واشنطن بوست: ”استخفاف” ترامب باستهداف الصين للصادرات الثقافية الأمريكية يظهر ”قصرا في النظر”

علقت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية على "استخفاف" الرئيس دونالد ترامب باستهداف الصين للصادرات الثقافية الأمريكية، التي لا تعد مصدر دخل لـ هوليوود فحسب، وإنما تمثل أيضا انعكاسا للقوة الناعمة الأمريكية، ورأت أن ذلك يظهر مدى "قصر نظر" حربه التجارية
وقالت الصحيفة - في مقال افتتاحي اليوم نشرته /الأحد/ - إنه بعد أن قلّصت الصين عدد الأفلام الأمريكية المسموح بعرضها هناك ردا على الرسوم الجمركية الأمريكية هذا الأسبوع، "سخر" الرئيس دونالد ترامب من الأمر قائلًا: "لقد سمعتُ بأمور أسوأ".
وأضافت الصحيفة أنه خلال الاسبوع، ابتعد المستثمرون على الدولار (الذي انخفض بنحو 8% منذ يوم التنصيب) وتخلوا عن سندات الخزانة الأمريكية (ارتفعت عوائد السندات لأجل 10 سنوات إلى أكثر من 4.5%)، في خطوة تقدم لمحة عن العالم المليء بالكوابيس الذي ينتظر الولايات المتحدة في حال استمرت في التراجع عن قيادة العالم بعد 80 عاما من ضمان الاستقرار والازدهار.
وأشارت "واشنطن بوست" إلى أنه على الرغم من توقفه لمدة 90 يوما عن فرض رسوم جمركية جديدة على جميع الدول باستثناء الصين، لا يزال الرئيس الأمريكي يصر على أن الولايات المتحدة تتعرض "للخداع" من بقية العالم. ويصوّر شركاءه في أوروبا وآسيا على أنهم "طفيليات تتطفل على أمريكا". . وقال ترامب: "لقد استغنا حلفاؤنا أكثر من أعدائنا". وكدليل على ذلك، يستشهد ترامب بالعجز التجاري الأمريكي -الذي بلغ 918 مليار دولار العام الماضي. ويبالغ بشدة في تقدير العجز التجاري الأمريكي مع الصين، زاعما أنه أكبر بثلاث مرات مما هو عليه. كما يكرر مرارا وتكرارا أن أوروبا لا تشتري "أي شيء" من أمريكا - بينما في الواقع، اشترى الاتحاد الأوروبي سلعا وخدمات بقيمة 649 مليار دولار من الولايات المتحدة العام الماضي.
واعترفت الصحيفة بوجود بعض "الظلم" في التجارة، غير أن هذا الخلل لا يستدعي إصلاحا شاملا لنظام التجارة العالمية الذي يفيد الولايات المتحدة كثيرا.
وأشارت الصحيفة إلى أن العديد من الأمريكيين يعتبرون سلطة بلادهم في صياغة قواعد التجارة العالمية أمرا مسلما به؛ فمنذ الحرب العالمية الثانية، ظل هذا الوضع ثابتا، وساهمت الولايات المتحدة في تصميم منظمة التجارة العالمية، وتفوز بما يقارب 90% من القضايا التي ترفعها ضد شركائها التجاريين. كما تتمتع البلاد بنفوذ هائل على المنظمات الدولية التي تضع المعايير، من المحاسبة إلى التكنولوجيا.
وتحدث مستشارو ترامب عن ضرورة إضعاف الدولار الأمريكي -لتعزيز الصادرات وخفض العجز التجاري. غير أن دور الدولار كعملة احتياطية عالمية يؤتي ثماره التي تفوق أي تكاليف هامشية تترتب على كونه ملاذا ماليا، وذلك وفقا للصحيفة التي استشهدت ببيانات مؤسسة بروكينجز، التي أشارت إلى أن الدولار يشكل ما يقرب من 60% من احتياطيات العملات الأجنبية العالمية؛ و64% من الديون العالمية مقوّمة به؛ ويُستخدم الدولار في 54% من فواتير التجارة الخارجية عالميا.
وقالت إن هذا يعني أن دولا أخرى تساهم في تمويل الدين الأمريكي، مما يخفض بدوره تكلفة الاقتراض وخدمة الدين للحكومة الأمريكية والمستهلكين الأمريكيين. كما يحافظ ذلك على استقرار أسعار السلع المستوردة ويقلل من خطر حدوث أزمة في العملة الأمريكية.
واختتمت الصحيفة الأمريكية مقالها قائلة إن ترامب يسعى الآن للتلاعب بجميع مزايا القيادة العالمية هذه. فهو يُفكك هيمنة الولايات المتحدة في التجارة العالمية ويقلص دورها في الدفاع عن حلفائها. وفي حال استمر على هذا المنوال فإن الولايات المتحدة تخاطر بفقدان سلطة ونفوذ أكبر مما يمكن لأي أحد أن يحدد ثمنه. ويخاطر العالم بأن يصبح أقل أمانا.