لقاهرة وموسكو.. علاقات امتدت 82 عامًا سياسيًا وإستراتيجيًا وثقافيًا وسياسيًا

82 عاما.. هو عمر العلاقات بين مصر وروسيا، حيث أقيمت العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين في 26 ٲغسطس 1943، وتطورت حتى وصلت الي المستوى الاستراتيجي والذى يعد من أرفع مستويات العلاقات بين الدول، وشهدت العلاقات الثنائية بين القاهرة وموسكو تطورا كبيرا تضمنت العمل المشترك في مختلف مجالات التعاون الثنائي والتفاعل البناء بشٲن المسائل الدولية والٳقليمية الرئيسية.

وبمناسبة مرور 82 عاما علي العلاقات الدبلوماسية بين القاهرة وموسكو، نستعرض فى السطور التالية جانبا من التعاون المثمر بين البلدين فى شتى المجالات:

الشراكة الإستراتيجية بين مصر وروسيا

وقع السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي ونظيره الروسي فلاديمير بوتين على اتفاقية بشأن الشراكة السياسية والإستراتيجية بين مصر وروسيا فى عام 2018، كما شهد الرئيسان توقيع مذكرة تفاهم بشأن نتائج المشاورات الإستراتيجية بين البلدين، وقام بتوقيعها وزيرا خارجية البلدين.

العلاقات التجارية الاقتصادية

ازداد حجم التبادل التجاري في عام 2021 بنسبة 5,2 في المائة مقارنة بعام 2020 وبلغ 4,7 مليار دولار أمريكي (في عام 2020 – 4,534 مليار دولار أمريكي). يقدر التصدير الروسي ب4,178 مليار دولار أمريكي والاستيراد المصري ب0,592 مليار دولار أمريكي. تعمل اللجنة الحكومية المصرية الروسية المشتركة للتعاون التجاري والاقتصادي والعلمي والتقني وهذا تحت رئاسة وزيري التجارة والصناعة وهما دينيس مانتوروف – وزير الصناعة والتجارة ونيفين جامع وزيرة التجارة والصناعة الأسبق وتم اجتماعها الأخير في 24 يونيو 2021 في موسكو.

تنفذ حاليا المشاريع الاقتصادية الكبرى وبينها بناء وتشغيل محطة طاقة نووية في الضبعة وهذا في إطار الاتفاقية الموقعة في القاهرة بتأريخ 19 نوفمبر 2015 علاوة على ذلك إنشاء المنطقة الصناعية الروسية في جمهورية مصر العربية وفقا للاتفاقية الحكومية المؤرخة في 2018 وكمان التوريد 1300 عربة ركاب من جانب الشركة الروسية ترانس ماش القابضة (في إطار العقد المؤرخ في 2018).

العلاقات الثقافية

تعود العلاقات الروسية المصرية الثقافية إلى الزمان القديم كونها جزءا مهما للتعامل الثنائي. تعتمد على القاعدة القانونية وبالأخص الاتفاقية حول التعاون الثقافي المؤرخة في عام 1995. أعلن رئيسي بلدينا عام 2020 كعام للتعاون الإنساني ما أعطى زخما قويا لتطوير العلاقات ذات الصلة. في نفس الوقت، تم تأجيل الفعاليات المقررة إلى 2021-2022 بسبب جائحة COVID-19.

وتحافظ الدولتان على الاهتمام المتبادل لتعزيز وتوسيع التعاون الثقافي والإنساني. ويدل على ذلك المعارض وزيارات الممثلين للمعارض الفنية بالإضافة الى إحاطات علماء المصريات وموظفي المؤسسات العلمية وأعضاء اتحاد الكتاب المنظمة بالسفارة الروسية بالتعاون مع المركز الروسي للعلوم والثقافة.

كما يعمل المواطنون الروس على أساس تعاقدي في المؤسسات الثقافية والفنية (في الأوبرا المصرية والكونسرفتوار وغير ذلك). تزور مصر الفرقة الإبداعية الروسية. كما شهدت الاوبرا المصري في مارس 2018 عرض "الباليه الإمبراطورية الروسية" تحت رئاسة راقص الباليه الروسي جيديميناس تاراندا. في عام 2019 قدمت فرقة إيغور مويسييف الروسية للرقص الشعبي عرضها بالنجاح الهائل في العاصمة المصرية. في عام 2021 زار القاهرة أوبرا "سانت بطرسبورغ" والفرقة الموسيقية الاكاديمية الروسية "بيريوزكا".

في 19 ديسمبر 2013 تم تثبيت التمثال النصفي للمؤلف الموسيقي الروسي العظيم بيتر تشايكوفسكي، وفي عام 2020 تم افتتاح تمثال راقصة الباليه الروسية أنا بافلوفا وفي السنة 2021 تم افتتاح تمثالي الشاعر الروس رسول جامزاتوف والأديب الروس ميخائيل شولوحوف. في أغسطس 2018 كانت روسيا ومصر تحتفلان بمرور 75 عاما على العلاقات الدبلوماسية. ولهذا السبب عقدت الدولتان عدة الفعاليات التذكارية بما فيها مراسم افتتاح أول التمثال النصفي في الشرق الأوسط للدبلوماسي الروس المشهور إيفجيني بريماكوف. وتم إجراء اجتماعات المائدة المستديرة الخاصة بتأريخ العلاقات الروسية المصرية وآفاق تعميقها في عدد من الجامعات المصرية.

كما يعمل في جمهورية مصر العربية المركز الروسي لبحوث المصريات التابعة للأكاديمية الروسية للعلوم والذي يجري بالتعاون الوثيق مع وزارة الآثار والسياحة والمؤسسات المصرية الأخرى البحوث الأثرية في بعض المواقع التاريخية في الجيزة والفيوم والأقصر والإسكندرية.

تتطور الاتصالات بين مؤسسات التعليم العالي. يقوم طلاب ومعلمو الجامعات الروسية المختلفة بالتدريب في مصر علي ٲساس منتظم. ينظم البيت الروسي بالقاهرة دورات اللغة الروسية للاجانب التي يزيد عدد طلابها عن 1600 شخص.

تمتلك جامعة عين شمس قسم اللغة الروسية المعروف في عالم الدراسات الروسية.

حصلت الدكتورة مكارم الغمري – استاذة اللغة الروسية ورئيسة قسم اللغات السلافية بجامعة عين شمس – علي وسام بوشكين من قبل رئيس روسيا الاتحادية فلاديمير بوتين في نوفمبر 2019 وذلك لمساهماتها في نشر وتعميم اللغة والثقافة الروسية.

ويدرس حاليا حوالي ٲلف مسلم من روسيا في جامعة الأزهر بالقاهرة، وهي ٲكبر جامعة في العالم الٳسلامي. وفقا لبيانات وزارة التعليم والعلوم الروسية لعام 2021 يدرس في بلدنا اكثر من 4.12 ٲلف طالب من جمهورية مصر العربية. قدمت الحكومة الروسية 110 منح مجانية للجانب المصري للعام 2022-2023 الدراسي. قد يرتفع هذا الرقم حسب الطلب علي التعليم الروسي بين المصريين.

وتعمل منذ عام 2006 في مصر الجامعة المصرية الروسية٬ وتم ٲول تخرج فيها عام 2011. وقعت هذه الجامعة في عام 2014 علي اتفاقية التعاون مع الجامعة الروسية الحكومية للعلوم الٳنسانية. يعمل في ٳطار جامعة تومسك للفنون التطبيقية برنامج الدبلوم المزدوج "المحطات النووية – التصميم والتشغيل والهندسة" بالشراكة مع الجامعة المصرية الروسية. يدرس المصريون في السنوات الثلاث الٲولي في أراضي الوطن ثم يصلون الي روسيا لترسيخ معرفتهم في الٲنشطة العملية في مركز تومسك "المفاعل النووي للٲبحاث" التعليمي والعلمي. بحصل الخريجون علي دبلومات جامعتين – جامعة تومسك للفنون التطبيقية والجامعة المصرية الروسية.

رسالة موسكو للقاهرة

وقالت الخارجية الروسية بمناسبة مرور 82 عاما علي العلاقات الدبلوماسية مع مصر، "لطالما كانت العلاقات الروسية المصرية تتمتع بروح ودية، حيث يواصل البلدان العمل وفقا لاتفاقية الشراكة الشاملة التي دخلت حيز التنفيذ في يناير 2021، ويواصل بلدانا تعزيز التعاون بشكل مطرد في المجالات السياسية والتجارية والاقتصادية والثقافية وغيرها".

وتابعت الخارجية: "تحافظ موسكو والقاهرة على اتصالات منتظمة على أعلى مستوى. في 22 أكتوبر 2024، التقى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالسيد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على هامش قمة بريكس في قازان. وفي مايو 2025، حضر الزعيم المصري موكب النصر في موسكو".

ونوهت بأنه في 10 يونيو 2024، على هامش اجتماع وزراء خارجية بريكس في نيجني نوفغورود، أجرى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف محادثات مع وزير الخارجية المصري سامح شكري. وفي 16 سبتمبر 2024، التقى لافروف بنظيره المصري بدر عبد العاطي، الذي كان في موسكو في زيارة عمل.

وأوضحت الخارجية الروسية أنه لا تزال روسيا ومصر ملتزمتين بتعزيز تنسيقهما في إطار الأمم المتحدة والمنصات متعددة الأطراف الأخرى. وقد أعطى انضمام مصر إلى مجموعة بريكس في 1 يناير 2024 زخمًا جديدًا لتطوير تعاوننا.

وأشارت إلى أن مصر هي أكبر شريك تجاري واقتصادي لروسيا في القارة الإفريقية. وفي عام 2024، تجاوز حجم التجارة الثنائية 9 مليارات دولار، ومن العناصر المهمة لتعاوننا الثنائي اللجنة الحكومية الدولية الروسية المصرية للتعاون التجاري والاقتصادي والعلمي والتقني (IGC). وقد انعقد الاجتماع الخامس عشر للجنة في مايو 2025، برئاسة مشتركة من وزير الصناعة والتجارة الروسي أنطون عليخانوف ووزير الاستثمار والتجارة الخارجية المصري حسن الخطيب.

وأكدت الخارجية أن التعاون الثنائي يشمل أيضا عددا من المشاريع المشتركة واسعة النطاق، وأهمها بناء محطة الضبعة للطاقة النووية من قبل شركة روساتوم الحكومية. بموجب هذا العقد، لن تقتصر روساتوم على بناء أول محطة طاقة نووية في مصر فحسب، بل ستوفر أيضًا الوقود النووي الروسي طوال دورة حياة المحطة، بالإضافة إلى تدريب الكوادر. حيث بدأ البناء في يوليو 2022.ويظل قطاع السياحة أحد أهم مجالات التعاون بين مصر وروسيا، فقد زار مصر حوالي 1.6 مليون مواطن روسي خلال العام الماضي.

صيغة 2+2

٢+٢ نمط مباحثات تنتهجه الإدارة الروسية مع الدول الإستراتيجية ذات الأهمية الكبرى على مستوى العالم، وتتضمن تنسيق المواقف حيال قضايا ذات اهتمام مشترك، ومجالات التعاون الإستراتيجي، ومنها التعاون العسكري والتدريب والتبادل الاستخباراتي وقضايا الأمن القومي وتوريد الأسلحة والتدريب والتعاون العسكري والتدريبات المشتركة، وتعد إحدى الأدوات الفريدة للدبلوماسية الروسية وصناعة السياسة الخارجية، والتي تتبنى من خلالها نهجًا ثنائيا للتفاوض مع دول محورية ذات شأن، بتحرك ثنائي على مستوى وزيري الخارجية والدفاع، 6 دول فقط عقدت موسكو مباحثات معها عبر هذه الصيغة: الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وإيطاليا والمملكة المتحدة واليابان، ومصر، فى 2013 تم تفعيل الحوار الإستراتيجي بين مصر وروسيا بصيغة 2+2، لتصبح مصر الدولة السادسة التي ترتبط معها روسيا بمثل هذا الإطار الهام من المباحثات الإستراتيجية علي مستوي وزيريّ الخارجية والدفاع، وتعد مصر الدولة العربية الوحيدة التى وقعت روسيا معها صيغة 2+2.