم لم يعد على أعتاب ثورة صناعية جديدة، بل دخل فعليًا في قلب الثورة الصناعية الخامسة، وهي ثورة تتجاوز في عمقها وتحولها كافة المراحل السابقة، حيث لم تعد التكنولوجيا وحدها هي المحرك، بل أصبح التكامل بين الإنسان والآلة هو الأساس في بناء مستقبل الصناعة والتنمية.
جاء ذلك خلال مشاركة عبد الكريم في مؤتمر "الابتكار والتنمية المستدامة" الذي نظمه معهد التخطيط القومي، بحضور عدد كبير من الوزراء وخبراء الاقتصاد والتخطيط، وذلك بدعوة من الدكتور أشرف العربي، رئيس المعهد. وفي كلمته، استعرض عبد الكريم رؤيته حول كيفية تحويل الأبحاث الأكاديمية من مجرد أوراق في الأدراج إلى ابتكارات قابلة للتسويق، وذلك انطلاقًا من خبرته العملية والتنفيذية الطويلة في المجال الصناعي.
وأشار إلى أن الثورة الصناعية الخامسة تقوم على ما يُعرف بالتكامل متعدد التخصصات، وهو نمط جديد من التفكير والعمل المشترك يدمج بين العلوم والتكنولوجيا والاقتصاد والإنسانيات. وفي هذا السياق، شدد عبد الكريم على أن العزلة الأكاديمية لم تعد قادرة على إنتاج حلول واقعية للتحديات الصناعية، مؤكدًا أن الابتكار الحقيقي لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال تعاون وثيق بين الجامعات والمراكز البحثية ورجال الصناعة وخبراء البيانات والمصممين والمجتمع المدني.
وأوضح أن التحول المطلوب لا يتم فقط من خلال إنشاء مراكز بحوث، بل من خلال تأسيس ورش تطوير داخل المناطق الصناعية ذاتها، تكون بمثابة بيئات متكاملة تجمع الباحثين والمهندسين وعلماء البيانات والمصممين في مكان واحد. كما دعا إلى إطلاق منصات ذكية ترتكز على الذكاء الاصطناعي لربط التحديات الصناعية الفعلية بحلول متعددة التخصصات، بما يسمح بتسريع دورة الابتكار وتحقيق نتائج ملموسة.
كما طرح عبد الكريم تصورًا لنموذج شراكة جديد يتجاوز الأطر التقليدية، ويشمل الجهات الأكاديمية والصناعية والتكنولوجية والحكومية والتمويلية، في إطار نظام بيئي متكامل يضع الابتكار في صميم أولوياته، ويركز على تقديم حلول قابلة للتطبيق وقادرة على خلق قيمة مضافة عالية للاقتصاد والمجتمع.
وأكد أن الاستثمار في البحوث التطبيقية لم يعد رفاهية، بل أصبح ضرورة ملحّة لضمان قدرة الصناعة المصرية على المنافسة عالميًا. كما لفت إلى أهمية تنمية المهارات الجديدة التي تتواءم مع متطلبات هذا العصر، حيث تتداخل التخصصات التقنية والإنسانية بشكل غير مسبوق.
وشدد على أن مستقبل الصناعة والبحث العلمي لن يكون لمن يعمل بمعزل عن الآخرين، بل لمن يستطيع بناء جسور التعاون والتكامل بين جميع المجالات، مؤكدًا أن الثورة الصناعية الخامسة لا تنتظر أحدًا، ومن يتخلف عن ركبها سيجد نفسه خارج معادلة التقدم.