منسقة الأمم المتحدة: مصر ركيزة الاستقرار بالمنطقة وتقدم نموذجا للتعددية
أكدت ألينا بانوفا منسقة الأمم المتحدة في مصر أن مصر ركيزة الاستقرار في المنطقة وأنها تظل ركيزةً للاستقرار في محيط يزداد اضطراباً.
وقالت: "من تسهيل الحوار ودعم مساعي السلام إلى إيصال المساعدات الإنسانية لمن هم في أمسّ الحاجة إليها، مضيقه انه لطالما برهنت مصر على أن الدبلوماسية المسؤولة والتعاون المتعدد الأطراف ليسا مفاهيم نظرية، بل التزامات عملية.
جاء ذلك خلال مقال لها بمناسبه الاحتفال بالذكرى الثمانين لإنشاء الأمم المتحدة، والتي قالت خلاله: لا نحتفي بمجرد قدرة منظمتنا الأممية على الاستمرار؛ بل نتأمل في جدواها وأهميتها اليوم واضافت : فالأمم المتحدة لم تُنشأ لتكون نُصُبا تذكاريا شاهداً على التاريخ، وإنما كأداة حية تبعث الأمل، وُلدت من رحم الأزمات، لخدمة الشعوب ، إعمالا للافتتاحية الشهيرة لميثاق الأمم المتحدة. وبعد ثمانية عقود، فإن ذلك الوعد التأسيسي بإنقاذ الأجيال المقبلة من ويلات الحروب، وصون حقوق الإنسان، وتحقيق التقدم الاجتماعي في أوسع معاني الحرية يتعرض لاختبار غير مسبوق.
وأوضحت بانوفا اليوم، أن عالمنا يشهد تراكماً للأزمات التي تتجاوز الحدود: تصاعد النزاعات، وأزمات المناخ، واتساع فجوات عدم المساواة الاقتصادية، وثورة تكنولوجية تتسارع بوتيرة تفوق قدرة الحوكمة على مواكبتها هذا فيما يتشظّى المشهد الجيوسياسي، وتتعمّق فجوة الثقة بين المؤسسات والشعوب التي أُنشئت لخدمتها. ومع ذلك، يبقى جوهر التعددية أي التعاون القائم على المبادئ المشتركة والاحترام المتبادل هو بوصلتنا الأصدق في خضم هذه العواصف العالمية.
وأضافت منسقة الامم المتحدة، أنه يبرز ذلك جلياً في مصر والمنطقة العربية الأوسع. فعلى مدى عقود، وقفت الأمم المتحدة جنباً إلى جنب مع مصر دعماً لتحديثها، وشراكةً في التنمية، وتعاوناً في أوقات الأزمات والتجدد
وقالت بانوفا، إن مصر بصفتها عضواً مؤسساً للأمم المتحدة، فإن مساهمة مصر على صعيد العمل الدولي متعدد الأطراف كانت وما تزال تاريخية ومعاصرة في آنٍ معاً. فهي من أوائل الدول التي تبنّت مبادئ العمل الجماعي المكرّسة في ميثاق الأمم المتحدة، وهي اليوم من كبار المساهمين في عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام على مستوى العالم. وقد أكسبها دورها القيادي في حركة عدم الانحياز ونشاطها في مجموعة الـ77 مكانةً أخلاقية وصوتاً مسموعاً .
وأشارت بانوفا، إلى أنه قد تجسّد هذا الإرث في شخصيات مصرية بارزة تركت بصمتها في تاريخ الأمم المتحدة: الدكتور مصطفى كمال طلبة، الذي قاد برنامج الأمم المتحدة للبيئة على مدى سبعة عشر عاماً وكان من روّاد الدبلوماسية البيئية؛ والأمين العام الأسبق للأمم المتحدة الدكتور بطرس بطرس غالي، الذي وسّع نطاق عمليات حفظ السلام وأجندة ما بعد النزاع؛ والدكتورة غادة والي، المديرة التنفيذية لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة؛ والدكتور خالد العناني، المدير العام المنتخب حديثاً لمنظمة اليونسكو. وتمثّل هذه الشخصيات مثالاً حيّاً على الشراكة المتواصلة بين مصر والنظام متعدد الأطراف.
ولفتت بانوفا، إلي أنه برزت القيادة المصرية بوضوح على صعيد العمل المناخي. فباستضافتها لمؤتمر المناخ (COP27) في شرم الشيخ، وضعت مصر العدالة المناخية والتكيّف في صميم الأجندة العالمية، وأسهمت في إنشاء صندوق «الخسائر والأضرار» وهو إنجاز تاريخي لصالح الدول الأشد ضعفاً. وتُبرز هذه الجهود أن دور مصر في التعددية لا يقتصر على الدبلوماسية فحسب، بل يشمل إحداث أثر ملموس لصالح الناس والكوكب.
وقالت بانوفا، إن تجربة مصر بما تحمله من اتساق في المواقف، وإيمان بالحوار، وشعور بالمسؤولية تقدّم نموذجاً للتعددية التي يحتاجها عالمنا اليوم: تعددية تجمع بين المبدأ والواقعية، بين الوطني والعالمي، بين التاريخ والمستقبل. ومع اقتراب الذكرى المئوية للأمم المتحدة بعد عشرين عاماً، ينبغي أن يكون هدفنا المشترك بناء منظمة تحظى بثقة الشعوب، وتستند إلى العلم، وتُصغي إلى كل صوت.
ولفتت بانوفا إلي أنه يتطلب المستقبل أن نتخذ خمس خيارات حاسمة: أولاً، أن نختار السلام القائم على القانون الدولي — لا كشعار، بل كممارسة دبلوماسية يومية ، ثانياً، أن نختار كرامة الإنسان والحقوق للجميع، ويجب أن يكون ذلك مدعوماًب تضامن مالي يضمن ألا تُترك أي دولة خلف الركب.
وثالثاً، أن نختار العدالة المُناخية، إدراكاً بأن الأكثر تضرراً من الأزمة هم الأقل تسبباً فيها ورابعاً، أن نوجّه التكنولوجيا لخدمة الإنسان، لا أن نستسلم لهيمنتها وخامساً وأخيراً، أن نعزز الأمم المتحدة نفسها — أخلاقياً ومالياً ومؤسسياً — لتواكب تحديات القرن الحادي والعشرين بفاعلية ومصداقية.





















