أحمد القصاص يكتب: الثامنة بحثًا عن الثامنة!
عندما يقص منتخبنا الوطني يوم غدٍ الإثنين شريط مبارياته في نهائيات كأس الأمم الأفريقية بالمغرب، فإن الأنظار ستكون معلّقة، والقلوب ستدق ما بين أملٍ كبير وطموحٍ لا يعرف المستحيل، وثقةٍ راسخة في اسمٍ اعتاد أن يكون حاضرًا دائمًا في المشهد القاري الكبير. إنها مصر… صاحبة التاريخ، ومالكة الرقم القياسي، وسيدة الكرة الأفريقية التي لا تدخل بطولة إلا وهي مرشحة أولى للذهب.
يدخل المنتخب المصري هذه النسخة من البطولة وهو يحمل على كتفيه حلمًا مؤجلًا منذ خمسة عشر عامًا، منذ أن توّج باللقب السابع في أنجولا عام 2010، ليبدأ بعدها سباق طويل وشاق بحثًا عن النجمة الثامنة، سباق خاضه الفراعنة سبع مرات متتالية دون أن يكتمل المشهد حتى نهايته السعيدة.
سبع محاولات مرت، بدأت من نسخة 2012 التي أقيمت في الجابون وغينيا الاستوائية، ثم نسخة 2013 في جنوب أفريقيا، ونسخة 2015 في غينيا الاستوائية، مرورًا بنسخة 2017 في الجابون التي اقترب فيها الحلم كثيرًا قبل أن يتبخر في النهائي، ثم نسخة 2019 على أرض مصر وبين جماهيرها، ونسخة 2021 في الكاميرون، وأخيرًا نسخة 2023 في كوت ديفوار. سبع محطات مختلفة في الأماكن والظروف، لكنها تشابهت في النهاية التي لم تكن على قدر الطموحات.
واليوم، تأتي المحاولة الثامنة في المغرب 2025، محاولة جديدة تحمل في طياتها الكثير من المعاني، وتُعيد إشعال الحلم القديم المتجدد، حلم النجمة الثامنة التي طال انتظارها، والتي لا تليق إلا بقميص اعتاد أن يعلو منصات التتويج.
المنتخب المصري يدخل هذه النسخة بتوليفة متوازنة، صنعها الجهاز الفني بقيادة حسام حسن بعناية واضحة، تجمع بين الخبرة والاندفاع، وبين ثقل التجربة وحيوية الشباب. عناصر خبرة كبيرة تقود المشهد، في مقدمتها النجم العالمي محمد صلاح، ومعه محمود حسن تريزيجيه، وعمر مرموش، وغيرهم من الأسماء التي تجيد التعامل مع الملاعب الكبرى وضغوط البطولات القارية والدولية.
وفي المقابل، يعزز الصفوف حضور ثمانية لاعبين من عناصر المنتخب الأولمبي، الذين خاضوا تجربة أولمبياد باريس العام الماضي، واكتسبوا شخصية دولية مبكرة، واحتكوا بمدارس كروية مختلفة، ليكونوا إضافة حقيقية على مستوى الحماس والطموح والرغبة في كتابة التاريخ.
وبشكل عام تضم القائمة الحالية 14 لاعبًا يخوضون غمار بطولة أمم أفريقيا للمرة الأولى في مسيرتهم، وهو ما يمنح الفريق دافعًا مضاعفًا، وشغفًا خاصًا لإثبات الذات وترك بصمة في بطولة لا تنسى، في قميص منتخب لا يعترف إلا بالألقاب.
ووسط كل ذلك، تبقى الرسالة الأهم واضحة وصريحة: أنتم ترتدون قميص منتخب هو الأكثر تتويجًا في القارة، منتخب صنع أمجاد أفريقيا، وكتب التاريخ بحروف من ذهب، ولن يقبل إلا بأن يكون في الصدارة. مصر كانت ولا زالت وستبقى سيدة الكرة الأفريقية، والسيادة لا تُمنح، بل تُنتزع بالإصرار والعزيمة والعرق داخل المستطيل الأخضر.
هي ليست مجرد بطولة جديدة، بل رحلة جديدة في البحث عن الذات، واستعادة المجد، وكتابة فصل جديد في كتاب الإنجازات. إنها الثامنة… بحثًا عن الثامنة، وبين الحلم والحقيقة، يقف رجال في الملعب مطالبون بأن يجعلوا التاريخ يبتسم من جديد.
























