بوابة الدولة
الخميس 6 نوفمبر 2025 09:07 مـ 15 جمادى أول 1447 هـ
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحريرصالح شلبي
مستشار التحريرمحمود نفادي
بوابة الدولة الاخبارية

الكاتب الصحفى أحمد جلال عيسى يكتب : تشريعات اللحظات الأخيرة… الحكومة تُحرج البرلمان والنواب يدفعون الثمن!

الكاتب الصحفى أحمد جلال عيسى
الكاتب الصحفى أحمد جلال عيسى

أسابيع قليلة فقط تفصلنا عن بداية ماراثون الانتخابات البرلمانية في مصر، بدءًا بانتخابات مجلس الشيوخ، يليها مجلس النواب، لنشهد نهاية فصل تشريعي وبداية فصل جديد من الحياة البرلمانية. ولكن ما كان يُفترض أن يكون مرحلة مراجعة للحصاد البرلماني، وفرصة لتهدئة الساحة السياسية،، تحوّل بفضل الحكومة إلى مسرح من التوتر والارتباك، بعد أن أقدمت على خطوة بدت للعديد من المراقبين غير مفهومة و هي إحالة حزمة من القوانين شديدة الحساسية إلى مجلس النواب في توقيت سياسي حرج، طالبة تمريرها على عجل، بينما النواب على أعتاب مواجهة انتخابية معقدة مع دوائرهم.

إن طرح مثل هذه التشريعات في لحظة النهاية، بلا حوار مجتمعي حقيقي أو نقاش عميق، هو تجاهل للضغوط المركبة التي يعيشها النائب، وللعواقب السياسية التي قد تنجم عن اتخاذ موقف تشريعي إزاء قضايا مثيرة للانقسام.

ربما لم يشعل قانون في السنوات الأخيرة جدلًا واسعًا كالذي أشعله مشروع قانون الإيجارات القديمة. فبينما يرى فيه البعض ضرورة لإصلاح تشوهات تاريخية، يراه آخرون مساسًا مباشرًا بحقوق ملايين المستأجرين من الطبقة المتوسطة والفقيرة.

ما فعلته الحكومة ببساطة هو أنها ألقت بكرة اللهب هذه في ملعب البرلمان، وطلبت منه البت فيها قبل إغلاق أبوابه، واضعة النواب أمام معادلة مستحيلة .. إن وافق النائب على إنهاء العلاقة الإيجارية القديمة، فقد ضمن تأييد الملاك، لكنه خسر دعم قطاع ضخم من المستأجرين، الذين سيتعاملون مع القرار باعتباره تهديدًا مباشرًا للاستقرار الأسري والاجتماعي .. وإن رفض، خسر دعم الملاك، الذين يرفعون منذ سنوات شعار “العدالة السكنية و استرداد ممتلكتنا ”. والمفارقة أن النواب حتى المتحمسين للإصلاح ، وجدوا أنفسهم عاجزين عن تقديم خطاب متوازن يرضي جميع الأطراف، والسبب ببساطة هو أن التوقيت لم يكن يسمح بإجراء حوار مجتمعي، ولا بإشراك القواعد الشعبية في النقاش ، لقد فُرض القانون على البرلمان فرضًا، في وقت كان ينبغي أن يُناقش فيه منذ ثلاث سنوات، لا في الأسابيع الأخيرة من عمره.

المبدأ المستقر في الحياة البرلمانيه المصريه ، هو أن الحكومة تُقدم أجندتها التشريعية في بداية كل دور انعقاد، وتلتزم بهيكل زمني واضح يسمح للبرلمان بأداء دوره التشريعي والرقابي على نحو متوازن، فما الذي يدعو الحكومة إلى تمرير قوانين مصيرية في شهر مايو، بينما البرلمان على مشارف المغادرة؟ لا توجد أزمة طارئة، ولا حالة ضرورة أمنية، ولا مستجد اقتصادي يفرض هذا الاستعجال، لذا، لا يبدو هذا الحراك الأخير سوى ارتباك في الرؤية، أو اختبار مقصود لقدرة النواب على الالتزام بتوجه الأغلبية.

المفارقة أن البرلمان الذي قدّم للسلطة التنفيذية دعمًا غير مسبوق طوال خمس سنوات، ومرر غالبية القوانين دون عرقلة، وجد نفسه الآن يواجه الشارع وحده. والنواب يُجبرون على خوض معارك انتخابية محتدمة وهم يحملون على أكتافهم عبء تشريعات شاركوا في صناعتها، ولم تُمنح لهم الفرصة الكامله لتاجيلها أو حتى مناقشتها بتأنٍ.

في العمل السياسي، التوقيت هو نصف القرار، بل أحيانًا هو كل القرار. وما فعلته الحكومة هو أنها اختارت التوقيت الأسوأ، ثم تخلّت عن شركائها في السلطة التشريعية، وألقت بهم في مواجهة غضب شعبي متصاعد.

المشهد يتكرر في قانون آخر ، تعديل قانون الرياضة. والذي كان يمكن أن يمر دون ضجيج، لو لم يتضمّن بندًا يُقصي عمليًا رئيس النادي الأهلي، الكابتن محمود الخطيب، من الترشح مجددًا لرئاسة النادي، عبر تطبيق شرط المدة القصوى (8 سنوات).

القانون سرعان ما تحوّل إلى ساحة صراع بين جمهورين، الأهلي والزمالك، وانتقلت المعركة من ملاعب الكرة إلى مقاعد البرلمان. النواب هنا في امتحان صعب أُمام اتخاذ مواقف حادة في توقيت غير مناسب، والشارع الرياضي نظر إلى كل نائب من منظور انتمائه الكروي لا البرلماني، وهو أمر كارثي لسمعة النائب داخل دائرته .

هكذا وجد البرلمان نفسه مجددًا في صدام مباشر مع قواعد انتخابية عاطفية، لا تحتكم إلى المنطق التشريعي، بل إلى الانتماء والعاطفة. فهل هذا هو دور البرلمان أن يكون متلقيًا لأزمات غير محسوبة، ومدافعًا عن قوانين مثيرة للانقسام دون أن يكون شريكًا حقيقيًا في صياغتها؟

كل هذه الفوضى التشريعية كشفت عن هشاشة البناء الحزبي في مصر. فباستثناء حزب “مستقبل وطن”، الذي يشكل الأغلبية العددية في البرلمان، لا يُمكن رصد تأثير فعلي لأي حزب آخر في الشارع أو في إدارة الجدل التشريعي.

حتى “مستقبل وطن”، ورغم انضباطه التنظيمي الظاهر، بدا متردداً في تبني كثير من القوانين، بل كان في مقدمة الرافضين لصيغة قانون الإيجارات القديمة، وعلّل ذلك بأنها غير عادلة، وتفتقر إلى التوازن. وهذا يعني أن الحكومة تُشرّع بعيدًا حتى عن أقرب حلفائها أما باقي الأحزاب، فقد اكتفت بالمراقبة، وتغيبت عن دورها الأساسي في شرح القوانين للشارع، أو في خلق حوارات موازية تضمن تقليل الفجوة بين النائب والناخب. لقد بدا المشهد وكأن الأحزاب في إجازة مفتوحة، تاركة النواب وحدهم في العاصفة.

ينتهي دور الانعقاد الأخير، لكن تداعياته لن تنتهي سريعًا. فالناخبون سيذهبون إلى صناديق الاقتراع وهم يتذكرون موقف كل نائب من هذه القوانين المثيرة للجدل. وحجم الحرج الذي وضع فيه البرلمان سيظل دليلاً على أن العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية تحتاج إلى إعادة نظر ، وإذا كان من درس يُستفاد من هذا المشهد، فهو أن التشريع الجيد يبدأ بتخطيط جيد، وتنتهي صلاحيته حين يُصاغ في اللحظة الأخيرة.

كاتب المقال الكاتب الصحفى أحمد جلال عيسى مدير تحرير جريدة الاهرام

موضوعات متعلقة

أسعار العملات

متوسط أسعار السوق بالجنيه المصرى06 نوفمبر 2025

العملة شراء بيع
دولار أمريكى 47.2962 47.3953
يورو 54.5514 54.6705
جنيه إسترلينى 61.9343 62.0973
فرنك سويسرى 58.5421 58.6939
100 ين يابانى 30.7938 30.8603
ريال سعودى 12.6100 12.6371
دينار كويتى 154.0090 154.3821
درهم اماراتى 12.8753 12.9058
اليوان الصينى 6.6424 6.6567

أسعار الذهب

متوسط سعر الذهب اليوم بالصاغة بالجنيه المصري
الوحدة والعيار سعر البيع سعر الشراء بالدولار الأمريكي
سعر ذهب 24 6085 جنيه 6030 جنيه $127.57
سعر ذهب 22 5580 جنيه 5525 جنيه $116.94
سعر ذهب 21 5325 جنيه 5275 جنيه $111.62
سعر ذهب 18 4565 جنيه 4520 جنيه $95.68
سعر ذهب 14 3550 جنيه 3515 جنيه $74.41
سعر ذهب 12 3045 جنيه 3015 جنيه $63.78
سعر الأونصة 189285 جنيه 187510 جنيه $3967.78
الجنيه الذهب 42600 جنيه 42200 جنيه $892.97
الأونصة بالدولار 3967.78 دولار
سعر الذهب بمحلات الصاغة تختلف بين منطقة وأخرى