الكاتب الصحفى صالح شلبى يكتب : الدكتور خالد عبد الغفار اختيار نابع من إدراك رئاسي عميق

في زمنٍ يعجّ فيه الضجيج والمجاملات، ويُحاصَر المواطن بين جدران البيروقراطية وقسوة التجاهل، يظهر رجالٌ استثنائيون يضعون ضميرهم قبل مناصبهم، ويؤمنون أن المسؤوليّة تكليفٌ لا تشريف، على رأس هؤلاء يقف الدكتور خالد عبد الغفار، نائب رئيس الوزراء للتنمية البشرية ووزير الصحة، كواحدٍ من القلائل الذين لا يختبئون خلف المكاتب، بل يمدّون أيديهم إلى الملهوفين، ويصغون للأنين قبل التصفيق.
لن أكتب عن الوزير من باب المجاملة، بل من باب التجربة. شهدتُ بنفسي مواقفه النبيلة، حين استنجدت به عبر رسالة على "واتس آب" لإنقاذ مريض حالته خطرة، تخلّى عنه مدير معهد السكر بلا مبالاة، فإذا باستجابة الوزير تأتيني قبل أن أرفع رأسي، تحرّك بنفسه، وتابع الحالة، وأعطى تعليماته الصارمة وكأنه واحد من أهل المريض لا وزير في دولة.
وفي موقفٍ آخر، ناشدته بخصوص سيدة في حالة حرجة، لم ينتظر ملفًا ولا تقريرًا ولا بروتوكولًا، بل لبّى النداء كأنّه طبيب طوارئ يقف أمام غرفة الإنعاش، لا وزيرًا يحمل على عاتقه حقيبة الصحة في دولة تتجاوز مئة مليون نسمة.
أما المفاجأة الأجمل، فلم تكن في سرعة الاستجابة فقط، بل في ذلك المشهد الذي لا يُنسى: وزير الصحة جالسًا على سُلَّم الوزارة، يحاور الصحفيين، يضحك تارة، ويشرح تارة، ويُجيب عن الأسئلة بكل رحابة صدر، دون حُرّاس، دون نظرات متعالية، دون "موعد سابق"، لم يتعامل مع الصحافة كعبء، بل كمرآةٍ تعكس نبض الشارع ووجع المواطن.
اختيار نابع من إدراك رئاسي عميق
لم يكن اختيار الرئيس عبد الفتاح السيسي للدكتور خالد عبد الغفار نائبًا لرئيس مجلس الوزراء للتنمية البشرية ووزيرًا للصحة والسكان اختيارًا عابرًا أو محض مصادفة، بل هو اختيار نابع من إدراك رئاسي عميق لقدرات رجل أثبت في كل المواقع التي شغلها أنه نموذج يُحتذى به في الكفاءة والانضباط والرؤية المستقبلية.
الدكتور خالد عبد الغفار ليس مجرد مسؤول يؤدي مهامًا تقليدية، بل هو عقل استثنائي قادر على تحويل أي منظومة إلى قصة نجاح، ورمز للعطاء المؤسسي المبني على العلم والتخطيط والدأب. منذ أن تولى وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، أحدث ثورة تطويرية غير مسبوقة، جعلت من الجامعات المصرية محط أنظار العالم، وربط البحث العلمي باحتياجات الدولة والمواطن، وفتح آفاقًا جديدة للتقدم.
واليوم، وهو يتولى واحدة من أصعب وأخطر الحقائب الوزارية في العالم، وزارة الصحة، يواصل الدكتور عبد الغفار ما بدأه، بإرادة لا تلين، وعقلية إصلاحية تستند إلى بيانات دقيقة وحلول عملية، واضعًا صحة المواطن المصري على رأس أولوياته، وساعيًا لتطوير القطاع الصحي برؤية متكاملة تشمل البنية التحتية، والخدمات العلاجية، وتدريب الكوادر، وتحقيق العدالة الصحية.
إن وجود الدكتور خالد عبد الغفار في هذا الموقع الرفيع هو مكسب حقيقي للدولة المصرية، ويُبرهن مجددًا على أن الرئيس السيسي يختار رجاله بعناية فائقة، ليكونوا على قدر التحدي، وصنّاعًا للفارق في بناء الجمهورية الجديدة.
هكذا يكون الوزير... وهكذا يكون الإنسان.
نعم، نحن نُشيد بالدكتور خالد عبد الغفار، ليس لأنه يُنقذ الحالات فقط، بل لأنه يُنقذ الثقة التي أوشكت أن تضيع بين المواطن والحكومة،يثبت في كل موقف أنه وزير بدرجة إنسان، ونموذج للقيادة القريبة من الشعب، البعيدة عن الأبراج العاجية.
ونتمنى من بعض الوزراء الذين يسكنون قصور المكاتب، ويحيطون أنفسهم بجدران الصمت، أن ينظروا لتجربة وزير الصحة، أن يفتحوا قنوات التواصل، لا أن يُغلقوها، أن يُنصتوا للصحفيين لا أن يتوجسوا منهم، فالصحافة ليست خصمًا، بل شريك في البناء والتنبيه والتصحيح.
تحية لوزير الصحة خالد عبد الغفار، لأنّه استثناء في زمن التنصل، ونموذج يُحتذى في زمن الترفع، نعم هو نموذج نادر لوزير لم تفسده المناصب، ولم تُغرِه الأضواء، وظلّ كما عرفناه دومًا، إنسانًا قبل أن يكون مسؤولًا، وقائدًا لا يرى نفسه فوق الشعب بل في خدمته، هذا هو الوزير الذي نبحث عنه، الذي يسمع قبل أن يُكلّف، ويتحرك قبل أن يُذكَّر، ويقترب من الناس قبل أن يقتربوا منه.
مرة أخرى تحية مستحقة للدكتور خالد عبد الغفار، الذي أصبح رمزًا لوزير يحمل قلب طبيب وضمير أب وهمة مقاتل، نريد من نسخته العشرات، ونرجو من البقية أن ينزلوا من أبراجهم ليروا الحقيقة كما يراها هو على الأرض، بين الناس، في صالات الاستقبال، وعلى سُلَّم الوزارة!