حين مشى ابن بطوطة وحده.. البداية التى غيرت خريطة الرحالة

في مثل هذا اليوم 13 يونيو من عام 1325، خرج شاب مغربي من طنجة دون أن يدرك أن قدميه ستطآن نصف العالم، وسيكتب اسمه في سجل العظماء كأشهر رحالة في التاريخ، وكان الشاب في الحادية والعشرين من عمره لم يكن يعلم أن تلك الخطوة الأولى، التي نواها "حجًا"، ستنقلب إلى ملحمة ممتدة لعقود، سيتنقل فيها بين قارات وممالك، من الحجاز إلى الصين، ومن تمبكتو إلى القسطنطينية، هو محمد بن عبد الله اللواتي الطنجي، والذى عرف بـ ابن بطوطة
كان الشاب التقى الورع، كما وصف نفسه في كتابه "تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار"، قد قرر أن يسلك طريقًا شاقًا إلى مكة المكرمة لأداء فريضة الحج، غير عابئ بأن رحلته ستستغرق سنوات من التيه والمغامرة والمعرفة.
الرحلة تبدأ.. حج وعلم وأسفار لا تنتهي
انطلق ابن بطوطة من طنجة دون أن يكمل دراسته، لكنه، ككثير من طلبة العلم في ذلك الزمن، جمع بين الرحلة وطلب العلم، بل جعل من العلماء والفقهاء الذين التقاهم في أسفاره زادًا فكريًا وروحيًا، يسعى للحصول منهم على "الإجازات" العلمية التي كانت آنذاك شهادة توثق رحلته العلمية والدينية.
وصل إلى مكة بعد أن قطع شمالي أفريقيا ومصر، ثم البحر الأحمر، ومنها إلى الشام وفلسطين، ثم العراق وبلاد العجم، فعاد إلى مكة ثانية وحج مرة أخرى، لكن شغفه بالاكتشاف لم يهدأ.
ما بعد الحج.. رحلة عمر لا تنتهي
بعد سنوات من التجوال في مكة، انطلق ابن بطوطة إلى جنوب الجزيرة العربية والخليج، ثم اتجه نحو شرق أفريقيا، وبعدها إلى آسيا الوسطى، ووصل إلى القسطنطينية، وهناك كتب مشاهداته عن المدينة التي كانت وقتها ملتقى حضارات وأديان.
لكن أبرز محطات رحلته كانت عندما أرسله السلطان محمد شاه في بعثة سياسية إلى الصين، فزار خلالها جزر المالديف، وسافر عبر جزيرة سيلان والبنغال حتى الهند الأقصى، ومنها إلى جزيرة سومطرة، ثم ظفار، فالعراق وبلاد الشام مرة أخرى.
أربعة حجات.. وعشرات المدن.. واسم خالد
لم يكن ابن بطوطة رحالة فحسب، بل حاجًّا متكررًا، زار مكة أربع مرات خلال أسفاره، وفي كل مرة كانت الرحلة تأخذ طابعًا مختلفًا، مرة للتعبد، وأخرى للعلم، وثالثة لإعادة التوازن الروحي بعد سنوات التيه في ممالك وسلاطين العالم.
عاد إلى فاس في المغرب عام 1350م (750 هـ)، لكنه لم يستقر طويلاً، فشد الرحال مجددًا نحو بلاد الزنج وتمبكتو ومالي، قبل أن يختم رحلته بالعودة إلى مراكش حيث عاش سنواته الأخيرة