الكاتب الصحفي جهاد عبد المنعم يكتب: لا لحظر تيك توك.. نعم للمحاسبة الرادعة

في زمن أصبحت فيه التكنولوجيا هي الساحة الكبرى لتشكيل الوعي، لا يجوز أن نطلق رصاص الحظر على منصة ناجحة عالمياً مثل "تيك توك" بسبب بعض التجاوزات الفردية، لأن الخطأ لا يعالج بالمنع، وإنما بالمحاسبة.
من غير المنطقي، بل من غير المقبول، أن نطالب بإغلاق "تيك توك" في مصر – هذا التطبيق الذي أصبح الأكثر شعبية بين الشباب وكبار السن ، بل والعديد من الفئات المجتمعية، والذي يحقق نجاحات هائلة على مستوى العالم، هل نحظر السكين لأنها تستخدم في الجرائم، أم نحاسب من يسيء استخدامها؟
تيك توك ليس كله شراً- بل هو مجرد أداة يمكن أن تستخدم لنشر الجهل والانحطاط، نعم، لكن في المقابل، يمكن توظيفه كمنصة تعليمية، أو وسيلة ترفيه راقية، أو ساحة لنشر الوعي والثقافة،هو مثل أي وسيلة إعلامية أو اجتماعية، يتوقف أثرها على من يستخدمها، وليس على طبيعتها.
أرقام تتحدث عن نفسها:-
في تقرير انفاذ إرشادات المجتمع للربع الأول من 2025، كشفت تيك توك عن أرقام مذهلة تؤكد التزامها الحقيقي بالحفاظ على بيئة آمنة ومحترمة
أكثر من 16.5 مليون فيديو مخالف تم حذفه في 5 دول عربية فقط (مصر، العراق، لبنان، المغرب، الإمارات) خلال 3 أشهر- في مصر وحدها، تم إزالة 2.9 مليون فيديو مخالف بمعدل إزالة استباقي وصل إلى %99.6!
كذلك تم حظر 347,935 مضيف بث مباشر في مصر، وإيقاف أكثر من 587 ألف بث مباشر مخالف - هذه الأرقام تؤكد أن "تيك توك" لا تغض الطرف عن المحتوى الضار، بل تتعامل معه باحترافية وسرعة. فيما يقارب 94.3% من الفيديوهات المخالفة في مصر تم حذفها خلال أقل من 24 ساعة
آلية واضحة ومُنصفة
المنصة لا تكتفي بالحذف، بل تمنح المستخدمين حق الاستئناف، بل وتعيد نشر المحتوى في حال ثبت وجود خطأ، وقد تم إعادة أكثر من 144 ألف فيديو في مصر بعد قبول الطعون، في خطوة تعكس احترامها للعدالة وحقوق المستخدمين
التكنولوجيا في خدمة القيم
تيك توك تعتمد على مزيج من أنظمة الذكاء الاصطناعي والمراجعة البشرية لضمان ضبط المحتوى، وهي لا تعمل في الخفاء، بل تصدر تقارير ربع سنوية تفصّل بدقة كل ما يحدث داخل المنصة من حيث الانتهاكات وجهود الإشراف عليها
وهي تتفاعل مع المجتمع من خلال حملات توعية وشراكات تعليمية وثقافية، مما يؤكد أن هناك نية صادقة في جعل "السوشيال ميديا" أداة بناء لا هدم
دعونا نحاسب.. لا نحجب
نعم، هناك تجاوزات ومحتوى مسيء، وهذا طبيعي في أي مساحة مفتوحة على ملايين البشر، لكن الحل ليس في مصادرة التطبيق أو الدعوة لحظره، بل في تفعيل القوانين على من يسيء استخدامه، وفي زيادة وعي المجتمع بكيفية التعامل مع هذه المنصات
هل نغلق المدارس لأن بعض الطلاب أو المدرسين يسيئون التصرف؟ هل نمنع الإنترنت لأن فيه مواقع سيئة؟ إذاً، لماذا نغلق "تيك توك"؟!
في الختام: "تيك توك" منصة عالمية تحتل صدارة المشهد الرقمي، وأثبتت في تقاريرها التزامها الحقيقي بالسلامة الرقمية، المطلوب أن نتكاتف – مجتمعاً وحكومة – لمحاسبة المخطئ، لا معاقبة الجميع. فالحظر هو قرار الكسالى، أما المواجهة الواعية فهي سلاح المجتمعات المتحضرة
كاتب المقال الكاتب الصحفى جهاد عبد المنعم نائب رئيس تحرير جريدة الوفد ونائب رئيس تحرير موقع بوابة الدولة الاخبارية