الكاتب الصحفى عبدالناصر محمد يكتب : مافيا الآثار .. و ” تنابلة السلطان ” !!

كان ومازال الشغل الشاغل لحكومة الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء هو اتباع سياسة الجباية والبحث عن وسائل سهلة لزيادة الموارد ولم يكن هناك سوى الغلاء ثم الغلاء والإتجاه لزيادة جميع أسعار السلع والخدمات بنسب تاريخية غير مسبوقة وذلك بالتوازى مع تنفيذ صارخ ومهين لكل أوامر البنك وصندوق النقد الدوليين مع الإنخراط فى الحصول على ديون خارجية وداخلية لا حصر لها.
لم تكتف الحكومة بإسقاط الدولة فى مستنقع الديون بل لجأت لبيع كم هائل من مقدراتها من أصول عقارية وأراضى ومشروعات ضخمة وشركات استراتيجية ليصل عدد الشركات الى نحو ٦٩ شركة بعد أن كان هذا العدد يصل إلى ١٥٥ شركة منذ فترة ليست بعيدة ، وإستمرت فى سياسة التفريط فى كل مقدرات الوطن حتى الموانىء والمطارات لم تسلم رقابها من ساطور الحكومة الذى يذبح كل مقومات الوطن بثمن بخس وكل هذه الجرائم ترتكب بإسم الإستثمار.
إعتماد الحكومة على هذه الوسائل غير الرشيدة خلق جيلا من الموظفين والعاملين بالدولة فى مختلف القطاعات يعانى من اللامبالاة فالطبيب خاصة فى المستشفيات العامة لا يكترث بمعالجة المريض والمعلم فى المدارس الحكومية لا يشغل باله برقى مستوى الطلاب والعامل فى المصانع لا يهتم بزيادة الإنتاج وغيرهم فى مختلف المجالات على نفس الشاكلة الكل لا يهمه مصالح الوطن كل ما يشغله هو موعد صرف الراتب الشهرى لتلبية الإحتياجات وسداد ما عليه من مستحقات وديون ، أما تأدية ما عليه من واجبات فهذا الأمر أصبح لا يعنيه لا من قريب ولا من بعيد لذلك أصبح ينطبق على هذه النوعية من العاملين عبارة " تنابلة السلطان " !!.
نحن الآن أمام واقعة تدل على مدى تقاعس ولامبالاة فئة من هؤلاء المسؤولين الذين لا يكترثون بثروات فأصل الحكاية ترجع إلى شهر فبراير الماضى حين أسندت وزارة الثقافة عملية ترميم قصر ثقافة الأقصر وقصر الطفل بنفس المحافظة وتحديدا فى منطقة أبو الجود بوسط مدينة الأقصر، لإحدى شركات المقاولات فى إطار خطة تطوير البنية التحتية للمنشئات الثقافية التابعة للهيئة العامة لقصور الثقافة ، بدأت الشركة أعمالها غير أن المنازل والمبانى المحيطة بالمبنيين حدث بها هبوط أرضى مما إستدعى تدخل مسؤولى المحافظة والذين إكتشفوا أن عمال شركة المقاولات قاموا بحفر عميق بلا أى داع سوى التنقيب عن الآثار فى ظل غياب من أى مسئول لمتابعة أعمال الترميم من جانب قصر الثقافة أو قصر الطفل.
على الفور قام محافظ الأقصر بإبلاغ وزير الثقافة بما يحدث فى محيط المنطقة المحيطة فقام وزير الثقافة من جانبه بالزيارة لموقع الحدث يشكل مفاجىء للجميع ليكتشف وجود سراديب وأنفاق ممتدة لأسفل المنازل المحيطة مما يثير الشكوك فى أعمال حفر وتنقيب عن الآثار بشكل غير قانونى ، ورصد الوزير الحالة السيئة التى عليها المبنيان بما لا يتسق مع طبيعة الأعمال المفترض تنفيذها فضلا عن وجود قصور شديد فى الإشراف وغياب شبه تام للمتابعة من قبل الجهات المسؤولة بالموقعين وهو الامر الذى يضعهم فى قفص الإتهام سوى بسبب إهمالهم وتسيبهم أو بسبب تواطئهم مع مافيا التنقيب عن الآثار.
على الفور قرر الوزير إحالة جميع المسئولين إلى التحقيق الفورى وإتخاذ ما يلزم من إجراءات إدارية وقانونية.
ومن الغريب أن وزير الثقافة خرج بتصريحات نارية إتهم فيها موظفى الدولى بأنهم لا يشعرون بالمسؤولية، واصفا ما حدث بأنه هذا نتاج تراكمات عقود من الإهمال وسوء الإدارة متجاهلاً أن هذه الفوضى من جانب الموظفين ما هى إلا حلقة من مسلسل الإهمال واللامبالاة الحكومية .. ولاشك أن ترك ثروات البلاد وحضارتها فى أيدى أباطرة الإهمال والتسيب أمرا غير مقبول مطلقا وآن الأوان لأن تقوم الأجهزة الرقابية بدورها حفاظا على كنوز مصر وحضارتها التى ليس لها مثيل كل دول العالم والتى هى مصدر عظمتها.
كاتب المقال الكاتب الصحفى عبدالناصر محمد مدير تحرير بوابة الدولة الإخبارية والخبير المالى والإقتصادى