النائب أحمد قورة يكتب مصر تفضح خونة فلسطين فى الا مم المتحدة

في لحظة مصيرية كان يُفترض أن يُظهر فيها المجتمع الدولي نضجه الأخلاقي، وأن ينحاز أخيرًا إلى صوت الحق، سقطت الأقنعة، وظهر الوجه القبيح لحلفاء الاحتلال، حين صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة على إعلان نيويورك بشأن التسوية السلمية للقضية الفلسطينية، والذي يدعو إلى وقف العدوان على غزة، والإفراج عن الأسرى، وإنهاء الاحتلال، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، ويؤكد على ضرورة تنفيذ حل الدولتين كسبيل وحيد للخروج من دوامة الدم.
في هذه اللحظة الحاسمة، صوتت 142 دولة لصالح العدالة، بينما اختارت عشر دول فقط أن تنحاز للقتل والتجويع والحصار، لتثبت للعالم أن هناك من لا يزال يرى في الاحتلال مشروعًا مشروعًا، وأن حقوق الفلسطينيين بالنسبة لهم لا تساوي شيئًا أمام حساباتهم السياسية القذرة، على رأس هؤلاء الولايات المتحدة التي لم تخف يومًا دعمها المطلق للاحتلال الإسرائيلي بكل جرائمه، فها هي تؤكد موقفها مرة أخرى بالتصويت ضد العدالة، وضد الإنسانية، وضد إرادة الشعوب الحرة، بجانبها وقفت إسرائيل، الدولة المجرمة التي تدوس على كل المواثيق الدولية، وتواصل مجازرها في غزة دون رادع، كما سارت خلفهم الأرجنتين والمجر وباراغواي وتونغا وناورو وبالاو وميكرونيزيا وبابوا غينيا الجديدة، هذه الدول التي باعت مبادئها بثمن بخس، وانضمت إلى محور دعم الظلم والمجازر، بلا خجل ولا اعتبار لصوت الضمير الإنساني.
لقد تحول التصويت في الأمم المتحدة إلى لحظة فرز حقيقية، فإما أن تكون مع حقوق الإنسان أو ضده، إما أن تكون مع دولة فلسطينية حرة ذات سيادة، أو أن تكون أداة في يد الاحتلال، إما أن تنحاز لدماء الأطفال التي سالت في شوارع غزة، أو أن تباركها بصمتك ومواقفك المخزية، وبينما خذل هؤلاء التاريخ، كان لمصر كلمتها، وكان للرئيس عبد الفتاح السيسي موقفه الواضح، الذي لا يقبل التفسير ولا التبرير، فمصر دعمت الإعلان الأممي بشكل كامل، وأكدت أن لا أمن ولا استقرار في المنطقة دون حل عادل للقضية الفلسطينية، وأن الدولة الفلسطينية حق أصيل غير قابل للتفاوض، وأن جرائم الاحتلال لن تُمحى بالصمت، ولن تُنسى بالمواقف الرمادية.
منذ اللحظة الأولى للعدوان على غزة، كانت مصر أول من بادر لوقف نزيف الدم، وفتح معبر رفح لإدخال المساعدات، واستقبلت الجرحى، ودفعت بكل قوتها الدبلوماسية من أجل وقف الحرب، لا تسعى لمكسب سياسي، ولا تركض خلف كراسي أو صفقات، وإنما تؤدي دورها التاريخي والأخلاقي تجاه القضية التي كانت وستظل في قلب كل مصري وكل عربي شريف، فالرئيس السيسي لم يكتفِ بالبيانات، بل قدّم موقفًا ميدانيًا، سياسيًا، إنسانيًا، يُحترم ويُكتب في صفحات التاريخ.
ما حدث في الأمم المتحدة لم يكن مجرد تصويت روتيني، بل كان لحظة فضح لكل المتشدقين بالحرية وحقوق الإنسان، من يُصوّت ضد حل الدولتين، ويمنع الشعب الفلسطيني من أبسط حقوقه، ويقف في صف القتلة، لا يستحق احترامًا ولا شراكة، بل يجب أن يُحاسب سياسيًا وشعبيًا وأخلاقيًا، إن الشعوب الحرة في كل مكان يجب أن ترفع صوتها عاليًا، لتقول لهؤلاء: كفى نفاقًا، كفى تواطؤًا، كفى تلاعبًا بالقانون الدولي.
لقد أثبتت مصر، مرة أخرى، أنها صمام أمان للمنطقة، وأنها تقود مواقفها من موقع المسؤولية التاريخية لا المصلحة العابرة، وأن الرئيس السيسي هو الصوت العاقل الصادق، في زمن باع فيه الكثيرون ضمائرهم، ولا يمكن أن نسمح بمرور هذا التصويت مرور الكرام، لأن التاريخ سيسجل من وقف مع فلسطين، ومن خانها في لحظة كانت الإنسانية كلها تراقب وتنتظر.