النائب أحمد قورة يكتب : نحن لا نطلب معجزات .. ننتظر فقط بشائر الخير
من خلال متابعتنا الدقيقة لأحداث اليوم، وما صدرعن الحكومة من رسائل طمأنة واضحة، يبرز التوسع في الإنفاق الاجتماعي كعنوان رئيسي للمرحلة المقبلة، باعتباره الترجمة الحقيقية لأي إصلاح اقتصادي يستهدف الإنسان قبل الأرقام، فالدولة، وفق ما أكده الدكتور أحمد كجوك، وزير المالية، تتجه إلى زيادة مخصصات الصحة والتعليم، والتوسع في برامج الدعم النقدي الأكثر استهدافًا للفئات الأولى بالرعاية، مع تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين، ودون فرض أعباء جديدة على المواطنين.
هذا التوجه يحمل دلالة مهمة، مفادها أن الحكومة باتت أكثر إدراكًا لحجم الضغوط التي يتحملها المواطن المصري، الذي صبر كثيرًا خلال السنوات الماضية، وشارك في تحمّل كلفة الإصلاح الاقتصادي بإيمان حقيقي بالدولة ومستقبلها حتى يومنا هذا ، واليوم، يصبح من حق هذا المواطن أن يرى ثمار هذا الصبر في صورة خدمات أفضل، وحماية اجتماعية أوسع، وإحساس حقيقي بالأمان الاقتصادي.
وزير المالية أكد أن المفاوضات مع صندوق النقد الدولي جاءت إيجابية جدًا، وتعكس تحسن النتائج المالية والقدرات الكامنة في الاقتصاد المصري، وهو ما يعني أن الدولة تتفاوض من موقع قوة، لا من موقع اضطرار،والأهم من ذلك، أن حزم التسهيلات الضريبية والجمركية أسهمت في دفع مسار الثقة والشراكة مع القطاع الخاص، وحققت مردودًا قويًا داخليًا ودوليًا، حيث ارتفعت الإيرادات بنسبة 35% من خلال توسيع القاعدة الضريبية، دون فرض أي أعباء إضافية على مجتمع الأعمال.
هذه النقطة تحديدًا تعكس فلسفة جديدة في إدارة الملف المالي، تقوم على تشجيع النشاط الاقتصادي، لا خنقه، وعلى ضم الاقتصاد غير الرسمي إلى المنظومة، بدلًا من الضغط على الملتزمين أصلًا. وهو ما يصب في مصلحة الدولة والمواطن معًا، لأن زيادة الموارد هنا لم تأتِ على حساب الأسعار أو الخدمات، بل من خلال تنظيم أفضل للاقتصاد.
لقد شدد وزير المالية على أن المرحلة المقبلة ستركز على تحفيز وتبسيط وتسهيل الإجراءات، دعمًا لمجتمع الأعمال والمواطن، مع الحفاظ على مكتسبات الانضباط المالي وتحسن المؤشرات الاقتصادية، ودون فرض أعباء جديدة، وهو توجه تم التأكيد عليه خلال مناقشات بعثة صندوق النقد الدولي، بما يبدد المخاوف التقليدية المرتبطة بتلك البرامج.
أما الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، فقد بعث برسالة طمأنة مباشرة للمواطنين، مؤكدًا أن الاتفاق مع صندوق النقد الدولي لا يتضمن أي أعباء جديدة، وأن المراجعتين الخامسة والسادسة لا تمسان حياة المواطن المصري أو قوته اليومي. وهذه رسالة في غاية الأهمية، لأن المواطن البسيط لا تعنيه التفاصيل الفنية بقدر ما تعنيه لقمة العيش واستقرار المعيشة.
ولم تقتصر تصريحات رئيس الوزراء على الجانب المالي فقط، بل امتدت إلى الحديث عن مشروعات كبرى يجري افتتاحها قريبًا، من بينها مصانع للطاقة الشمسية مطلع يناير المقبل، بما يعكس توجه الدولة نحو الاستثمار الإنتاجي والطاقة النظيفة، وخلق فرص عمل حقيقية، كما أشار إلى تحويل مبنى وزارة الداخلية بوسط البلد إلى فندق ماريوت، في خطوة تعكس حسن استغلال الأصول وتعظيم العائد السياحي والاستثماري، وهو ما يعود بالنفع على الاقتصاد الوطني.
أكد رئيس الوزراء كذلك أن برنامج صندوق النقد الدولي يتبقى له عام واحد فقط وينتهي، وهو ما يعني أن الدولة تقترب من طي صفحة صعبة، بعد أن تحمّلت تبعاتها الإصلاحية، وتسعى الآن إلى جني ثمارها، ليس فقط على مستوى المؤشرات، ولكن على مستوى حياة الناس.
وبين حديث وزير المالية عن خفض الدين وأعباء الموازنة، وتقليل الاحتياجات التمويلية للحكومة، وزيادة الموارد لتحسين الخدمات، والتوسع في الإنفاق الاجتماعي الأكثر استهدافًا، وحديث رئيس الوزراء عن عدم المساس بالمواطن، تتشكل ملامح مرحلة جديدة ننتظر أن تكون أكثر عدالة وإنصافًا.
نحن لا نطلب معجزات، بل ننتظر بشائر الخير في صورة استقرار أسعار، وتحسن خدمات، وفرص عمل، وحماية اجتماعية حقيقية، فالشعب المصري أثبت أنه على قدر المسؤولية، وتحمل ما لا يتحمله غيره، ويبقى الأمل أن تكون المرحلة المقبلة مرحلة جبر الخواطر قبل الأرقام، والإنسان قبل التقارير، ننتظر بشائر الخير، ونأمل أن تكون هذه المرة أقرب إلى البيوت والقلوب، لا مجرد وعود تُقال.
























