الكاتب الصحفى محمود الشاذلى يكتب : فاليكن لنا فى إستشهاد فتيات المنوفيه عبره ، وليصمت حوارى الوزير .

الحق فوق القوة والأمة فوق الحكومة .. قفزت تلك المقولة المشهورة للزعيم الوطنى خالد الذكر سعد زغلول ، حيث أتابع تصريحات كامل الوزير بشأن حادث إستشهاد 19 من فتياتنا الأحباب بالمنوفيه ، خاصة فيما يتعلق بقوله " أنا مش مستقيل ، ومش حسيبها وأمشى ، أنا فيها لحد ماأموت " ، مشيرا إلى أن مصر تقدمت في مستوى الطرق لـ المركز الـ18 عالميا ، وأنه تم صرف 225 مليار جنيه على تطوير الطرق في مصر ، وذلك لأن مقولة الزعيم سعد زغلول تعبر عن مبدأ أساسي في الفكر السياسي ، وهو أن الحق والقانون يجب أن يسودا فوق أي قوة ، وأن سلطة الأمة (الشعب) هي المصدر الأساسي للشرعية ، وأن الحكومة يجب أن تكون خاضعة لإرادة الأمة ، أدرك تماما أن تلك الحادثه المروعه ليست الأولى ولن تكون الأخيره ، لكن كان يتعين على الوزير وكل الحكومه عدم الحديث بتلك المفردات التى تبدد ميراثا رسخه الزعيم سعد زغلول ، إنما دراسة أسباب تلك الحوادث ، وكيفية عدم تكرارها ، لا البحث عن مبرر لوقوعها والنغمه النشاز بإعتبار كل من يوجه نقدا للوزير ، أو للأجهزه المعنيه بالطرق والمرور بغية الوصول لموطن الخلل وإصلاحه ، أو حتى نقدا للحكومه ، أنهم مغرضين ملاعين وضد الدوله ، ولولا النقد الرائع والموضوعى الذى وجهه بالأمس المستشار حنفى جبالى رئيس مجلس النواب والذى يفكرنى بقيمة البرلمان عندما تشرفت بعضويته ، وذلك على خلفية مناقشة قانون الإيجارات القديمه ماأدرك كثر أن النقد مباح ، وأحد آليات النظم الديمقراطيه ، وأن نهج ليخرص الجميع ويعيشوا فى أوحال التردى ، والإهمال دون حتى صراخ ، يضر بالوطن أبلغ الضرر ، وكذلك إلصاق التهم بكل من ينتقد المتسببين فى وقوعها بالإهمال فى القلب منهم كامل الوزير بحكم مسئولياته الوظيفيه مع شديد إحترامى لشخصه الكريم ، ولم ينتبهوا أن هذا النهج يعظم الأخطاء ولايقضى على المشكلات .
أتعجب لماذا إمتعض الوزير من الذين عبروا عن كارثية ماحدث ، ووجهوا له النقد ، وطالبوه بتفسير مقنع لما حدث ، وكان عليه أن يدرك أن هذا حق مقرر لأبناء الشعب وأن يرد ويوضح ويعترف بالخطأ بحثا عن إصلاحه ، لاأن ندرك حمله منظمه لتحسين صورة الوزير بدل أن يتم طرح حلول ودراسة لأبعاد تلك الحوادث ، بل إن الوزير طرح مبررا لماحدث بأن الطريق يعود لثمانى سنوات سابقه ، وأن هذا الطريق يحتاج لـ 50 مليار جنيه لتطويره بنفس كفاءته مثل طريق السويس ، ولم يقل لنا ، أو من يتم إستخدامهم لتحسين صورته لدى الرأى العام أين تذهب الملايين التى يتم تحصيلها يوميا من الطرق عبر رسوم مقرره من خلال الكارتة المحصلة ، والتى يقوم عليها شركه متخصصه والمفروض أن تلك الحصيله تستخدم فى ترميم وتطوير الطرق ، لذا سيكون مؤلم إذا كانت تلك الملايين يتم توزيع أى نسبه منها كحوافز وبدلات على المحظوظين ، من أجل ذلك يبقى من الشفافية المطلوبه أن يكون هناك بيان يحدد بالضبط قيمة المبالغ المحصلة شهريا من تلك الكارته ، وأوجه إنفاقها .
لأن مصر عظيمه وبها رجال دوله بحق يدركون عظم المسئوليه ، ومواطنين شرفاء ، كان الحوار المحترم بين كل أطياف المجتمع فى محاوله لفهم أبعاد ماحدث فى إستشهاد الفتيات بالطريق الإقليمى ، ووضع ٱلية للحل ، وكان التصرف المحترم للواء إبراهيم أبوليمون محافظ المنوفية بتواصله مرارا وتكرارا مع كافة الجهات المعنية بشأن ضبط الطريق ورفع تقارير بحالته مدعومه بالصور إلى الجهات المختصه فى القلب منهم وزارة النقل صاحبة الولاية الحقيقية على هذا الطريق ، وكل الطرق ، الذى ليس لمحافظ المنوفيه وكل المحافظين ولاية عليها ، وكان يتعين أن تأخذ وزارة النقل هذه التقارير مأخذ الجد ، وكذلك تلقى اللواء إبراهيم أبوليمون واجب العزاء في شهداء حادث الطريق الإقليمي بقرية كفر السنابسة التابعة لمركز ومدينة منوف ، وزيارة مصابي الحادث بمستشفى الجراحات المتخصصة بشبين الكوم ، وذلك للاطمئنان عليهم والوقوف على حالتهم الصحيه .
خلاصة القول الأمر جد خطير لذا يتعين أن يتوقف المداحين ، والمبررين للحادث ، إنطلاقا من تبرأة كل المسئولين فى القلب منهم كامل الوزير ، وتحميل سائق التريلا ، وصاحبها المسئوليه كامله دون غيرهم من المسئولين ، لأن الخطأ وارد حتى من هؤلاء المسئولين ، بل ومن الطبيعى لأننا بشر ، لكن ينعت المسئول بأنه المتسبب فى هذا الخطأ لو أهمل ولم يتصدى لإصلاحه ، كما يبقى من الضرورى تنبيه المسئول بالأخطاء وفق أى ٱليه ، ومن الواجب أن ينتبه ، ولنا فى قول سيدنا عمر أصابت إمرأه وأخطأ عمر منطلقا لتلك الرؤيه ، والتى تشير إلى قصة تاريخية عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ، حيث إعترضت إمرأة على رأي له في مسألة فقهية تتعلق بالمغالاة في المهور، وأثبتت له خطأ رأيه بآية قرآنية ، فكانت قولته الشهيره تلك ، مع أننا لسنا المرأه القويه التى حاججت سيدنا عمر ، وليس الوزير وحوارييه سيدنا عمر ، وجميعا لسنا فى عصر الصحابه ، لكننا نأخذ من سير الأولين العبره ، بل قد نلتمس العذر لمرتكبى الحادث نفسه وإعتبار ذلك قضاء وقدر ، طالما حالة الطريق جيده ، وأن يكون معه رخصة قياده ، وغير متعاطى للمخدرات .
الكاتب الصحفى محمود الشاذلى نائب رئيس تحرير جريدة الجمهوريه عضو مجلس النواب السابق .