المهندس احمد محمد فكرى زلط يكتب : مشاركة المواطن

مشاركة المواطن هي عملية حيوية تعكس روح الديمقراطية والتفاعل الإيجابي بين الأفراد والمجتمع داخل الدولة. وتُعتبر هذه المشاركة أساسية لبناء مجتمعات قوية ومستدامة، حيث تسهم فى تعزيز الوعي بالقضايا المحلية والدولية والاهتمام بالمشاريع القومية التي تخدم الصالح العام
يمكن تعريف مشاركة المواطنين بأنها الانخراط النشط للأفراد في عمليات صنع القرار والشؤون التي تؤثر على حياتهم والمجتمع، من خلال المساهمة في صياغة السياسات والخدمات العامة والمبادرات المجتمعية، مما يعزز الشفافية والمساءلة والتعاون بين المؤسسات الحكومية والمنظمات والجمهور. ومن خلال المشاركة الفعالة، يمكن للمواطنين التأثير في القرارات السياسية والاجتماعية، مما يعزز شعورهم بالانتماء والولاء للوطن والمسؤولية تجاه المجتمع.
تشمل هذه المشاركة العديد من الأنشطة، مثل التصويت في الانتخابات، والمشاركة في الحملات الاجتماعية، والانضمام إلى الجمعيات الخيرية، والتطوع في الأنشطة المجتمعية أو الحزبية السياسية. كما تشمل التعبير الحر عن الأفكار والآراء في المنتديات العامة، بحيث يتم سماع هذه الآراء واحترامها ومناقشتها بجدية في المجتمع. فمن حق المواطنين أن تؤخذ همومهم في الاعتبار، وأن توضع ضمن أولويات الأجندة الحكومية. وتساهم مشاركة المواطن في تعزيز الديمقراطية من خلال ضمان تمثيل مختلف الأصوات والآراء في العملية السياسية، كما أنها تعزز قدرة المجتمعات على التكيف مع التحديات والاستفادة من الفرص المتاحة.
وهنا يطرح السؤال نفسه: كيف تُعزز القيادة والحكومة مشاركة المواطنين وتجعلها أسلوب حياة إيجابيًا؟ أولًا: تعزيز الثقة والشفافية من خلال تقديم المعلومات بوضوح للمواطنين حول السياسات والقرارات الحكومية، مع تسهيل الوصول إلى هذه المعلومات عبر المواقع الإلكترونية والتطبيقات المختلفة، والتزام الحكومة بالوفاء بوعودها والشفافية في التعامل مع القضايا العامة ومحاسبة المسؤولين عن أي تقصير أو فساد.
ثانيًا: التشجيع والتعليم والتوعية عبر عقد لقاءات مفتوحة ومناقشات واستطلاعات رأي، وتوفير آليات ومنصات للمواطنين لتقديم مقترحاتهم، مع متابعة هذه المقترحات من الجهات المسؤولة والاهتمام بها، ونشر الوعي بشكل مستمر حول أهمية المشاركة والمعرفة بالحقوق والواجبات.
ثالثًا: استهداف الشباب ببرامج وأنشطة تعزز وتشجع مشاركتهم في الحياة العامة، وتوفير فرص حقيقية لهم للمشاركة في صنع القرارات من خلال لجان شبابية فعالة، وزيادة انخراطهم في المجتمع المدني والعمل التطوعي.
رابعًا: التقييم والتحسين المستمر عبر إجراء تقييمات دورية لمدى فاعلية المشاركات، وتحديد الدروس المستفادة وتطبيقها في مشروعات مستقبلية.
لقد قامت الدولة المصرية والقيادة السياسية بخطوات مهمة في هذا الاتجاه، مثل الحوار الوطني الذي تم تنفيذه مؤخرًا، ومشروع "حياة كريمة"، وبرنامج "تكافل وكرامة"، ومبادرة "بداية جديدة" لبناء الإنسان المصري. وتُعد هذه المبادرات الرئاسية مؤثرة في المجتمع المصري، حيث تهدف إلى إحداث تغييرات نوعية في حياة المواطنين، وتعزيز العدالة الاجتماعية والمشاركة الفعالة، من خلال تبني سياسات حماية متكاملة تهدف إلى رفع العبء عن المواطنين، وتقديم الدعم لجميع الفئات، وتحسين جودة الحياة، والاستثمار في رأس المال البشري لتحقيق التنمية المستدامة بمفهومها الشامل، حيث لا يمكن الوصول إلى التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية دون إحداث تنمية بشرية حقيقية على مختلف المحاور.
وهنا يتبقى السؤال: - هل ستقتصر المشاركة في الشأن العام على الاستحقاقات النيابية والتصويت فيها أو الترشح لها والمشاركة في الاستفتاءات؟ أم أننا سنشهد تطورًا في أساليب وطرق المشاركة التي تمنح المواطن سلطة أكبر في الاندماج داخل المجتمع، من خلال توفير سبل مختلفة ومتاحة للجميع للمشاركة بشكل مؤثر في صناعة القرارات؟
في النهاية، تُظهر مشاركة المواطن كيف يمكن للأفراد أن يكونوا جزءًا فعّالًا في بناء مستقبل أفضل لمجتمعاتهم، وتعكس التزامهم تجاه تحقيق التغيير الإيجابي والنهوض بالمجتمع نحو الأفضل.
مع خالص تحياتى
احمد محمد فكرى زلط