الكاتب الصحفى عبدالناصر محمد يكتب: ” كعب داير ” .. بحثاً عن ” حضّانة ” !!

فى مصر الأزمات لا تنتهى خاصة فى القطاع الطبى الذى يمس أغلى ما يملك الإنسان وهى الصحة .. عدد مواليد مصر سنويا يقدر بنحو ٢ مليون مولود حسب الإحصاءات الرسمية الصادرة عن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء ، ٢٠ % من هذه المواليد يحتاج إلى حضّانات ، طبقا لما أعلنه العديد الأطباء المتخصصون فى هذا الشأن ، أى أن هناك نحو ٤٠٠ ألف طفل محتاجون إلى حضانات من لحظة تسجيل حضورهم إلى الحياة وخروجهم من أرحام أمهاتهم ، فى الوقت الذى لا يتجاوز عدد الحضانات فى مصر سواء فى جميع المستشفيات العامة والخاصة والمراكز الطبية والجمعيات الخيرية نحو ١٠٠ ألف حضانة بنسبة عجز تصل إلى ٧٥ %.
حوار ساخن يدور بشكل يومى بين سيدات مقبلات على الولادة وذويهم من جهة وبين المشرفين على أقسام النساء والولادة فى مختلف المستشفيات العامة الخاضعة لإشراف وزارة الصحة وتلك المستشفيات الجامعية التابعة لوزارة التعليم العالى وكلية طب الأزهر الشريف من جهة أخرى.
فى هذا الحوار الجدلى الأطباء يطالبون أهالى السيدات الحوامل بضرورة توفير حضّانة على وجه السرعة نظرا لأن الأم فى حالة إعياء شديدة وذلك سيؤثر بالسلب على المولود أو أن الأم ضعيفة والمولود سوف يبدأ حياته عليلا منذ اللحظة الأولى التى يحل فيها ضيفا على الحياة فهو يعانى من نقص فى النمو أو ضيق فى التنفس أو ما يسمى ب " الصفراء " .. إلخ..
هذه الأمور فى حد ذاتها تعد مبررات للطبيب أو الطبيبة المشرفة على الولادة فى حالة تعرض بعض الأجنة الذين يولدون موتى هؤلاء الذين تٌستخرج لهم تصاريح للدخول بين أحضان القبور بدلاً من إستخراج شهادات ميلاد لهم.
وأمام مطالب الأطباء يدخل أهالى هؤلاء النساء فى دوامة البحث عن عن الحضانات التى من المفترض توافرها بالمستشفيات فيكتشفون أنها جميع المستشفيات العامة ترفع لافتة " كامل العدد " وهذا أمر طبيعى نظرأ لأن أعداد هذه الحضانات متواضع للغاية لا يتناسب مطلقا مع الأعداد الهائلة للسيدات الحوامل اللائى دخلن فى الشهور الحرجة التى سوف تضع فيها كل منهن حملها.
وتستمر رحلة الشقاء والمعاناة بحثاً عن حضانة حيث يقوم جميع أفراد أسرة السيدة الحامل بطرق جميع الأبواب منهم من يصطدمون بأسعار للحضانات مبالغ فيها تماما وهى حضانات خاصة يملكها بعض الأطباء وأهل البيزنس فى هذا المجال هؤلاء الذين يستغلون الأزمة أسوأ إستغلال من أجل تحقيق أرباح ضخمة وبالتالى يهرب الغالبية العظمى من الأهالى من الوقوع من تحت أيدى تلك المافيا ويستمرون متمسكون بأمل إيجاد حضانة ولكن سرعان ما يتحول هذا الأمل إلى سراب.
يحدث ذلك فى الوقت الذى يتشدق فيه بعض المسئولين عن القطاع الصحى بأن قلة عدد الحضانات سوف يتقلص وأن هذه الأزمة فى طريقها إلى الحل بعد زيادة أعدادها فى المستشفيات وبعد التنسيق مع مؤسسات المجتمع المدنى والجمعيات الخيرية للعمل على التوسع فى إنشاء حضانات جديدة للعمل على مواجهة هذه الأزمة التى لا نهاية لها.
من بين الأسباب التى أدت إلى تفاقم تلك الأزمة تزايد معدلات الولادة القيصرية ، الأمر الذى يرفع من أعداد الأطفال المبتسرين الذين يحتاجون إلى حضانات، مما يزيد الضغط على هذه المرافق فى الوقت الذى
يقل فيه عدد الحضانات فى المستشفيات الحكومية والتى تفتقر للتجهيزات اللازمة مقارنة بأعداد الأطفال ، فضلاً عن أن
أصحاب الحضانات غير المرخصة يشعرون بالقلق بسبب الحملات التفتيشية، وهو ما قد يؤدي إلى إغلاق المزيد من الحضانات دون بدائل متاحة.
الواقع أيها السيدات والسادة يقول أن الأجيال القادمة فى خطر وصحة الأم المصرية لا قيمة لها عند الحكومة التى تقف مكتوفة الأيدى أمام كل الأزمات .. لا تحرك ساكنا بل هى كيان هزيل كل همه تصدير الأزمات للمواطن وفرض المزيد من الأعباء على عاتقه.
كاتب المقال الكاتب الصحفى عبدالناصر محمد مدير تحرير بوابة الدولة الإخبارية والخبير المالى والإقتصادى