النائب احمد قورة يكتب: سماسرة القضايا.. باعوا فلسطين وخانوا مصر!”

هناك لحظات في التاريخ تختبر فيها الشعوب صدقها، وتُستدعى فيها المواقف لا الشعارات. ومصر – كما عهدناها – لا تخذل القضايا ولا تساوم على المبادئ. لكن الغريب أن بعض الأصوات، من خلف البحار والميكروفونات المأجورة، تُصر على خيانة الوعي، وتحوير الحقيقة، وتشويه المخلصين.
إلى أولئك الذين يذرفون دموع التماسيح على فلسطين عبر شاشات التحريض و"ترندات" ممولة.. كفى. كفى تضليلًا وكذبًا وتطاولًا على بلد لم تغلق بوابة من أبوابه يومًا في وجه عربي، ولم تساوم على عروبتها لحظة واحدة.
أين كانت ضمائركم حين تصدّى الرئيس عبد الفتاح السيسي، وبوضوح لا يحتمل التأويل، لمحاولات فرض التهجير القسري على الفلسطينيين؟! أكثر من سبعة وعشرين موقفًا موثقًا، على منصات دولية وقمم عربية، قالها الرجل صريحة: "لا للوطن البديل.. لا للتهجير.. لا لإضاعة الحقوق."
هل أزعجكم صوت مصر لأنها قالت "لا" حين صمت الجميع؟ هل أرهقكم موقفها لأنها قاومت الإغراءات والضغوط من أجل حق لا يُشترى ولا يُباع؟!
نحن لا نحتاج لمن يمنحنا صكوك الوطنية، ولا نطلب إشادة من متلونين، تارة مع القضية وتارة مع صفقة العصر!
مصر يا سادة، لم تكتفِ بالكلام. حين اجتمعت الشعوب العربية في العواصم، كانت القاهرة وحدها التي خرجت بمليونية شعبية حاشدة، تؤكد أن القضية في وجدان أبنائها لا على ألسنتهم. صوت واحد ارتفع من المآذن والكنائس ومن أفواه الصائمين في رمضان والمصلين في العيد: "اللهم انصر فلسطين".
أما الدعم الميداني، فمصر كانت ولا تزال أول من يرسل القوافل الطبية والإغاثية، وأول من يفتح ممراته للمساعدات، دون استعراضات جوية ولا شعارات فوق الأغلفة. فقط إنسانية خالصة من شعبٍ يعرف معنى أن تكون عربيًا بحق.
فلماذا إذًا تُحاصر سفارات مصر من حفنة مأجورين، بينما سفارات الاحتلال في الغرب تنعم بالهدوء؟! لماذا لا يحتشد هؤلاء أمام البيت الأبيض أو أمام مقر الأمم المتحدة؟! هل لأنهم يعرفون من يدفع رواتبهم ومن يحرك حساباتهم على المنصات؟!
مصر التي تحتضن اليوم ملايين الأشقاء من الدول العربية التي مزقتها النزاعات، لا ترد السائل، ولا تغلق الباب، ولا تسأل عن مذهب أو لهجة. مصر هي الوطن الذي إن ضاق العالم بأحد، وسّع له صدره.
لكن الخيانة اليوم ترتدي عباءة النضال الزائف.. والهجوم على مصر بات وظيفة يتكسب منها البعض، ويلمع بها اسمه في عالم "الناشطين".
يا هؤلاء.. المعركة ليست مع مصر. فمصر كانت وستظل قلب الأمة النابض، وسندها في الشدائد. المعركة مع المحتل، مع من ينتهك الأرض ويقتل الأطفال ويشرد الآمنين. فلتذهبوا إليه.. إن كنتم صادقين.
وأخيرًا، نقولها دون مواربة: مصر لن تُكسر، ولن تتراجع، ولن تتخلى. هي الرئة التي تتنفس بها الأمة، والخندق الأخير لكل من ظل متمسكًا بالعروبة والكرامة. فاختر موقعك.. إما مع الحق، أو في صفوف المأجورين.
كاتب المقال النائب أحمد قورة عضو لجنة النقل والمواصلات بمجلس النواب وعضو الهيئة البرلمانية لحزب حماة الوطن